2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

في خطوة استراتيجية جديدة، أعلنت مؤسسات أوروبية عن تمويل ضخم لمشروع ميناء الناظور غرب المتوسط، الذي يشكل ثاني أكبر ميناء مغربي على المتوسط بعد طنجة المتوسط. المشروع، الذي يقام بخليج الناظور على بُعد نحو 50 كيلومتراً فقط من مليلية المحتلة، يتوقع أن يبدأ نشاطه بحلول عام 2030، باستثمار إجمالي يصل إلى 730 مليون يورو، منها أزيد من 300 مليون ممولة مباشرة من بروكسيل.
التمويل الأوروبي وفق مصادر إعلامية إسبانية جاء عبر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، الذي ضَخّ لوحده 110 ملايين يورو في مارس الماضي، إضافة إلى قروض سابقة قاربت 200 مليون يورو خلال 2015 و2022. كما شمل الدعم المالي مساهمات مباشرة، منها 5 ملايين يورو لإطلاق المنطقة الحرة المستقبلية، و5,5 ملايين لتهيئة البنيات التحتية البيئية، بما فيها محطات المعالجة والإنارة المقتصدة للطاقة.
ميناء الناظور الجديد يطمح لمنافسة كبرى الموانئ الأوروبية، بطاقة استيعابية بين 3,5 و5,5 ملايين حاوية سنوياً، إلى جانب 25 مليون طن من المحروقات. غير أن إسبانيا تنظر بقلق إلى هذه الطموحات، خاصة أن الميناء المغربي يتوسع دون قيود بيئية صارمة كالتي تفرضها بروكسيل على موانئها، ما قد يمنحه تفوقاً تنافسياً واضحاً أمام موانئ الأندلس مثل مالقا، موتريل، ألميريا، وحتى ميناء الجزيرة الخضراء.
القلق الإسباني تضاعف مع تطبيق ضريبة الكربون الأوروبية (ETS) منذ 2024، التي تدفع عدداً من شركات الملاحة إلى تفريغ حاوياتها في طنجة لتجنب الرسوم، قبل إعادة شحنها نحو أوروبا بسفن أصغر وبكلفة أقل. هذا الالتفاف الضريبي منح المغرب موقعاً أكثر جاذبية بالنسبة لشركات الشحن العالمية، في حين يثير نقاشاً متصاعداً حول مدى عدالة توظيف الأموال الأوروبية في مشاريع لا تخضع لنفس المعايير البيئية المفروضة على دول الاتحاد.
من جهته، حذّر خيراردو لاندالوس، رئيس هيئة ميناء الجزيرة الخضراء، من تداعيات هذه الفوارق التنافسية، مؤكداً أن “من يسيطر على عمليات العبور يسيطر على سلاسل الإمداد العالمية”. وأعاد التذكير بأن تعزيز موقع ميناء الجزيرة الخضراء يتطلب استثمارات حقيقية في البنية التحتية، مثل مشروع الخط السككي نحو سرقسطة وتحسين الطرق الرئيسية، وهي مطالب قديمة يرى الفاعلون الاقتصاديون الإسبان أنها لم تحظَ بالاهتمام الكافي من مدريد.