2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

كشفت تحقيقات قضائية بإسبانيا عن فضيحة مدوّية بطلها شرطي كان يعمل بالمحكمة الوطنية في مدريد، حيث تبين أنه طيلة عقد كامل تورط في تسريب معلومات حساسة لبارونات مخدرات مغاربة ومحامين وشبكات إجرامية، مقابل مبالغ مالية ومزايا شخصية. وقد قررت السلطات تعليق مهامه وفتح مسطرة قضائية ثقيلة ضده تشمل عشرات التهم.
ووفق معطيات مسربة من التحقيقات التي أشرفت عليها وحدة الشؤون الداخلية بالشرطة الوطنية الإسبانية، نقلتها مصادر إعلامية إسبانية، فإن الشرطي خافيير لويس. م استغل منصبه للوصول إلى قواعد بيانات سرية تخص وزارة الداخلية، وأمدّ شركاءه بمعلومات عن مذكرات التوقيف والتحقيقات الجارية، ما تسبب في عرقلة عمليات أمنية وإفشال اعتقالات كانت مبرمجة. كما كشفت الرسائل الهاتفية المضبوطة بحوزته أنه كان يتلقى مقابلا ماديا منتظما مكّنه من اقتناء ممتلكات فاخرة بينها شقة وسيارة مرسيدس ودراجة نارية.
التحقيقات أظهرت أيضا أن الشرطي تعاون مع شبكة إجرامية معروفة يقودها بارون مغربي، متورط في تهريب المخدرات وتبييض الأموال عبر شركات واجهة. كما تبين أن محامية كانت بدورها على صلة مباشرة بالملف، حيث كانت تلجأ للشرطي لطلب استعلامات حول موكليها أو حول سيارات ومشتبه فيهم، وبعض هذه الاستفسارات انصبت على مركبات تابعة لشرطة مكافحة المخدرات نفسها.
الرسائل النصية التي جرى تحليلها كشفت عن مضمون خطير؛ إذ أرسل له أحد بارونات المخدرات رسالة يسأله عن وضعه القانوني ليجيبه الشرطي: “يمكنك السفر، لا يوجد أمر توقيف ضدك حاليا”، وفي مناسبة أخرى طمأنه قائلا: “اذهب إلى ألكوركون مطمئنا، ليس هناك أي متابعة ضدك هنا”. مثل هذه الردود سمحت لعدد من المطلوبين بالإفلات من الاعتقال والفرار إلى وجهات أخرى.
أما في ما يخص المحامية المتهمة، فقد أظهرت الرسائل أنها كانت تطلب باستمرار من الشرطي الاستعلام عن أوضاع زبائنها. في إحدى المحادثات كتبت له: “هل يمكنك التأكد إن كان هذا الشخص معتقلا أو إذا كان له شيء مسجل؟”، ليجيبها ببرود أنه تم توقيف المعني بالأمر من قبل الحرس المدني بتهمة تبييض الأموال. بل إنها كانت تطلب منه التحقق من لوحات سيارات مشبوهة، ليرد عليها بأن الأرقام تخص سيارات تابعة للشرطة أو فرقة مكافحة المخدرات (UDYCO)، وهو ما يشكل تهديدا مباشرا لسلامة العمليات الأمنية.
ولم يقتصر نشاطه على ميدان المخدرات، بل امتد ليشمل مصالح اقتصادية، إذ ارتبط اسمه بمجموعة “هافيسا” المتخصصة في قطاع المحروقات، حيث كان يتلقى راتبا شهريا غير قانوني مقابل تزويد مسؤوليها ببيانات حول شركات وأشخاص. كما كشفت التحقيقات تورطه في التلاعب بانتخابات غرفة التجارة بمدريد عبر تزوير وثائق رسمية، مقابل امتيازات مالية وهدايا مثل تذاكر مباريات وفعاليات رياضية.
وقد خلص المحققون إلى أن ممارسات الشرطي تشكل خطرا جسيما على الثقة في مؤسسات العدالة والأمن، معتبرين أن حجم الأضرار يتجاوز مجرد خرق للسرية، ليصل إلى مستوى تقويض جهود الدولة في مكافحة الجريمة المنظمة. وبناء على ذلك، يواجه المتهم لائحة ثقيلة تضم 44 تهمة تتعلق بكشف أسرار، و51 تهمة بخرق سرية إدارية، إضافة إلى تهم التزوير، والرشوة، وتبييض الأموال، والاحتيال الانتخابي.