لماذا وإلى أين ؟

لماذا لم يفتح تحقيق مع مسؤولين كبار خرقوا حالة الطوارئ على غرار الحندوي؟

سارعت النيابة العامة بإقليم الحسيمة، إلى فتح بحث في مضمون تدوينة على “الفاسيبوك” منسوبة لرئيس جماعة لوطا؛ المكي الحنودي، رخص عبرها للسكان بالتجول بالمناطق التابعة للجماعة القروية وارتياد المقاهي من الفطور إلى الساعة الحادية عشرة ليلا خلال شهر رمضان.

واعتبر بلاغ صادر عن وكيل الملك لدى المحكمة الإبتدائية بالحسيمة، أن ما أقدم عليه الحنودي “يجرمه القانون”، ويتمثل ذلك في “تحريض الغير على مخالفة قرارات السلطات العمومية المتخذة في إطار حالة الطوارئ الصحية”، وقرر فتح بحث عهد بإنجازه إلى المركز القضائي للدرك الملكي بالحسيمة”، مضيفا “وفور انتهاء البحث سيتم ترتيب الآثار القانونية على ضوء نتائجه”.

تحرك النيابة العامة لفتح تحقيق في مضمون تدوينة الحنودي، يطرح أكثر من علامة استفهام بخصوص كيفية تفاعل هذه المؤسسة مع مجموعة من الأحداث، خاصة تلك المتعلقة بمخالفة قرارات السلطات العمومية المتخذة في إطار حالة الطوارئ الصحية، حيث أن ما أقدم عليه رئيس جماعة لوطا لا يرتقي إلى مستوى ما أقدم عليه رئيس جماعة العيون ومسؤولين سياسيين كثر.

ولد الرشيد ونشر الوباء بالعيون

في الوقت الذي استنفرت فيه المملكة المغربية كل مؤسساتها من أجل محاربة تفشي فيروس كورونا بين الشعب المغربي. نظم منسق حزب الاستقلال بالجهات الجنوبية الثلاث ورئيس المجلس الترابي للعيون؛ مولاي حمدي ولـد الرشيد، أكبر تجمع خطابي يوم السبت 12 دجنبر الماضي بساحة المشور بمدينة العيون، “احتفالا” بالإعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء.

التجمع الخطابي الذي حضره قرابة 30 ألف شخص من ساكنة العيون، نظم في الوقت الذي أكد فيه عالي الهواري، المدير الجهوي للصحة بجهة العيون الساقية الحمراء، أن “الجهة شهدت ارتفاعا مهولا لحالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد”، ورغم ذلك لم يتم فتح أي بحث أو تحقيق في هذا الحدث السياسي الذي لا يمكن لأحد أن ينكر بأنه يشكل خطرا على صحة المواطنين هناك.

الأدهى والأمر فيما سبق، هو أن القيادي بحزب الاستقلال؛ حمدي ولـد الرشيد، خرج للرد على الإنتقادات الموجهة له على خلفية تنظيمه للحدث، حيث قال “نظمنا تجمعا حاشدا وسط العيون في زمن فيروس كورونا، لأن الوطن أغلى من كل شيء”، مشددا على أن الانتقادات الموجهة له مجرد “هضرة خاوية”، معتبرا أن كلام المنتقدين “مسوس”، وأن “الزمن مر عليهم”، مشيرا إلى أن “الله سيحفظ الجميع من كل داء”. ولا أحد تحرك حينئذ.

شباط ونشر الوباء بفاس

مخالفة حزب الاستقلال لقرارات السلطات العمومية المتخذة في إطار حالة الطوارئ الصحية لا يقتصر على ولد الرشيد رئيس جماعة العيون، بل حتى الامين العام السابق للحزب ورئيس جماعة فاس سابقا البرلماني؛ حميد شباط، أسهم بقسط وفير في هذه المخالفات التي تشهد عليها الصور والفيديوهات المنتشر في جل صفحات “الفايسبوك”.

ومنذ عودته إلى المغرب بعد سنوات من الهجرة، شرع شباط في تحركاته السياسية التي يقوم بها داخل مدينة فاس التي كان يترأسها دون احترام التدابير الاحترازية الموصى بها من طرف السلطات الصحية، مهددا بتحويل العاصمة العلمية إلى بؤرة لانتشار فيروس كورونا المستجد.

وبالرغم من أن حميد شباط يقوم بحملة انتخابية قبل الآوان دون احترام التدابير الوقائية من “كوفيد ــ19”، بحيث أنه لا يحترم مسافة الأمان ولا يرتدي الكمامة ويحضن المواطنين الذين يقبلون للسلام والحديث معه، ويشرف على تنظيم لقاءات واجتماعات متتالية. إلا أنه لحدود اللحظة لم تتحرك السلطات المعنية لفتح بحث حول الصور والفيديوهات المنتشرة هنا وهناك.

حزب الأحرار ونشر الوباء بالداخلة

الأمر لا يقتصر على حزب الاستقلال، فحزب التجمع الوطني للأحرار كذلك له نصيب في مخالفة قرارات السلطات العمومية المتخذة في إطار حالة الطوارئ الصحية، حيت أقدم على تنظيم تجمع خطابي بمدينة الداخلة “احتفـالا” بالاعتراف الأمـريكي بمغربية الصحراء، وصف بـ”أكبر تجمع خطـابي في الأقاليم الجنوبية”.

التجمع الخطابي الذي احتضنته ساحة الحسن الثاني بمدينة الداخلة يوم الخميس 17 دجنبر الماضي، عرف حضور قيادات حزب “الحمامة”، في مقدمتهم وزير العدل السابق؛ محمد أوجار، ووزير الشباب والرياضة السابق؛ رشيد الطالبي العلمي، وشهد خرقا سافرا للتدابير الصحية الموصى بها من طرف وزارة الصحة.

الحدث السياسي التجمعي، جاء في الوقت الذي تتعالى فيه أصوات الأطر الصحية والنقابيين بالجهة تحذيرا من خطورة الوضع الصحي، خاصة مع استمرار تفشي فيروس كورونا على مستوى الجهة، وحضره الآلاف من المواطنين؛ ما يشكل خطرا على صحة الجميع بالمدينة والجهة ككل. ورغم ذلك لم يتم فتح أي تحقيق ولم نسمع عن أي بحث بالرغم من الخرق الواضح والبين للقانون.

وزير العدل ونشر الوباء بالراشيدية

الامثلة في خرق الاجراءات والتدابير المواصى بها من طرف السلطات عديدة، وتشمل المسؤولين في مختلف المستويات. لكن أن يكون وزير في الحكومة التي تدعو المواطنين يوميا لاحترام التدابير المختلفة من كمامة وتباعد وغيرها، يكون من بين أول الخارقين لهذه الدعوات، فهو فعلا أمر غريب. والحديث هنا عن وزير العدل؛ محمد بنعبد القادر، عن حزب “الوردة”.

فبدون كمامات أو تباعد اجتماعي، وأمام أنظار السلطات المحلية والإقليمية بالراشيدية، استقبل أعضاء حزب الاتحاد الاشتراكي، محمد بنعبد القادر، وزير العدل، في مراسيم بروتوكولية “ملكية”، حضر فيها تقبيل اليد والتمر والحليب والزغاريد، في خرق لحالة الطوارئ الصحية التي تعرفها المملكة المغربية، احتفالا يا حسرة بـ”فوز” حزب “الوردة” بالمقعد البرلماني الشاغر عن الدائرة الانتخابية لإقليم الرشيدية.

ففي أوج حرب المغرب على وباء كورونا، وزير من حكومته يقيم احتفالات وصفت بـ”الملكية” بدون كمامات ودون تباعد جسدي ودون احترام حالة الحظر الليلي الذي يبدأ بكل أرجاء المملكة عند التاسعة ليلا. وبالرغم من ذلك لم يتم فتح تحقيق في ذلك ولم تتدخل السلطات لتوقيف الوزير. لكنها تدخلت لتوقيف الشيخة “الطراكس” حينما كانت “ناشطة” داخل منزلها مع “صويحباتها”.

على سبيل الختام

الوقائع أعلاه تؤكد بالدليل والبرهان مخالفة الأحزاب السياسية المذكورة قرارات السلطات العمومية المتخذة في إطار حالة الطوارئ الصحية، وهو خرق قانوني. كما تخالف هذه الأحزاب مضمون بلاغاتها الرسمية التي تدعو من خلالها المواطنين إلى احترام التدابير الوقائية من فيروس كورونا، وهو خرق يمكن أن نسميه “أخلاقي”، خاصة أن المواقف الصادرة في البلاغات هي إلتزام بين التنظيم الحزبي والمواطنين.

وأمام ما سبق ذكره، سيتساءل المواطن المغربي عن سبب عدم متابعة قيادات حزب الاستقلال؛ حمدي ولد الرشيد وحميد شباط، وقيادات حزب التجمع الوطني للأحرار؛ محمد أوجار ورشيد الطالبي العلمي، فيما تم فتح تحقيق في مضمون تدوينة “فايسبوكية” منسوبة لرئيس جماعة قروية مغمورة تابع لحزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية؟

المقالة أعلاه ليست دفاعا على رئيس جماعة لوطا؛ المكي الحنودي، وليست نكاية في ولد الرشيد وشباط أو تحريضا ضد أوجار والطالبي العلمي أو بنعبد القادر. إنما دفاعا على مصداقية المؤسسات وعلى القانون الذي يسري على الجميع؛ مواطنين كانوا أو مسؤولين، منتخبين أو معينين، مشهورين أو مغمورين.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
كاتب متخصص في فضح دناءة الموظفين بالمغرب
المعلق(ة)
14 أبريل 2021 05:07

تحية وتقدير للموقع على هذه المواجهة لسياسة الحكرة والكيل بالمكيالين..الغريب في هذا الإستطلاع/الكشف هو عدم متابعة مسؤول اتحادي(وزير العدل) بخرقه لحالة الطوارئ الصحية، في الوقت الذي توبع فيه مسؤول اتحادي، ربما لم يخرق القانون إذا ما كان قد اتخذ قرارا إداريا بشأن إعلانه لجماعته بالخروج وفتح المقاهي، باعتباره رئيس جماعة يخول له القانون التنظيمي للجماعات 13/114 المادة 100 باتخاذ هذا القرار! بل وإضافة إلى خروقات السياسويين، من الرشيد حتى أوجار، فحتى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان باركت في بلاغها المتضامن مع الأساتذة المتعاقدين، باركت احتجاجهم بالرغم من منعه بقرار حكومي، دون أن تطالها ما طال الحنودي! ماذا اريد أن أقول؟ أن قرار الحنودي تعلق بالناس الضعفاء المهمشين بالمغرب ولم يتعلق بالدعايات الإنتخابوية..ما يعني أن قوانين الزجر تتحرك ضد البسطاء والضعفاء والمحرومين المعزولين من كل سلاح التضامن والتنسيق النقابي والحقوقي والنخبوي..وتنحصر قوانين الزجر عنهم فقط عندما يتعلق الامر باستيمالتهم للتجمهر الإنتخابوي، أي عند استعمالهم..!

اليزيدي
المعلق(ة)
11 أبريل 2021 08:22

الاسماء التي ذكرها التحليل”الصحفي”والمنتمية الى هيئات حزبية سياسية،_فعلا خرقت حالة الطوارئ_،ولكن ذلك تم بمباركة الدولة التي _بتغاضيها عن الامر ،رخصت لتلك التظاهرات_،التي تحمل حمولات “دعائية” يسعى من خلالها المنظمون الى ابراز قدرتهم”القواعدية”،لتذكير “أم الوزارات” ،بأنهم لازالوا “طامعين” في منصب سامي معين ،مع اقتراب “الانتخابات” ،كما أن “تظاهرة العيون” استثنائية ،تدخل في خانة ،خدمة القضية الوطنية،أما بشأن رئيس جماعة لوطا،فتدوينته_قانونيا_دعوة الى تمرد وعصيان يخالف قرار الدولة،وكأنه يرأس “جماعة تغرد خارج السرب” ،وهو توجه “مرفوض البتة” ،لاننا سنؤسس لدولة داخل دولة بالمفهوم “الترابي” ،ثم ان محتوى تدوينته يحمل نوعا من”التحدي”،وقد يفتح المجال ل”مخالفين”كثر،ولذلك يجب ان نخضع لقرارات الدولة،مهما كانت الدرائع،لان الازمة”الصحية”أزمة عالمية،وعلينا جميعا التضامن،واتباع الاجراءات الاحترازية المطلوبة ،وقد تمكننا من الخروج من”الجائحة”بأقل الخسائر…

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x