لماذا وإلى أين ؟

الخارطة الانتخابية ما بعد القاسم الانتخابي الجديد (خبير)

تسود حالة من الترقب السياسي لما بعد المصادقة النهائية على القاسم الانتخابي على أساس المسجلين بعدما تمت المصادقة عليه من قبل مجلس النواب الجمعة المنصرم، وهو ما جعل الآراء تتداول حول الخريطة الانتخابية المقبلة.

وشكل القاسم الانتخابي بحلته الجديدة تأييد كل الأحزاب فيما عارضه حزب العدالة والتنمية لوحده، ما خلف حالة من التراشق والاتهامات، في من يعتبر أن هذا النمط الجديد “إجهاز على الديمقراطية، وآخرون يعتبرونه “إحقاقا للتعدية الحزبية وحفاظا على تمثيلية الأحزاب الوطنية التي تحولت إلى أقلية”.

أحزاب كبرى ستتأثر بالقاسم الجديد

وفي هذا السياق، أوضح المحلل السياسي والخبير في القانون الدستوري، محمد زين الدين، أن “تأثير القاسم الانتخابي الجديد على أساس المسجلين سيكون متعددا، إذ سيظهر ذلك على مستوى الخارطة الانتخابية”.

وأكد زين الدين، في حديثه لـ”آشكاين”، أن “هذا التأثير سيهم الأحزاب السياسية الكبرى خصوصا، وأعني بذلك كلا من العدالة والتنمية، الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال، ثم التجمع الوطني للأحرار، وإن اختلفت درجة التأثير من حزب لآخر”.

وشدد الخبير في القانون الدستوري نفسه، على أن “كل حزب لديه خصوصية على حدة، وهو ما يبرر حجم التفاوت في تأثير القاسم الانتخابي الجديد عليه، خاصة وأن هذا القاسم سيتم احتسابه على أساس المسجلين وليس على أساس الأصوات الصحيحة، كما كان معمولا عليه إلى غاية انتخابات 2016”.

صعوبة لدى البيجيدي

ويرى زين الدين أن “هذا الأمر سيؤدي إلى صعوبة لدى البيجيدي الذي يتمركز في ما نسميه الأحواض الانتخابية الكبرى، كمدن الدار البيضاء، مراكش فاس، سلا، وغيرها، إذ أنه مثلا في مدينة سلا كان البيجيدي يحوز على 4 مقاعد، بينما في حال هذا القاسم الانتخابي الجديد لن يستطيع ذلك وسيحصل على مقعد واحد فقط”.

“لأن توزيع المقاعد على أساس عدد المسجلين سيؤدي إلى ما ذكرناه”، خاصة، يضيف محدثنا “إذا كان مقرونا بما يسمى “أكبر بقية” وهي المسألة التي تخدم مصالح الأحزاب الصغرى، في حين أن أقوى المعدلات تكون لصالح الأحزاب الصغرى”.

مثال لتبسيط الضرر والمنفعة

واسترسل زين الدين شارحا: “أن المغرب يعتمد التمثيل النسبي مع أكبر بقايا، فمثلا إذا أخذنا دائرة انتخابية بها 100 ألف من الساكنة، ففي النظام القديم كنا نعتبر القاسم الانتخابي على أساس الأصوات المعبر عنها، بدون احتساب ألأصوات الملغاة والمتنازع عنها، واعتبرنا أن الأصوات الصحيحة في حالتنا هذه هي 40 ألف، وقسمناها على عدد المقاعد التي نفترض أنها 4 مقاعد، فسيصبح القاسم الانتخابي على أساس المسجلين هو 10 آلاف”.

مضيفا أنه “كلما حصلت اللائحة الانتخابية لكل حزب على هذا القاسم، كلما حصلت على مقعد في دائرتها وكلما ضاعفته مرتين تحصل على مقعدين إلى أن نصل إلى 4 مقاعد، أو 5 أو 3 أو اثنان حسب الدائرة الانتخابية”.

“فإذا أخذنا حزبا حصل على 12 ألف صوت وآخر حصل على 8 آلاف، بالتالي فالحاصل على 12 آلاف سيحصل على مقعد واحد وسيبقى لديه ألفا صوت كبقية، فيما اللائحة التي حصلت على 8 آلاف ستحصل على 0 مقعد ونحتفظ لها بالبقية التي هي 8 آلاف، ونعتبر أن هناك لائحة ثالثة حصلت على 7 آلاف صوت، ستحصل بدورها على 0 مقعد كذلك ونحتفظ لها بالباقي الذي هو 7 آلاف”.

أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء؛ محمد زين الدين

وتابع وين الدين أنه “وبالعودة إلى 4 مقاعد لهذه الدائرة الانتخابية والذي اعتمدناه في هذا المثال، سنجد أن حزب واحدا هو الذي حصل على مقعد واحد فقط، وسنرجع إلى قاعدة الأكبر بقايا، وسنعطي للحزب الذي حصل على 8 آلاف مقعد، ثم الذي يليها أي الذي حصل على 7 آلاف، وبهذا الاعتبار حتى الأحزاب التي لم تحصل على أصوات كثيرة ستحصل على مقعد”.

ومن جهة الأحزاب الكبيرة، خاصة العدالة والتنمية، يستطرد المحلل السياسي نفسه “إذا اعتمدنا الخارطة الانتخابية لسنة 2016، فإن العدالة والتنمية سيفقدون 27 مقعدا في الانتخابات المقبلة، لأنه حصل على 125 مقعدا برلمانيا في الانتخابات السابقة منها 30 مقعدا حصل عليها بهذه الطريقة، إذ أن بنكيران في سلا مصلا أخذ معه 4 مقاعد، بينما مع القاسم الانتخابي الجديد يستحيل عليه تحقيق ذلك.

غياب الاستقرار البرلماني والحكومي

وأورد المتحدث أنه “وفي نفس الوقت هذا القاسم الانتخابي الجديد سيؤدي إلى مرور الأحزاب السياسية الصغرى، وهو ما سيؤدي إلى غياب الاستقرار البرلماني والحكومي، ولكن في نفس الوقت سيحقق لنا مسألة أساسية، إذ أن جوهر الاقتراع بتمثيل نسبي هو إيجاد تمثيلية عادلة لمختلف الأحزاب السياسية كبيرها وصغيرها، وبالأخص الأحزاب الصغرى”، مشددا على أنه في الأدبيات الدستورية نلجأ للتمثيل النسبي كي تحظى الأحزاب الصغرى بتمثيلية، وإلا فسنلجأ للأغلبية المطلقة أو ألأغلبية النسبية”.

وذكر المحلل السياسي نفسه أن” هذا الأمر حدث في الجمهورية الفرنسية وخلقت لهم مشاكل، وكذلك في إيطاليا إلى بداية التسعينيات وهم يعتمدون هذا النمط، وهذا لا يعني أن هناك نمط نموذجيا، فكل واحد له إيجابياته وسلبياته”.

القاسم القديم لا يعبر عن صناديق الاقتراع

وعزا زين الدين اختيار هذا النمط باعتماد القاسم الانتخابي الجديد كون “الدولة ذهبت في اتجاه التعددية الحزبية، وهذا النمط يهدف لتحقيق قاعدة رئيسية في القانون الدستوري، وهي التشجيع على إيجاد تمثيلية عادلة ومتوازنة لمختلف التنظيمات السياسية”.

وأوضح زين الدين أن “النمط القديم الذي كان فيه اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المصوتين  لا يعبر صراحة على صناديق الاقتراع، إذ أنه مثلا في الانتخابات المنصرمة نجد أن البيجيدي حصل على مليون و600 ألف مكنه من الحصول على 125 مقعد في البرلمان، بينما وفدرالية اليسار حصلت على 160 ألف حصلوا على مقعدين فقط، وهو ما يظهر غياب العدالة الانتخابية في هذا المثال”.

وخلص الخبير في القانون الدستوري، محمد زين الدين في نهاية حديثه لـ”آشكاين”، إلى أن “هذا النمط الجديد أو غيره، لا علاقة له بإجهاض للديمقراطية أو الدستور كما يدعي البعض، وإنما هي من قواعد التنافس الديمقراطي، وأي حزب يري من خلالها حجم الخسارة والربح من تحقيق أحدها، وهي عملية تخضع إلى العقل الرياضي الدقيق جدا”، لافتا إلى أن “كل دولة تعتمد نظاما انتخابيا خاصا بها، وسنجد فيه إيجابيا وسلبيات، وكل حزب سياسي عندما يدافع عن هذا النمط دون آخر، فهو يدافع من منطلق ربحه وخسارته”.

أحمد الهيبة صمداني – آشكاين 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
اليزيدي
المعلق(ة)
9 مارس 2021 16:56

الاستاذ المحترم ،زاد من تعقيد التحليل أو الشرح،فغالبية المغاربة لايفهمون ذلك،وخاصة أنه أعطى أمثلة “تقنية” ،وأقول له بشكل واضح وصريح،أولا _ذوي القرار يريدون زحزحة حزب “لانبة” ،ثانيا_حزب “لانبة” عمر في السلطة “عقد من الزمن” ،وانتهت “أسطوانته” المبنية على الايديولوجية”الكهنوتية”،تالثا_
ذوي القرار شعروا_أخيرا_ بان الغالبية لاتصوت ،ولا تهمها الانتخابات لعدة اعتبارات_لامجال للخوض فيها_،لذلك غيرت من “تكتيك العملية” ،باتجاه حل سهل وهو:”احتساب القاسم الانتخابي”على أساس المسجلين وليس على أساس “المصوتين” ،لان الذين يصوتون هم “أقلية” تناصر “التوجه الديني” لحزب لانبة”،ولايتعدى عددهم مليون وستمائة ألف،فيمنح الفوز لهذا الحزب،لان الغالبية من المسجلين لاتصوت،وحتى “الملزمين ” بالتصويت،تعتبر ورقتهم ملغاة،اما أنهم لايعرفون رموز اللائحة،واما لعدم اختيارهم لاي رمز من رموز المترشحين(الاحزاب)،وأم الوزارات وخبراءها ،فهموا “خطة موريدو حزب لانبة” ، ولكنهم تأخروا لان هذا الحزب سيطر على مفاصل الدولة ،اذ كان هدفه “اخوانجية” المجتمع برمته…

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x