2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
من القصر إلى السجن..قصص رؤساء عرب أسقطتهم شعوبهم

أطاحت رياح الربيع، قبل 7 سنوات، بالعالم العربي، برؤوس رؤساء عرب عمرو لسنوات فوق عروش أوطانهم قبل أن تثور ضدهم شعوبهم.
وانتقالاً بالمشهد الذي أعقب الثورات العربية أصبح هناك رئيس متهم، وآخر يمثل أمام القضاء، وغيره هارب من العدالة، فضلاً عمّن غيبته السجون فقضى في ظلمتها.
براءة “المخلوع” في مصر
في أعقاب ثورة شعبية سلمية انطلقت يوم 25 يناير 2011، دعت إليها معارضة ومجموعات شبابية عبر موقع التواصل الاجتماعي، ونجحت في إسقاط الرئيس المخلوع، محمد حسني مبارك.
لكن قبيل خلعه، وفي خضم التظاهرات، قمعت عناصر وزارة الداخلية الاحتجاجات السلمية، ما أسفر عن ارتكاب مجازر بحق المتظاهرين، إذ وصل عد القتلى إلى 840 قتيلاً و6467 مصاباً.
وبعد الإطاحة بمبارك وتولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد، تواصلت الدعوات الشعبية لمحاكمة الرئيس المخلوع بالجرائم التي ارتكبت خلال الثورة، وخصوصاً قتل المتظاهرين.
واستمر الضغط الشعبي إلى أن أعلن، في 11 أبريل 2011، بدء النيابة العامة التحقيق مع مبارك ونجليه علاء وجمال؛ بتهم تتعلق بالإضرار بالمال العام وقتل المتظاهرين.
في 3 أغسطس 2011، مثل مبارك في جلسة محاكمته الأولى أمام المحكمة، في سابقة هي الأولى من نوعها في العالم العربي؛ أن يمثل رئيس سابق أمام محكمة غير استثنائية.
وبعد 46 جلسة محاكمة، وتحديداً في 2 يونيو 2012، أصدر القاضي أحمد رفعت الحكم على مبارك بالسجن المؤبد في قضية قتل المتظاهرين، وبراءته من تهمة الفساد المالي.
وفاة اول رئيس مدني
كما أن الثورة المصرية أطاحت بنظام ديكتاتوري استمر في الحكم أكثر من 30 عاماً، فإنها جاءت في المقابل بأول رئيس مدني منتخب، وعلى أثرها اعتلى الرئيس الراحل، محمد مرسي، سدة الحكم في 2012.
وبدأت فترته الرئاسية في 24 يونيو 2012، مع إعلان فوزه في انتخابات الرئاسة، وتولّى منصبه في 30 يونيو من العام ذاته، بعد أدائه اليمين الدستورية، لكنه أزيح عن السلطة عقب انقلاب 30 يونيو 2013.
واعتقل مرسي منذ تاريخ الانقلاب عليه، وجرت محاكمته في 4 نوفمبر 2013، بعد توجيه عدة تهم إليه؛ من ضمنها “التخابر”، و”إفشاء أسرار الأمن القومي أثناء فترة رئاسته”.
وفي مطلع سبتمبر 2013، أحالت النيابة العامة مرسي إلى محكمة الجنايات، ووجهت له اتهامات بالتحريض على القتل وأعمال العنف خلال المظاهرات التي جرت أمام قصر الاتحادية، نهاية عام 2012.
وحسب تقارير إعلامية فقد رفض مرسي الرد على أسئلة المحققين، متمسكاً بكونه الرئيس الشرعي المنتخب للبلاد، وأنه لا يمكن محاكمته إلا بمقتضى أحكام الدستور.
وفي 17 فبراير 2015، أحالته النيابة العامة إلى محكمة عسكرية لأول مرة منذ بدء محاكمته، وبعدها بشهرين أصدرت المحكمة حكماً بالسجن لمدة 20 سنة، كما حُكم بالإعدام في قضية “الهروب من السجن” و”قتل المتظاهرين أمام قصر الاتحادية”.
وأثناء استمرار محاكمته في نفس القضية، توفي مرسي يوم 17 يونيو الماضي، فعقب رفع الجلسة أغمي عليه وفارق الحياة إثر نوبة قلبية حادة، بحسب ما تقول السلطات الرسمية، لكن جهات حقوقية دولية تطالب بتحقيق لكشف ملابسات الوفاة.
زين العابدين.. هارب من العدالة
شرارة الثورات العربية انطلقت من تونس، وتحديداً في منتصف يناير 2011، ونجحت بالفعل في إسقاط نظام الرئيس التونسي، زين العابدين بن علي، الذي فرّ هارباً إلى السعودية.
ووجد زين العابدين نفسه بعد ذلك مطلوباً للعدالة في تونس، إذ أُصدرت بحقه بطاقة جلب دولية؛ على خلفية اتهامه بالتورط في العشرات من القضايا، بينها القتل والتآمر ضدّ أمن البلاد، إضافة إلى سوء استخدام السلطة والاختلاس.
وبموجب هذه التهم أصدرت المحاكم العسكرية التونسية ضد بن علي أحكاماً بالسجن مدى الحياة، لكنها لم تنفذ حتى الآن بسبب عدم تسليمه من قبل السعودية.
وحكم القضاء العسكري التونسي عليه بالإعدام، في “محاكمة القرن” التي لا يزال يحاكم فيها غيابياً هو والعديد من مساعديه؛ بتهمة قتل المتظاهرين خلال ثورة “الياسمين” التي أطاحت به.
كما أنه يواجه أحكاماً بالسجن لمدة 50 عاماً، وغرامة بملايين الدولارات، بتهم الفساد، واستغلال النفوذ، وحيازة أسلحة وذخائر في القصر الرئاسي بالعاصمة تونس.
آخر المخلوعين يمثل أمام القضاء
ويتزامن التذكير بمحاكمة هؤلاء الرؤساء مع مثول الرئيس السوداني المخلوع، عمر البشير، أمام المحكمة، يوم الأربعاء (31 يوليو 2019)، بتهم تتعلق بالفساد وحيازة النقد الأجنبي.
فبعد أكثر من شهرين على إطاحة الجيش بالبشير على خلفية شهور عديدة من مظاهرات خرجت ضد حكمه الذي استمر ثلاثة عقود، أعلن النائب العام في البلاد، الوليد سيد أحمد، أن المخلوع سيمثل أمام المحكمة.
وقال أحمد للصحفيين: إن “البشير سيقدم للمحكمة بتهم الثراء الحرام وحيازة النقد الأجنبي”، مؤكداً أن التحقيق الذي تم فتحه ضد الرئيس المخلوع في هذه القضايا المذكورة قد استُكمل”.
في منتصف يوليو الجاري، نقلت وكالة الأنباء السودانية “سونا” عن مسؤول سوداني لم تسمه، أن من بين التهم التي يواجهها البشير “الكسب بطرق غير مشروعة، وإعلانه حالة الطوارئ”.
وقبل ذلك واجه الرئيس السوداني تهم “الإبادة الجماعية”، وارتكاب “جرائم ضد الإنسانية”، و”جرائم حرب في دارفور”، كما صدرت بحقه، في عامي 2009 و2010، بطاقات جلب من قبل المحكمة الجنائية الدولية، لكن ذلك لم يتم.
صدام.. حكم بالإعدام ونفذ
وبعيداً عن المحاكمات التي أعقبت سنوات “الربيع العربي”، تم توجيه الاتهام رسمياً من قبل المحكمة الجنائية المختصة في العراق إلى الرئيس الأسبق، صدام حسين، في 18 يوليو 2005، بضلوعه بعملية “إبادة جماعية” لأهالي بلدة الدجيل في عام 1982.
حاول فريق الدفاع مراراً قبل بدء الجلسات تأجيل المحاكمة لأسباب عزوها إلى عدم إعطائهم الوقت الكافى لمراجعة ملفات القضية، لكن هذه المحاولات فشلت.
هذا الأمر دفع منظمتي “هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية” إلى إبداء ملاحظات حول معايير المحكمة الجنائية المختصة التي قد لا ترتقي إلى مستوى المعايير الدولية، كما أبعدت الأمم المتحدة نفسها كلياً عن إجراءات المحاكمة.
وفي 5 نونبر 2006، أصدرت المحكمة الجنائية العراقية العليا قرارها القاضي بالإعدام شنقاً على صدام، وبعدها بشهر تقريباً ثبّتت الهيئة التمييزية التابعة للمحكمة ذاتها حكم الإعدام، وهكذا أصبح لزاماً على الحكومة العراقية تنفيذه.
وعند فجر يوم 30 دجنبر 2006، الذي وافق اليوم الأول من عيد الأضحى، نُفذ حكم الإعدام شنقاً في الرئيس العراقي، في حين بُثت مقاطع مسربة من عملية الإعدام على العديد من القنوات الفضائية.