لماذا وإلى أين ؟

الحُسَيْني يعدد الخطوات الآتية بعد البلاغ الناري للمغرب تُجاه إسبانيا

تتصاعد شرارات توتر العلاقات بين إسبانيا والمغرب بعد التبريرات المتكررة للجارة الشمالية لاستقبالها لزعيم جبهة البوليساريو بدواعي إنسانية، وهو ما دفع المغرب إلى تغيير لهجته ومواجهة إسبانيا بخطئها الدبلوماسي في احترام حقوق الجيران والشركاء الاستراتيجيين.

تصعيد لهجة المغرب بدا جليا في نبرة بيان وزارة خارجيته التي عبرت صراحة على أن ما قامت به إسبانيا هو عن “سبق إصرار”، وهو ما يحمل دلالات بوزن ثقيل في أعراف الدبلوماسية للعلاقات الدولية.

حيث اعتبرت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن قرار السلطات الإسبانية بعدم إخطار نظرائها المغاربة بوصول زعيم ميليشيا “البوليساريو” “ليس مجرد إغفال، وإنما عمل مع سبق الإصرار وخيار طوعي وقرار سيادي من قبل إسبانيا، وهو أمر يقره المغرب تمامًا، وسوف يرسم كل العواقب”.

وقالت ذات الوزارة في بلاغ لها  ردا عل تصريحات مسؤولين إسبان حاولوا تبرير عمل جاد يتعارض مع روح الشراكة وحسن الجوار، (قالت) إن “التذرع بالاعتبارات الإنسانية لا يبرر هذا الموقف السلبي في الواقع”، مشددة على أن “الاعتبارات الإنسانية لا تبرر المناورة من وراء ظهور الشريك والجار”.

هذا التشنج في العلاقات الإسبانية والمغربية ينذر بتطورات محتملة مفتوحة على جميع الواجهات قد تصل إلى سحب السفراء أو حتى قطع العلاقات فيما بين الجانبين على غرار ما وصل إليه حال العلاقات المغربية الألمانية.

وفي هذا السياق، يرى أستاذ العلاقات الدولية، تاج الدين الحُـسَـيْــني أن “كل الاحتمالات تبقى مفتوحة بالنسبة للمستقبل، لأن الوضع أصبح يتميز بنوع من الخصوصية على مستوى تشنج في الموقف الإسباني، لأنه في السابق كان الأمر متعلقا فقط بموقف الجهاز التنفيذي، واليم أصبح يتعلق حتى بالجهاز القضائي”.

وأوضح الحُـسَـيْــني، في حديثه لـ”آشكاين”، بأنه “كانت هناك أنباء صدرت عن كون إبراهيم غالي مطلوب استدعاؤه للتحقيق، وحتى قبل هذا التاريخ كانت هناك أنباء بخصوص هذا الموضوع تم توقف فيه البحث، علما أن المسألة لا تهم فعلا جرمية واحدة أو أشياء محددة، بل هناك لائحة طويلة من الاتهامات غير العشوائية، إذ أن المشتكين معروفون وشكاياتهم موضوعة لدى القضاء الإسباني بكيفية رسمية لدى النيابة العامة، إذ هناك سيدة تتهمه الاغتصاب وخرجت بوجه مكشوف للإعلام”.

وذكر الحُـسَـيْــني بشكاية “الناشط الصحراوي المنشق عن البوليساريو الفاضل ابريكة الذي اعتقل في مخيمات تندوف لمدة خمسة أشهر دون محاكمة، إضافة إلى حالات إبادة في خرق مفضوح لقواعد القانون الدولي الإنساني، إضافة لحالات تصفيات معروفة للمعارضين الصحراويين، علاوة على وجود شكايات كثيرة في هذا الباب تتكاثر منذ 2007 لدى القضاء الإسباني”.

“وأن لا يقوم القضاء الإسباني بالتحقيق في هذه القضايا، وأن لا يصدر قرار المتابعة، ولا يأمر بإحضار غالي بعد أن علم وجوده رسميا في إسبانيا، يبرر استعمال وزارة الخارجية المغربية كلمة “سبق الإصرار” في بيانها الأخير حول تبريرات إسبانيا”؛ يسترسل المتحدث نفسه.

وبين الخبير في العلاقات الدولية نفسه، أن “كلمة سبق الإصرار لها معناها واضح في القانون الجنائي لا المغربي ولا الإسباني، وهي تعني أن هناك تواطؤا مكشوفا بين مرتكب الفعل  الأساسي والمساهمين معه، وتثبت كذلك أن هناك سوء نية مبيتة في تنفيذ تلك الأفعال، والأكثر من ذلك تثبت تكرار تلك الأفعال واستمرارها، إذ هناك جريمة تقع مرة واحدة وانتهى كل شيء، ولكن هذه جريمة مستمرة”.

وشدد محدثا على أن “استمرار هذه الجريمة لا يتعلق فقط بعدم تقديم هذا الشخص للقضاء، بل يتعلق كذلك بأفعال يعاقب عليها القانون الجنائي الإسباني، وهي التزوير واستعماله، حماية شخص يقوم بأعمال إجرامية وعدم تسليمه، انتحال شخصية أخرى والموافقة على ذلك”.

واستغرب الحسيني من “هذا النوع من التحامل الذي تم بطلب من الرئيس الجزائري وبمباركة من السلطات الإسبانية، حيث أعطي لإبراهيم غالي اسم محمد بطوش وبجواز جزائري، ويتم الأمر بكيفية سرية إلى أن تفضح الصحافة ما حدث، فهذا في حد ذاته أعمال ذات طبيعة جنائية في جميع الأحوال”.

وذهب أستاذ العلاقات الدولية نفسه، في حديثه لـ”آشكاين”، إلى أن “بيان الخارجية المغربية الأخير، يريد أن يرتب نتائج على ما حدث، إذ يعتبر أن السلطات الإسبانية واعية بما فعلت، واعية بما مارسته عن سبق الإصرار، وأن المغرب سيسجل هذا في حساباته”.

واستبعد الحسيني “إمكانية قطع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا بعد هذه الأحداث أو أن يقوم المغرب بدعوة سفيره  في إسبانيا على غرار ما وقع مع ألمانيا للتشاور وبعد التشاور يمكن أن تستمر هذه الوضعية لفترة معينة “.

وأبرز أستاذ العلاقات الدولية نفسه، أن “دعوة السفير للتشاور لا تعني قطع العلاقات في الأعراف الدبلوماسية، لأن القائم بالأعمال بالنيابة يحل مباشرة محل السفير في تنفيذ جميع المعاملات الدبلوماسية التي تبقى عادية”.

“وإذا ما وقع استدعاء السفير المغربي في اسبانيا للاستشارة”، يضيف الحسيني “فلا أعتقد أن يكون بمثابة تمهيد لقطع العلاقات، لأنه بين البلدين من العلاقات الإستراتيجية في مستويات عليا ما يمنع أيا من الطرفين للوصول إلى هذه النتيجة، وحتى إذا بلغ السيل الزبى ووقع ذلك، فقد يكون لفترة انتقالية محددة دون أن تكون له أبعادا كبيرة”.

وأرجع المتحدث نفسه سبب عدم قطع العلاقات إلى “كون إسبانيا المتعامل التجاري الأول مع المغرب وهي ثالث مستثمر في التراب المغرب، وهناك حوالي 600 او 700 شركة إسبانية مستثمرة في المغرب، وهناك جالية مغربية كبيرة في إسبانيا، والأخيرة تتعامل مع المغرب في إطار دخول ملايين القادمين من البلدان الأوربية عبر الحدود بين البلدين، وهناك مشكل سبتة ومليلية، الهجرة السرية، الصيد البحري”.

وخلص محدثنا إلى أن “إسبانيا قد تتضرر أكثر مما قد يحدث من قطيعة مع المغرب، فلنتصور لو منع المغرب قوارب الصيد الإسبانية من الصيد في السواحل المغربية، فسيشكل ذلك ضربة قوية لإسبانيا، لأن هناك قطاعا كبير في إسبانيا سيحتج بشكل كبير على الحكومة الإسبانية، وهذا مجال واحد فقط مما يمكن أن يتضرر، إضافة إلى إغلاق الحدود على سبتة ومليلية، وتسريح المهاجرين من جنوب إفريقيا ووصولهم إلى إسبانيا، وهذا شيء يمكنه أن يقع لأن المغرب يكاد يلعب دور الدركي في المنطقة لحماية الشواطئ الإسبانية عن بعد، وبالتالي فكل هذه التفاعلات لا أظن أنها ستفضي إلى قطع العلاقات بين الطرفين”.

أحمد الهيبة صمداني – آشكاين 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
حنظلة
المعلق(ة)
9 مايو 2021 18:21

نحن لدينا صحفيين معتقلين منذ عدة شهور بدون محاكمة…
على النظام أن ينظف بيته قبل اتهام الآخرين…
الحل أمام الأعداء هو تقوية الجبهة الداخلية!!

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x