لماذا وإلى أين ؟

واقعة إمليل تخبرنا بضرورة التغيير وأن الإرهاب سلوك ثقافي

ياسين حكان*
واقعة أمليل تخبرنا أن ثمة إشكالات كثيرة ينبغي التعجيل في إيجاد حلول مناسبة لها وفعالة، فالتطرف والإرهاب بطبيعة الحال، هو سلوك ثقافي، وهو خير دليل على ما نعيشه من أزمات على مستوى الفكر والسلوك والأخلاق، ومن الواجب علينا أن نشتغل بجد ودأب على التصدي لمثل هذه السلوكيات التي تثير في واقعنا الرعب وتشعرنا بالخوف تجاه المستقبل، ومستقبل الأجيال الصاعدة التي صارت ضحية إعلام متخلف؛ إعلام يتصف بالرداءة ويقدم نماذج هشة لتكون مثالا يحتذى به، وفي سبيل تحقيق ذلك؛ لابد من تدخل كل الأطر المكونة للمجتمع من أسرة ومدرسة وإعلام ومجتمع مدني وسياسي.

وأن تكاثف الجهود هو الحل لمثل هذه الظواهر الاجتماعية حتى لا تكرر في المستقبل القريب، وحقيقة هذه الظاهرة هي ظاهرة اجتماعية بالأساس، ومن المنطقي أن نبحث عن حلول اجتماعية لها، وكما يقال:” لا يفل الحديد إلا بالحديد”، إذن لابد من إيجاد مقاربة اجتماعية ناجعة، وللأمانة فهذه الظاهرة لا تمت صلة لا بديننا الحنيف ولا بثقافتنا المحلية، حتى لا نقع في تجليد الذات، بدل البحث عن حلول مناسبة، فهي نتاج تدهور الأوضاع الأسرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتنبهنا بأن ثمة إرهاصات عميقة في ممارستنا لفعل التربية.

من هنا يتبين لنا أنه من الضروري أن نعيد النظر والتفكير في كيفية تربية أبنائنا، وأن نعمل جاهدين سواء كأفراد أو مؤسسات اجتماعية أو مجتمع مدني أو هيئات سياسية على تعبئة وتأطير الشباب والأخذ بأيديهم إلى بر الأمان: من خلال فتح فضاءات للتثقيف والترفيه، دعم النوادي المدرسية في تنظيم أنشطة هادفة للأطفال، ودمج فرصا لتشغيل للشباب العاطل؛ فالمئات من خريجي جامعاتنا ومعاهد التكوين لدينا لا يجدون وظائف للظفر بها كمصدر رزق لهم، وكمدخل لتحقيق حياة كريمة، بسبب كثرة العرض وقلة الطلب.

ولابد من تحريك عجلة الثقافة بتنظيم مهرجانات للاحتفاء بالثقافة ودعم الشباب الناجح، وفتح الأبواب لهؤلاء الشباب ليلجوا مراكز القرار وتمكينهم من الاستفادة من حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بدعم البحث العلمي وتشجيع الشباب على إيجاد فرص لتحقيق الذات، وتسهيل المساطر القانونية والإدارية لتمكينهم من بناء مشاريعهم الخاصة ودعم الاستثمار الداخلي بدل تشجيع الاستثمار الخارجي فقط، وينبغي أن يكون هذا الأمر بالتساوي وبالتوازي.

ومن الضروري أن يكون هؤلاء الشباب مسؤولين عن أفعالهم وسلوكيتهم وأن يكونوا النموذج والقدوة للأجيال الصاعدة، كما ينبغي أن نفك أزمة النخب السياسية والثقافية، المهترئة التي لا تكاد تحمل لا تعليم أكاديمي قوي ولا قيم إنسانية فعالة ولا النبل في شخصهم.

فالكثير من الشباب اليوم ساخط عن الوضعية، ويرمي بنفسه إلى الهلك، نظرا لأن الأحزاب والهيئات السياسية لم تؤدي دورها على أحسن وجه من خلال استقطاب وتأطير الشباب، ليس بهدف تمليكهم تلك المرجعية، بل بهدف تكوينهم ومساعدتهم على قطع أشواطا في التميز الشخصي والمهني، وسيكون ذلك ممكنا إن تدخل كل المختصين من شتى المجالات لفك أزماتنا الثقافية وأن يبدأ المرء بنفسه من خلال مراجعة للذات بهدف التحسين والتطوير، ومن ثمة سنصنع أجيالا قوية لا تقبل الأفكار الرجعية ولا التطرف في أبسط معانيه.

*مدرب مختص في تطوير الذات

–إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
عبد الله
المعلق(ة)
30 ديسمبر 2018 02:18

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاه والسلام على الرسول الامين محمد صلى الله عليه وسلم ،
اما بعد،
ان السؤال الجوهري الذي لمن نجرؤ على طرحه من المنظور الفلسفي او الذي لم ندرك اهميته ولم نستوعب دوره كحجر اساس ، في بناء اية حضاره على وجه الارض ، في ظل تضافر وتعاقب مفهوم الكونيه عبر الزمان ، وعلاقه هذا الاخير بمفهوم الهويه.
هذا السؤال الجوهري هو : من نحن ? واستبداله بسؤال من نكون ? باعتبار الهويه متغيره وغير ثابته عبر الزمان وفي الفضاء الواحد. ( فانسان القرن الواحد والعشرين ، ليس هو انسان القرن الثالث عشر ، فانسان القرن الواحد والعشرين راكم من الاحداث التاريخيه ما يجعله اكثر ثراء في غنى هويته من انسان القرن الثالث عشر.
والانسان الذي يعيش في فضاء المحمديه يختلف عن الانسان الذي يعيش في فضاء الدار البيضاء ، والانسان الذي يعيش في المغرب يختلف ان الانسان يعيش في السعودية ، والانسان الذي يعيش في فضاء الحضاره الاسلاميه يختلف عن الانسان الذي يعيش في فضاء الحضاره الغربيه…..الخ) ،
ان مشكلتنا نحن الشعوب الاسلامية و السبب الاساسي الذي جعلنا نسبح في بحور التخلف والفقر والجهل ، هو اننا لم نستطيع تقبل موقعنا الحقيقي في الكونيه الحاليه باللاوعي او المعانده ولم نستطيع الانفتاح على هذه المفاهيم الجديده لكونها مفاهيم اتت لحمايه الانسانيه بمفهوم جديده اطلق عليه الغرب اسم” الحداثه” .
فلهذا وجب علينا كمجتمع وكافراد وكدوله ذات تاريخ عريق مراجعة طريقه تدبيرنا للشان المحلي المقرون بالفهم الدقيق بوضع خطة دقيقة واقعيه عقلانيه ، لا تقوم على التنقيص بقدر ما تهدف الى معرفة مكامن الخلل لمعالجتها لغرض البناء ، وذاك بشكل مستعجل : ( بداعي الفائده ) .
ختاما،
يجب علينا كشعب ، يعيش في فضاء الحضاره الاسلاميه ، بقياده امير المؤمنين الملك محمد السادس نصره الله ، ان نعمل جاهدين كل من موقعه ، باخلاص ، للنهوض باوضاعنا الاجتماعيه و السير في طريق النمو ، وداك ممكن المنال ، بالاراده الحقيقيه لكل مكونات المجتمع ، عن طريق رؤيا مستقبليه للفضاء المغربي النموذجي الذي نامل ان يعيش فيه اولادنا بفخر انتمائهم لهذا الوطن العزيز : اساسه الاخلاق الحميده ، و نافدته الاحترام المتبادل بغض النظر عن مستوياتنا الثقافيه والاقتصاديه ، واعمدته المبادئ ، التاريخ و العلوم.

missa
المعلق(ة)
30 ديسمبر 2018 01:22

ما لا تعرفونه عن لعرايشي لهرايفي الذي خرب الإعلام العمومي وقيم المغاربة:
– رئيس الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة المغربية منذ 18 سنة
– رئيس قطب الإعلام العمومي بما فيه القناة الثانية منذ 18 سنة
– رئيس اللجنة الوطنية للألعاب الأولمبية
– رئيس الجامعة الملكية لكرة المضرب
– رئيس منتدب لمهرجان السينيما بمراكش..الخ
حلل وناقش…

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x