2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
قضية حامي الدين..الطواف السياسي للبيجيدي والتأثير على القضاء

ذ. محمد السعيدي
قام حزب العدالة والتنمية بإنزال كبير لقيادييه في بهو وباحة ومحيط محكمة الاستئناف بفاس، بالتزامن مع أولى جلسات محاكمة عبد العالي حامي الدين يوم الثلاثاء المنصرم، رافعين شعار سرياليا يصدح بالتحدي ” لن نسلمكم أخانا”، في خرق سافر للقانون وإمعان فاضح للتأثير على السلطة القضائية.
أكثر من ذلك، قام قادة الحزب ب”الطواف” على زعماء الأحزاب الأخرى، متأبطين مطبوعا من عدة صفحات بدعوى أنه صك براءة عبد العالي حامي الدين، وهو ما سارعت مؤسسة أيت الجيد بالرد عليه بأنه “عمل مستهجن يروم التأثير على القضاء والمساس بمجريات المحاكمة.”
إن مسألة إقحام الأحزاب السياسية في قضية جنائية ليس لها تفسيرات متعددة أو تأويلات مختلفة، وإنما هي محاولة لاستقطاب الأحزاب والمنظمات السياسية إلى ساحة القضاء، لإعطاء انطباع مغلوط مؤداه أن “القضية مدخلها سياسي وتصريفها قضائي”.
وهذه إساءة ليست للقضاء المغربي فقط، وإنما هي إساءة للمغرب ومؤسساته، وليست هي الإساءة الأولى من هذا النوع في مسار حزب العدالة والتنمية، الذي سبق لأتباعه بمدينة وجدة أن حاولوا الاستقواء بالسفارة الفرنسية على السلطات المغربية في قضية أخرى وسياق آخر.
ولم يختلط الأمر على حزب المصباح في هذه المسألة فقط، بل إن الوزير المصطفى الرميد أصبح ينشر بيانات حقيقة باسم وزارته ردا على اتهامات شخصية له، وكأنه “نابليون جديد” يحصر الدولة في شخصه فقط، غير مميز بين ما هو مرفقي وبين ما هو شخصي.
أكثر من ذلك، فإن الوزير أقحم مؤسسة النيابة العامة وجهاز الشرطة القضائية في ردوده الإعلامية، دون أن يكون مخولا أو منتدبا للحديث بلسان تلك المؤسسات والهيئات.
إن شعار” لن نسلمكم أخانا”، ليس مجرد هفوة لسان من جانب عبد الإله بنكيران أو من قادة حزب العدالة والتنمية، بالرغم من محاولات آمنة ماء العينيين تبرير ما لا يمكن تبريره في حمولة الشعار.
فهو أولا شعار بصيغة الجزم، الذي يحلف فيه الحزب بأغلظ الإيمان على عدم تسليم عبد العالي حامي الدين، الذي وصفوه بالأخ، في انتصار واضح للجماعة والرهط على المؤسسات والدولة على حد سواء.
وفي الأخير، نتمنى أن تنتصر العدالة على منطق الحزب والقبيلة، ونتطلع أيضا أن يقبل الجميع بأحكام القضاء، بعيدا عن التجادبات السياسية والصراعات الحزبية، لأن السياسي هو الذي يجب أن يعطي المثال والقدوة على احترام القانون والتقيد بأحكامه