لماذا وإلى أين ؟

ماذا سيجني المغرب من فتح معبر بري جديد مع موريتانيا؟

يتجه المغرب إلى تعزيز منافذه إلى عمق القارة الإفريقية عبر فتح شريان حدودي جديد، من خلال إنشاء خط ربط بري بينه وبين موريتانيا انطلاقا من مدينة السمارة وصولا إلى مدينة الزويرات الموريتانية.

وبقدر ما يشكل التفكير في هذه الخطوة تقدما ملحوظا وتمددا مجاليا جديدا للمغرب، لبسطا السيطرة على المناطق المغربية الحدودية العازلة مع موريتانيا والجزائر، بقدر ما يشكل تحديا أمنيا وعسكريا كبيرين في تأمينه، نظرا لقربه الكبير من مناطق عبور عناصر جبهة البوليساريو، إضافة إلى أن هذه المنطقة شهدت، في سبعينيات القرن الماضي، مناوشات بين الجيش المغربي وعناصر مسلحة من جبهة البوليساريو.

ويرى المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، عصام العروسي، أن “المغرب بعد تأمينه لمعبر الكركارات أصبح الهاجس المشترك بينه وموريتانيا هو تأمين المنطقة الشرقية، خاصة أن موريتانيا تعتبرها منطقة عسكرية وأمنية وتقوم في هذا الإطار بالتنسيق مع المغرب لتأمينها وفتح معبر بري”.

وأوضح العروسي، في تصريحه لـ”آشكاين”، أن الهدف “الاستراتيجي الثاني، هو تأمين منطقة وركزيزس، حيث سيحقق العديد من الأهداف الاستراتيجية أهمها الهاجس الجيوسياسي ومحاولة التعاون الأمني مع موريتانيا، إذ أن المغرب يحاول أن يعطي إشارة على وجود تنسيق أمني مع موريتانيا خصوصا في هذه المنطقة التي تعتبر منطقة هشة، ويحاول المغرب أن يسيطر عليها حتى لا تقوم البوليساريو بضربات استباقية في هذه الجهة”.

وأكد محدث “آشكاين” على أن “المؤشرات الحالية تؤكد أن الصراع العسكري ما بعد تأمين منطقة الكركارات سينتقل إلى هذه المنطقة الحدودية في الجهة الشرقية في الحدود مع موريتانيا”.

وشدد العروسي على أن “الزويرات من أهم المدن الموريتانية، وجعلها منطقة عسكرية خالية، يدل على أن موريتانيا تستوعب هذه الرسالة من قبل المغرب، وربما سنشهد تحرشات جديدة من قبل جبهة البوليساريو مدعومة بالجزائر، إذ أن المغرب يحاول من الناحية الجيوسياسية تغطية هذه المنطقة، ومن الناحية العسكرية يعد فتح هذا المعبر تقدما وضربة استباقية”.

ولفت المتخصص في العلاقات الدولية نفسه، الانتباه إلى أن “فتح هذا المعبر الجديد له منافع اقتصادية، إذ سينضاف إلى معبر الكركارات، وسيشكل معبر الزويرات نقطة أساسية في تنشيط عجلة الاقتصاد في المنطقة، وأيضا لإعطاء إشارة بأنه لا يوجد أي مشكل في المنطقة، ولا يوجد أي تواجد عسكري من غير القوات الملكية المسلحة، التي أعطت درسا بليغا للجزائر وصنيعتها البوليساريو من خلال أحداث الكركارات”؛ مؤكدا على أن “المغرب سينهج نفس سيناريو الكركارات، ويتجه لتحقيق هذا الفوز في ملف الصحراء المغربية”.

بالتالي فإن هذا سيشكل اتنصارا جيوسياسيا جديدا، وانتصار عسكري مغربي جديد بمحاولة نسف كل المناوشات التي تقوم بها البوليساريو على هذا الصعيد، وحتى من الناحية الاقتصادية، فوجود معبرين على الحدود الموريتانية سيتيح العديد من المعاملات”.

وأردف العروسي أن لهذا المعبر الجيدد أهمية أمنية أيضا، من خلال محاربة الجماعات الإرهابية خاصة أن المغرب دخل في هذه الشراكات مع الولايات المتحدة الأمريكية، عسكرية واقتصادية، ترجع إلى سنة 2015، علاوة على شراكات مع دول أخرى بالاتحاد الأوربي.

موردا أن المغرب يطلق إشارات قوية على أنه سيعمل على تأمين هذه الجهة، وهي ورقة يستعملها المغرب لإنجاح كل مخططاته في ما يتعلق بالصحراء المغربية، حتى يفرغ كل طموحات البوليساريو، ويبقي على منفذ واحد هو مبادرة الحكم الذاتي، وأي احتمال لنقاش سياسي مستقبلي تحت مظلة الأمم المتحدة، رغم أن هذا الاحتمال أصبح ضعيفا نسبيا لأن الأمم المتحدة لم تستطع كسر هذا الجمود الذي ساد هذا الملف.

مشيرا إلى أن “المغرب يقوم بتنفيذ سياسة الأمر الوقع، بإحياء هذه الشراكات القوية وتأمين هذا المعبر المستقبلي، سيعتبر مدخلا أساسيا للمغرب لتحقيق كل هذه الأهداف، إذ أن المغرب يتمدد في إطار تحسين الخط الدفاعي إلى منطقة وركزيس على الحدود الموريتانية، وأظن أنه يحاول التمدد على بعد 50 كيلومترا من منطقة اتيفاريتي إلى أمكالة”.

واعتبر العروسي، في نهاية حديثه لـ”آشكاين”، أن “هذا التوسع مهم جدا، وذلك استكمالا لما حققه المغرب في منطقة الكركارات، ويدخل في إطار تحصين المناطق الحدودية، إضافة إلى القرب من الحدود الجزائرية بـ3 كيلومترات”.

مردفا أن “المغرب سيحاول سد جميع الثغرات على البوليساريو، إذ أن هذه المنطقة ليس مسموحا للبوليساريو العبور منها إلا بعد الموافقة الجزائرية، والمغرب باقترابه من هذا المكان سيتمكن من الكشف عن التنسيق بين الجبهة والجزائر، فإذا كان هناك تنسيق بينمها فستسمح القوات الجزائرية لعناصر البوليساريو بالمرور، وهو ما يعني أن هناك مواجهة مباشرة مع البلد الجار”.

أحمد الهيبة صمداني – آشكاين 

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x