2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

تعيش مدينة الفنيدق على وقع “هروب” جماعي لقاصرين وشباب بشكل شبه يومي من الواقع المعاش، والذي “ضاعف استمرار إغلاق المعابر من معاناة هذه الفئة وأسرهم”، وهو ما عبروا عنه في احتجاجات متتالية لهذه المدينة.
الفنيدق التي نادى عشرات الحقوقيين بإنقاذها من “السكتة الاقتصادية” قبل فوات الأوان، في عريضة سابقة وجهتها شخصيات سياسية وحقوقية مغربية إلى الحكومة المغربية لتدارك الوضع، محذرين في الوقت نفسه من كون هذه المدينة عبارة عن “قنبلة موقوتة” يمكن أن “تنفجر في وجه المسؤولين عن الوضع الذي وصلت إليه”.
فبعد الفيديو المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام الإسبانية، والذي يوثق لهجرة جماعية للعشرات سباحة إلى سبتة المحتلة “هربا” من واقعهم المجتمعي إلى “ضفة تحقيق الأحلام” كما يعتبرونها، أعاد الأصوات المنادية بتحديد “من المسؤول عن الوضع الذي وصلت إليه الفنيدق؟” إلى واجهة النقاش.
غياب العقلية التنموية لدى المسؤولين
ويرى المحامي ورئيس جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان، الحبيب حاجي، أن “المسؤول عن هذا الوضع بالدرجة الأولى هي السلطات المُعَيّنة والمنتخبة، لأن الجهتان ليست لديهما عقلية تنموية، فهم أناس يعرفون فقط تعقيد المساطر وعرقلة طلبات المواطنين وإدخالهم في دوامات الإجراءات من أجل سلبهم الرشاوى”.
موردا “نحن في المغرب نعاني من المسؤول صانع القرار التنموي، والذي يفترض فيه أن يكون إنسانا مثقفا ويعرف ما معنى التنمية وحقوق الإنسان ولديه اطلاع واسع، كي يستطيع تحقيق التنمية، فنحن لدينا مجرد إداريين فقط ليست لديهم تلك الثقافة المطلوبة في حقوق الإنسان والفكر وغيره”.
“مَالين الشكارة” الأميين
وأوضح حاجي، في حديثه لـ”آشكاين”، أن “هناك مسؤولية أخرى للنخب الحزبية، والتي أُفرِغت من السياسيين والمناضلين، فأصبحت الأحزاب ترشح فقط الأعيان “مالين الشكارة” الأميين، فلم تعد لدينا هياكل حزبية وسياسية بها مناضلين ومثقفين يعرفون ما معنى حقوق الإنسان، ليتمكنوا بعد دخولهم للمجالس البلدية من أداء بعض المعارضة، وحتى من صعد من هؤلاء الأحزاب تجد أن الأميين منهم يشترون الشواهد المدرسية بدفع الرشاوى”.
“فلا نجد مراقبة حزبية للأعضاء، فتحولت القيادات الحزبية في الفنيدق إلى مجرد سماسرة بين المسؤولين في البلدية والمواطنين، فلم تتبق أحزاب سياسية بل أصبحت أحزاب ‘ تسَمْسِير’ “، يضيف حاجي.
غياب مراقبة السواحل
وأردف محدثنا قائلا: “هناك عامل آخر أسهم في ما وصلت إليه الفنيدق، هو غياب مراقبة صارمة على السواحل، بحيث تسمح السلطات بهذا النوع من الهجرة سباحة، إذ أن ضعف المراقبة يظهر جليا بعد هذا العدد الكبير من المهاجرين دفعة واحدة نهاية الأسبوع المنصرم”.
المسؤول الأول عن الوضع
وشدد حاجي على أن “المسؤولية مشتركة بين من ذكروا سلفا، إذ أن مدينة الفنيدق تعتبر من أغنى المدن وتتوفر على سيولة مالية كبيرة، فلو أعطي التسيير للجمعيات فقط لأصبحت من أغنى المناطق”، موردا أن “المسؤول الأول هو عامل المضيق – الفنيدق الذي لم يعين رؤساء أقسام مسؤولين مثل قسم التعمير والمصالح القروية إذ لا نجد سوى العرقلة”.
ولفت حاجي الانتباه إلى أن “مدينة الفنيدق تشهد عددا كبيرا من أحداث عرقلة المشاريع والبناء دون موجب حق”، مشيرا إلى أن “الفنيدق حاليا لا وجود فيه لعمارة تبنى أو مشروع قيد الإنجاز، مؤكدا على أن “المحاكم الإدارية تشهد عددا كبيرا من دعاوى توقيف الأشغال والغرامات وبالإنذارات الفارغة”.
واسترسل رئيس جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان، بالقول إن “النخب السياسية والحقوقية متذمرة الآن، لأنها قامت بمجموعة من المبادرات، لكن لا حياة لمن تنادي، فحتى عندما أرادت السلطات الجلوس مع الإطارات المدنية والسياسية في إطار التشاركية، لا نعلم لحدود الآن من هي الجهات التي تم استدعاؤها، فمثلا نحن في الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان لم يتم استدعاؤنا نحن وعدد من الإطارات المعروفة في المنطقة”.
دور إغلاق المعابر في الوضع
وأكد حاجي على ان “المعابر لها دور كذلك في هذا الوضع”، مشددا على أن “فتح المعابر لا يجب أن يكون في وجه السلع المهربة، بل للعمال النظاميين القاطنين في تطوان والفنيدق ومارتيل، المشتغلين في مقاهي ومطاعم ومعامل سبتة، كما أن فتح هذه المعابر يجب أن يكون في وجه السبتاويين من مغاربة وإسبان ليتمكنوا من الدخول في أيام السوق، بحكم أنهم يخرجون لتسوق الخضر والفواكه والملابس من كاستيخو بشكل كبير جدا وبالعملة الصعبة”.
مشددا على ضرورة “فتح المعابر مع اشتراط منع إدخال أية سلعة من السلع المهربة، فلا بأس أن تدخل البضائع التي يقتنيها الأشخاص للاستهلاك اليومي، إذ أن التهريب يدمر الاقتصاد الوطني واقتصاد المنطقة ويدمر الصحة العامة، حيث أن الأمراض الكبيرة مثل السرطان تدخل من تلك المواد المهربة والمنتهية الصلاحية والمزورة التاريخ”.
تراتبية المسؤوليات
وخلص حاجي إلى أن “موضوع إغلاق المعابر يمكن أن يأتي كرابع أو خامس سبب في الوضع الذي تعيشه مدينة الفنيدق”، مؤكدا على أن “السبب الرئيس هو عقلية المسؤولين المعينين والمنتخبين”.
وحمل رئيس جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان، الحبيب حاجي، في نهاية حديثه لـ”آشكاين”، المسؤولية “أولا للمُعَيّنين لأنهم سلطات وصاية على المنتخبين، وهم القادرين على تفعيل المنتخبين، فإذا كانت السلطان المُعَيّنة ذكية تنمويا لقامت بتحريك السلطات المنتخبة وفق البرامج التنموية، لكن عمالة المضيق الفنيدق ‘زيرو عقلية’ في التنمية فلا نجد غير التضييق”.
أحمد الهيبة صمداني – آشكاين