لماذا وإلى أين ؟

الحُسَيْني يُبرز أهمية تقرير غوتيريش لتسوية ملف الصحراء المغربية

أصدر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريتش، تقريره السنوي حول ملف الصحراء المغربية، والذي خلص إلى جملة من التوصيات تتعلق بالحلول المقترحة من أجل الوصول إلى حل سياسي لإنهاء الصراع المفتعل.

ووضع غوتيريش في تقريره شرطا ضمن حزمة توصياته حول الملف مفاده “مشاركة جميع الأطراف بحسن نية”، علاوة على أنه فنّـد في عدد من الفقرات ادعاءات جبهة البوليساريو حول نشوب حرب في المنطقة، كما كشف قيام البوليساريو بإعاقة عمل بعثة المينورسو في عدة مناسبات، ما يفتح المجال إلى ضرورة قراءة التقرير بعين خبير في المجال.

في هذا السياق، أوضح الخبير في العلاقات الدولية، تاج الدين الحُسَيْني، أن “هذا التقرير هو المنطلق الأساسي لإجراء المناقشات خلال شهر أكتوبر من طرف أعضاء مجلس الأمن، و خلافا للمرات السابقة سيناقش المجلس هذا الموضوع حوالي أربع أو خمس مرات، حيث كان اللقاء الأول بالأمس، والذي عرض فيه التقرير على أعضاء مجلس الأمن”.

موردا أن “اجتماع آخرا سيكون في 10 من أكتوبر الجاري، من أجل مناقشة تقرير الأمين العام بصفة خاصة، من طرف الأعضاء، وفي 17 أكتوبر سيكون هناك نقاش آخر، ولكن بصدد التقريرين اللذين أعدهما كل من دي ميستورا المبعوث الشخصي للأمين العام، و إفانكو الذي هو رئيس بعثة المينورسو”.

ويـرى الحُسَيْني، في تصريحه لـ”آشكاين”، أنه “من خلال الملامح الأولى لتقرير الأمين العام يظهر جليا أن الأمور تسير في اتجاه إيجابي بالنسبة للمغرب، لأن هذا التقرير جاء في إطار تنفيذ مقتضيات القرار رقم 2602 الذي حدد المعالم الرئيسية للتعامل مع الملف”.

ولفت الإنتباه إلى أنه “من جهة سيكون على مجلس الأمن تمديد ولاية المينورسو لسنة كاملة هذه المرة كذلك، بحيث لن تنتهي ولايتها إلا في 31 أكتوبر 2023، وهذا من حيث الناحية الشكلية”.

أما من حيث الجوهر، يسترسل  الخبير نفسه، فإن “ما يُقرَأ خلف سطور هذا التقرير، قد يشكل نوعا من الإدانة غير المباشرة للنظام الجزائري و جبهة البوليساريو معا، ويظهر هذا واضحا من خلال الوقائع التي ساقها الأمين العام في تقريره، بحيث أنه عندما يشير إلى أن لائحة المعترفين بالسيادة المغربية وفتح حوالي 30 قنصلية بالداخلة والعيون، فهذا في حد ذاته إقرار أن المجتمع الدولي أصبح يتجه فعلا إلى الإعتراف بالسيادة المغربية على الإقليم الجنوبية للمغرب”.

وأردف أنه “عندما يشير التقرير كذلك إلى أن رئيس حكومة إسبانيا وجه رسالة إلى العاهل المغربي، في مارس الماضي، بخصوص اعتبار أن مقترح الحكم الذاتي هو الأكثر جدية ومصداقية و واقعية لإقرار السلام، وهذا في حد ذاته له أهمية قصوى في تقرير الأمين العام، لأنه يعرف جيدا أن إسبانيا هي المستعمر السابق  و عضو أساسي في مجموعة أصدقاء الصحراء، بالتالي فهذا التغيير له وزنه”.

وذهب الحسيني بقوله إن “التقرير يتضمن نوعا من الإعتراف بكون الجزائر تعتبر طرفا أساسيا في هذا العملية، فعندما يشير مثلا إلى أن الجزائر مباشرة بعدما اتخذ رئيس حكومة إسبانيا هذا الموقف بادرت إلى استعداء  سفيرها و تجميد اتفاقية التعاون والإخاء الموقعة مع إسبانيا وتوقيف التعاملات البنكية، وهذا في حد ذاته – وإن لم يقله الأمين العام- لكنه يظهِر بين السطور بشكل واضح أن هذا إقرار من الأمين العام بأن الجزائر طرف أساسي، ولذك نلاحظ مرة أخرى في التقرير الإلحاح على الموائد المستديرة، الذي حددها القرار السابق لمجلس الأمن 2602”.

وشدد الحسيني على أن الملاحظ في التقرير أيضا، أن “مسألة المزاعم بوجود حرب بالمنطقة، تقريبا، لا يشير إليها إطلاقا تقرير الأمين العام، حيث جاء هذا التقرير، عكس ما سبق، (جاء) بأن المغرب يتعاون بشكل إيجابي ومنتج مع قوات المينورسو  ويقدم له تقارير دقيقة و واضحة بخصوص الأوضاع في المنطقة ويفتح لهم المجال للقيام بزيارات دورية. ومقابل ذلك، نلاحظ أن البوليساريو تقوم بين الحين والآخر بعمليات إطلاق للنار قريبا من الجدار الرملي، وأنها لا تتعاون مع المينورسو  وتهدد أحيانا أعضاءها، و غيرها من الملاحظات التي تعطي ورقة واضحة عن وضعية كل من الطرفين”.

وتابع أنه “إذا كانت مسألة مواقف الأطراف المعنية هو الشيء الوحيد الذي قد يعرقل  تقدما أكثر إيجابية للتعامل مع التقرير، وعلى رأسها موقف روسيا وبعض البلدان الداعمة للجزائر، أما بشكل عام، فلو لم يكن هناك تخوف من الفيتو الروسي وبعض العراقيل الأخرى فتسير الأمور على نحور جيد”.

و أبرز أنه “حتى بالنسبة لفرنسا لا أعتقد أنها ستتجاوز مواقفها السابقة التي اتخذتها في الماضي داخل مجلس الأمن، ما يعني أنه لو لم يكن الموقف الروسي و الصيني يهددان بالعرقلة، فقد كان مجلس الأمن حينها سيمر مباشرة إلى الإقرار بأن الوسيلة الوحيدة التي سيعتمدها مجلس الأمن هي المصادقة على مقترح الحكم الذاتي، ودعوة الأطراف إلى التفاوض المباشر بخصوصه دون البحث عن أي وسائل أخرى”.

وأضاف أن “التخوف من هذا الفيتو هو الذي سيجعل من هذه المرحلة ذات طبيعة مؤقتة في انتظار المجلس المقبل قبل 31 أكتوبر 2023، وقبل تمكن المغرب من ترسيخ مكاسب جديدة على الميدان، والتي من بينها التحكم في الميدان العسكري واستمراره بشكل أكثر شمولية، وأعني بذلك دحر أو ردع التدخلات في المنطقة  العازلة، بما فيها البير لحلو وما جاورها، ثم التمكن من تجميد عضوية البوليساريو واكتساب أصوات جديدة داخل الإتحاد الإفريقي لتجميد عضويتها داخل هذه المنظمة”.

وخلص الحُسَيْني إلى أن “تفسير الميثاق يتطلب أغلبية الثلثين، وهذا يتطلب 36 صوتا، فيما يتوفر المغرب حاليا على  29 صوتا تؤيد تجميد عضوية البوليساريو، وهذا تحد جديد، خاصة أنه سيواجه الموقف الجزائري الذي لا يقتصر على الموقف من الجانب النظري، ولكن أيضا على العمل في الميدان، خاصة دعم البيترودولار، كما حدث مع تونس أو قد يحدث مع بلدان أخرى، و لكن مسار التسوية يرتبط أساسا بهذه الرهانات وهذه التحديات”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

3 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Moh
المعلق(ة)
7 أكتوبر 2022 20:23

لاصحاب الديسلايكات …اسبانيا ونعها اوروبا وامريكا تبيع المواقف بالمصالح والمستحد ان اسبانيا غيرت موقفها علقت خرائط مغرب مقسم في سفاراتها ووزارة خارجياها بمجرد توقيع اتفاق غاز مع الجزائر …وهاد خوتنا في اشكاين هما نيت اللي طبلوا البارح بتحليل السيد الحسيني “الخبير فالعلاقات الدولية”على تقرير المرتشي غوتيرس نعم مرتشي ودمية في يد الغرب …هما اللي استفاقوا على هذا الانقلاب الاسباني ..واهمون من يظنون ان الملف سيغلق لصالح هذا او ذاك..انه الدجاحة التي تبيض الذهب للجميع (شرقا وغربا) واتومااا فيقووو من لوهاااممم

احمد
المعلق(ة)
6 أكتوبر 2022 22:52

لقد حان الوقت لتطبيق عقوبات اقتصادية على الجزائر لتحجيم دورها في استعمال المال وشراء الدمم في افريقيا وغيرها من الدول بهدف إطالة هذا النزاع الذي تتضرر منه شعوب المغرب الكبير، ويعرقل شروط التنمية.

Moh
المعلق(ة)
6 أكتوبر 2022 20:45

كل هذا الكلام لا قيمة له ما دام لم يرفق بالتقرير الذي تعلقون عليه…اين. ترجمة التقرير ؟؟ هذا هو عملكم كصحافيين وليس ابداء رأيكم لنا فيه …المهم ايصاله لنا ونحن لكل منا قراءته الخاصة

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x