كانت كلمة الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، الشرارة التي أشعلت جلسة التصويت على مشروع قانون المالية لسنة 2023، وجدبت إليها الأضواء بعدما كادت (الجلسة) تمر في صمت القبور.
لقج وفي رده على مداخلات الفرق البرلمانية بخصوص مشروع قانون مالية 2023، فاجأ الجميع بتوجيهه اتهامات لجهات، دون أن يسميها، بـ”الخضوع لإملاءات خارجية”.
و قال لقجع “استمعت للمداخلات وفهمت معناها كليا إلا مداخلة واحدة لم أفهمها ولم أفهم معناها، ولكن بدون أن أدخل في طياتها، عندي أمنية ورجاء واحد هو أن تكون هذه المداخلة تعبر عن قناعات شخصية ولا تخضع لإملاءات خارجية”، مضيفا “أعيدها للمرة الثانية وأعرف ما أقول، أتمنى أن تكون هذه القناعات والتعبيرات نابعة عن قناعات تحترم الأخلاق السياسية ولا تخضع لإملاءات لا نعرفها وتحاك في الدهاليس”.
رد لقجع ترك باب التأويل مفتوح حول من المقصود بكلامه الذي يحمل في باطنه تهما ثقيلة، وتوجهت الأنظار مباشرة إلى كون فرق المعارضة هي المقصودة من وراء كلام لقجع، وما زاد من تقوية هذه الشكوك هي ردود الفريق الحركي والمجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، على كلام المسؤول الحكومي المذكور.
ففي تعقيب له رد رئيس الفريق الحركي، إدريس السنتيسي على مداخلة لقجع بالقول: إن “الفريق الحركي لم و لن نقبل لا تعليمات أو شيء من هذا القبيل ولا علاقة لنا بالدهاليز، ما يحركنا هو الروح الوطنية والمواطنة الصادقة”، فيما رد رئيس المجموعة النيابة للعدالة والتنمية بمجلس النواب، عبد الله بووانو، على كلام لقجع بالقول: “اتهام ممثلي الأمة بالخيانة هذا شيء كبير، إن التعليمات الخارجية والدهاليز لا نعلمها، والذي أعرفه هو الشعب فقط، ولا أعرف سوى مصلحة الوطن والله الوطن الملك”.
لكن المقصود من كلام لقجع، حسب مصدر جيد الاضطلاع، هو القيادي بحزب الأصالة والمعاصرة؛ هشام المهاجري، الذي فاجأ الجميع بمداخل وجه فيها انتقاد لاذع للحكومة واتهمها بـ”الكذب على المغاربة”.
وما زاد من التأكيد بكون المقصود بكلام لقجع هو المهاجري، تلك المشادة الكلامية بين الرجلين في بهو مجلس النواب بعد نهاية جلسة التصويت على مشروع قانون المالية.
مداخلة المهاجري ورد لقجع، تطرح التساؤلات حول مدى متانة التحالف الحكومي، وتؤكد أن الامور ليست كما يسوق لها مسؤولي أحزاب الأغلبية، وأن انفجار هذه التحالف وشيك، بعدما تراكمت التناقضات المصلحية بين أعضائه.
يذكر أن المهاجري كان قد اعتبر التزامات الحكومة في مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، خاصة في ما يتعلق بإصلاح قطاعي الصحة والتعليم وتوفير مناصب الشغل مجرد “خطابات كاذبة” شأنها شأن الخطابات والوعود التي كانت تطلقها الحكومة السابقة قبل أن يصطدم المغاربة بزيفها.
كما هاجم المهاجري في مداخلته المشار إليها شركات المحروقات، ومنها الشركة التابعة لعائلة رئيس الحكومة؛ عزيز أخنوش، حيت قال “إذا هاذ الشركات بغات تهيمن على كولشي يرفعو الأجور، لكن الناس شادة البحر وشادة السما وبغاونا كاملين نشتغلو عندهم بنفس الأجور”، مردفا “حنا كأغلبية عطينا الأجال سبع شهور، وإلى عدنا مشكل فبرامج الحماية الإجتماعية والسجل الإجتماعي الموحد مغادي يبقى عندنا وجه باش نقابلو المغاربة”.
لو كان الأصالة والمعصرة هو من يقود حافلة الحكومة لوقعت عند اول منعرج، ان الأوان لتعديل الحكومة واسقاط حزب مول التقاشر.
هذه الجلسة البرلمانية هي جلسة دستورية دورها الأساسي والمركزي يندرج في إطار مراقبة النواب للعمل الحكومي . ومثل هذه النازلة تزيد في ترسيخ لدى المواطن صورة محاولة هيمنة الحكومة بل تغولها على الجميع