2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

قالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية للتجارة، ميريام غارسيا فيرير، في تصريح لوكالة الأنباء الإسبانية “يوروبا بريس”، أن “السياسة التجارية هي اختصاص حصري للاتحاد الأوروبي”، ومن ثم فإن بروكسيل “مستعدة لاتخاذ إجراءات ضد أي إجراء يتم تطبيقه ضد دولة عضو”، مشيرة إلى أنه “منذ شهر يونيو الماضي، أبدت المفوضية الأوروبية “مخاوفها بانتظام بشأن التداعيات التجارية” لقرار الجزائر، “لاسيما الشحنات الموقوفة القادمة من إسبانيا”.
هذا التوتر الحاصل بين الجزائر والاتحاد الاوربي بسبب إسبانيا، يأتي في وقت تعرف فيه العلاقات الإسبانية المغربية تطورا ملحوظا، وهو ما يجعلنا نتساءل عن انعكاسات هذا التوتر على علاقات المغرب والاتحاد الأوربي.
وفي هذا السياق، أوضح الخبير في العلاقات الدولية والشؤون الأمنية وتسوية النزاعات، عصام لعروسي، أن “العلاقات الإسبانية الجزائري متوترة، وذلك بعدما سجلت العلاقات المغربية الإسبانية تطورا ملحوظا وتحسنا في الآونة الأخيرة بعد إدراك الجارة الإسبانية أن المغرب شريك موثوق فيه وأن لا محيد عن التعاون وتصحيح المسارات الاقتصادية والأمنية والسياسية في علاقة إسبانيا بالمغرب، ورأينا الكثير من المبادرات في هذا الاتجاه”.

وأوضح لعروسي في تصريحه لـ”آشكاين”، أن “إسبانيا تتعامل مع المغرب بنوع من المرونة، خاصة في ملف الغاز، لمحاولة استرجاع نفس الوتيرة التي كانت عليها التدفقات في الأنبوب المغاربي في الفترة السابقة”.
وشدد على أن “تعنت الجزائر مع إسبانيا في ملف الغاز الإسباني، وتهديدها بتوقيف العلاقات التجارية مع إسبانيا، هو في جزء منه تهديد للعلاقات التجارية مع الإتحاد الأوروبي، لأن إسبانيا تستغل ورقة الاتحاد الأوربي، بالرغم من أن هذا يدخل في إطار العلاقات الثنائية بين إسبانيا والجزائر، لكن إسبانيا تستغل الاتحاد الأوربي في هذا الباب، كما أن الجزائر تقوم، أحيانا باستغلال الاتحاد الأوربي، خاصة في مناوشاته ضد المغرب بإيعاز من فرنسا كما رأينا في الآونة الأخيرة”.
وأشار لعروسي إلى أن “ما يمكن أن تجنيه المملكة من هذا الخلاف متعدد، علما أن الاتحاد الأوربي لا يهمه لا الجزائر ولا المغرب بقدر ما أنه يرى بمنظور مصلحته الاقتصادية مع البلدين، بالتالي لا يمكننا أن نتصور أن الاتحاد الأوربي يحابي الجزائر في بعض القضايا من باب المجاملة، بل ذلك من باب المصلحة الاقتصادية، حيث رأينا كيف أن موضوع الغاز هو الذي حرك الاتحاد الأوربي، وبالضبط البرلمان الأوربي ضد المغرب، والآن هناك أزمة دبلوماسية بين فرنسا والجزائر وبين الأخيرة وإسبانيا”.
وأضاف أن “إسبانيا فهمت أن المغرب يتطور بشكل كبير وأنه فاعل إقليمي وأن هناك العديد من المحاور الإقليمية الدولية العالمية تدعم المغرب في هذا الاتجاه، علما أن هناك إشكالية لدى الاتحاد الأوربي، لأنه يتصرف أحيانا كدول كبرى وبإرادات منفردة ولا تتصرف من داخل الاتحاد الاوربي، وتلجأ إلى الاتحاد الأوربي في حالة أرادت الدخول في علاقة صدامية مع أحد أطراف الشراكات، خاصة دول الجنوب”.
ويرى لعروسي أن “هذه العلاقات المتوترة بين الجزائر والاتحاد الاوربي، ستذهب في اتجاه تعزيز الرؤية الاستراتيجية المغربية إزاء الاتحاد الأوربي بالرغم من المشاكل والأزمات التي تواجه علاقتهما خاصة في الآونة الأخيرة، وأسلوب التعاطي مع مثل هذه القضايا يجب أن يتجاوز مفهوم رد الفعل بالنسبة للدبلوماسية المغربية وأن يصل إلى مفهوم التحرك الإيجابي لخلق وضع جديد، أو محاولة إفهام الطرف الآخر أن الشراكة المغربية تقوم على هذا الأساس، ولما لا التحرك على صعيد جماعات الضغط التي تستفيد من علاقتها مع المغرب، وتوظيف ما يسمى الدبلوماسية العامة لتحقيق مصالح المغرب”.
وخلص إلى أن تأثير توتر العلاقات الجزائر والاتحاد الأوربي ليس مباشرا على علاقات الاتحاد مع المغرب، لكنه يضعنا أمام حقيقتين أساسيتين، أولها ان الاتحاد الأوربي لا يميز ما بين المغرب والجزائر في حال كان الأمر يتعلق بمصلحته العامة، والثانية أن الدبلوماسية المغربية يجب أن تتصرف بمنطق المبادرة وليس بمنطق رد الفعل”.
هذا التحليل بني على تصريح المفوضية الاروبية التي تهدف الى الضغط على الجزائر لمراجعة موقفها تجاه اسبانيا، وليس المقصود منه إعطاء اي امتيازات للمغرب، إلا ما استطاع انتزاعه بنفسه.