2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

خرجت أفواج من المحتجين، أمس الجمعة 19 فبراير الجاري، في مدينة الفنيدق مطالبين بـ”فتح المعابر”، لإنقاذ المدينة من “سكتة اقتصادية” تهددها بمن فيها من الساكنة التي كانت تعيش لسنوات طوال على ما تُحَصله من “التهريب المعيشي”.
تظاهرات الجمعة هي الثلالثة على التوالي، وتأتي بعد الإفراج على المعتقلين الأربعة في احتجاج سابق بالفنيدق، والحكم عليهم بستة أشهر موقوفة التنفيذ، كما أن السلطات أظهرت مرونتها في التعاطي مع الاحتجاج الأخير بعدم التدخل لفضه، وعدم متابعة نشطاء آخرين، إضافة إلى عدم اتهام مباشر لجهات سياسية أخرى بالركوب على الأحداث أو افتعال الاحتجاجات.
وشكل تعامل السلطات المهادن مع احتجاجات الفنيدق ، مثار أسئلة عن أفق استراتيجية التعامل مع هذا الاحتجاج الذي يُلحُّ على راهنية مطلب “فتح المعابر، أو إيجاد حلول اقتصادية بديلة تنقذ الساكنة من “أزمتها الاجتماعية”.
تعامل ليس بجديد
ويرى رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عزيز غالي، أن “تعامل السلطات مع هذا النوع من الاحتجاجات ليس بالجديد، فالملاحظ أن من يدبر ملف الاحتجاجات في المغرب لديه نفس الاستراتيجية في التعامل، سواء مع الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد إلى طلبة الطب، ثم حراك الريف، وحراك جرادة”.
موردا أنه “يترك الأوضاع كما هي لمدة طويلة، في غياب إرادة فعلية للنزول والنقاش مع المحتجين من أجل إيجاد حلول دائمة وتجاوز الأزمة، بل يحاول تقطيع الوقت، والمراهنة على عامل الوقت”.
وأوضح غالي، أنه “بالرجوع إلى بعض المشاكل أو الاحتجاجات التي كانت مطالبها بسيطة، مثل طلبة الطب، كان يمكن حل جميع مشاكلهم بحوار واحد، فإذا بنا نعيش موجة حوارات رافقتها مدة طويلة مع الاحتجاجات”. “نفس الشيء مع حراك الريف”، يضيف غالي، “بقي لمدة 7 أشهر لتنطلق الاعتقالات بعدها”، موردا “أن احتجاجات الفنيدق تتجه لنفس طريقة التعامل مع احتجاجات الريف”.
من المستفيد من “تاكتيك” تمطيط الاحتجاجات
وأكد غالي في حديثه لـ”آشكاين”، على أن “الحكم بالحبس موقوف التنفيذ، مؤشر على أن الدولة لا تريد أن تصعّد من الآن”، معتبرا أن هذا “مجرد تاكتيك”، مشددا على أن “السؤال الذي يجب أن نطرحه هو: من المستفيد من تمطيط هذا النوع من الاحتجاجات وإبقاء البلد تحت الضغط؟، عوض إيجاد حلول مناسبة كما هو الحال بالنسبة للفنيدق”.
قفف بـ 50 درهم
“ففي غياب التصعيد السياسي من خلال التعامل الآني مع احتجاجات الفنيدق”، يضيف محدثنا مستدركا: “لا توجد أية حلول، سوى أن السلطات عملت على توزيع قففِ مساعدات بـ 50 درهما”، متسائلا: هل سنحل مشكل مدينة مأزومة بقفة 50 درهم؟”.
مؤشرات على أزمة اجتماعية عميقة
واسترسل رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بقوله إن “الإحصائيات الموجودة في المنطقة تؤشر على أن هناك أزمة اجتماعية عميقة في الفنيدق وفي المنطقة ككل، فعندما نسمع أن 9 آلاف أسرة لم يعد لديها مدخل رزق، و600 بقال أغلق، فهذه أزمة كبيرة”. موردا أنه “بالحديث عن 600 بقال التي أغلقت، دون الحديث عن من كانوا يعيشون على التهريب المعيشي، فهل يمكننا أن نحل مشاكلهم بقفة 50 درهما”.
غياب إرادة واضحة
وتأسف المسؤول الحقوقي نفسه، عن “غياب إرادة سياسية واضحة لإيجاد حلول دائمة في المنطقة”، مؤكدا على أن ما يقع في الفنيدق لا يجب أن نراه بشكل معزول، فهو نتاج وضع لمنطقة الشريط الممتد من المضيق الفنيدق إلى الناظور”.
مشيرا إلى أن “الناظوريون يعيشون نفس الوضع، فرغم أنهم لم يخرجوا للاحتجاجات، ولكن المدينة اقتصاديا واجتماعيا تعيش نفس وضع الفنيدق، فقط لأن الناظور بها عدد كبير من الأسر تعيش من التحويلات المالية للجالية الموجودة بالخارج”.
ضرورة اتخاذ قرار مركزي
وخلص المتحدث إلى أن “هذا المحور بأكمله يجب إعادة النظر فيه من أجل إيجاد حلول، كما هو الحال لاحتجاجات الفنيدق، وجب أن يكون هناك حوار جاد مع المحتجين، وليس حوارا من أجل الحوار فقط”، مشددا على أن نزول الوالي أمس للاستماع للمحتجين بالفنيدق ليست هي المرة الأولى التي يتعامل فيها هذا الوالي مع احتجاج بتلك الطريقة إذ أنه معروف بنفس التعامل في مناطق أخرى”، مؤكدا على أن “مشكل الفنيدق يلزمها قرار مركزي من أجل إيجاد حل للمنطقة ككل”.