لماذا وإلى أين ؟

عصيد للبيجيدي: آية “للذكر مثل حظ الأنثيين” لا علاقةَ لها بالواقع المُعاصر

اعتبر الباحث أحمد عصيد، أن ما ورد في بلاغ الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الذي دق ناقوس الخطر، حول ما وصفه بـ”التهديد الخطير الذي يستهدف الأمة المغربية واستقراراها”، عبر الدعوة إلى المناصفة في الإرث بين الرجل والمرأة، (اعتبرها) “مزايدة سياسوية غير واقعية”.

وقال عصيد، في تصريح لـ”آشكاين”، إن “بلاغه حزب العدالة والتنمية حول نظام الإرث لا يعدو أن يكون نوعا من المقاومة للتغيير  وللحقوق الإنسانية والمساواة، حيث يعتبر تيار “الإخوان المسلمين” بأن من شأن عملية التحديث والدمقرطة وقيم حقوق الإنسان أن تغير النظام الاجتماعي الراكد الذي يعمل لصالح التيار المحافظ، ويمكنه من ممارسة نوع من الوصاية الدينية على المجتمع واستغلالها لأغراض سياسية”.

ويرى عصيد أن “الحقيقة التي يسكت عنها البجيدي وحراس معبد الفقه القديم وعصور الانحطاط  عموما، فهي أن النصوص الدينية المكرسة للتفاوت والتمييز إنما ارتبطت بسياقات اجتماعية وتاريخية سابقة لم تعد اليوم موجودة على الإطلاق”.

موردا أن “الجميع يعلم بأن فلسفة ومنطق القانون هو ضرورة مواكبة النصوص القانونية لمستجدات الواقع المتحرك، وخاصة عندما تنقلب الأمور رأسا على عقب، كما هو شأن وضعية المرأة في الدولة والمجتمع”.

وشدد عصيد على أنه “في غياب تلك المواكبة وانعدام ملاءمة النصوص القانونية مع حاجات الواقع والمصلحة الإنسانية يصبح الظلم وانتهاك كرامة الإنسان هو السائد، كما هو الحال في كل دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط”.

ولفت محدث “آشكاين” الانتباه إلى أن “جوهر الخلل في موقف البيجيدي والسلفيين والدعاة والفقهاء، هو إعطاء الأولوية للنصوص الدينية وتفاسيرها القديمة على حساب الإنسان ومصلحته، بينما نعلم بأن العالم المتقدم الذي يقود الحضارة لم ينجح إلا بإعطاء الأولية للإنسان ومصلحته قبل كل شيء، وإعادة قراءة النصوص الدينية وتأويلها لكي لا تبقى حجر عثرة في طريق التطور وحقوق المواطنة التي هي غير قابلة للمساومة”.

“والعطب الثاني في فكر هؤلاء”، يسترسل عصيد “هو عدم اكتراثهم بتحولات الواقع ووضع رؤوسهم في التراب مثل النعامة، لكي لا يروا الظروف الجديدة التي تلزمهم بتغيير منطق تفكيرهم القديم، فالواقع الذي جاءت فيه الآية “للذكر مثل حظ الأنثيين” لا علاقة له بالواقع المعاصر، المرأة كانت في البيت والرجل ينفق عليها، كما أنه يحارب ويتاجر ويسافر مع القوافل، أما اليوم فالمرأة تقوم بنفس أعمال الرجل، تنتج الثروة وتنفق وتعيل  الأسر وتتفوق في الدراسة بنسبة 67 في المائة، وتتولى مناصب الدولة ولا مجال للنظر إليها بنفس النظرة التي تعود إلى 1400 سنة لأن في ذلك ظلم كبير لها”.

وأردف أن “العطب الثالث، هو استعمال أسلوب التحريض والتهديد والوعيد الذي يؤدي إلى الفتنة دون أن يحل أي مشكل من مشاكل النساء، فالعنف دليل ضعف كبير ونقص في الحجج والبراهين، والحزب السياسي ليست مهمته ممارسة الدعوة الدينية وإعلان “النفير”، بل وضع برامج سياسية عملية وواقعية لحل مشاكل المجتمع التي لن يحلها الخطاب الدعوي التحريضي، ولهذا فنظام الإرث الإسلامي لم يعد يطابق الواقع”.

واستدل عصيد في قوله إن “نظام الإرث لم يعد يطابق الواقع” بـ”التحايلات التي تلجأ إليها العائلات لإنصاف بناتهم قبل وفاة رب الأسرة، خوفا من كارثة “التعصيب” ومن التوزيع الشرعي للإرث الذي يحرم البنات من حقوقهن، ويوزع تركة المتوفى على أعضاء الأسرة البعيدين على حساب النساء والفتيات الأقرب، هذه التحايلات مثل “الهبة” و”الوصية” تدل بشكل قاطع على أن الأسر المغربية تعي جيدا بأن نظام الإرث القديم لم يعد يساير تحولات المجتمع ومصالح المواطنين والمواطنات”.

وخلص عصيد إلى أنه “من جانب آخر، لابد من التذكير بتقاعس  الدولة في تأطير المواطنين وتوعيتهم بحقوقهم، لأن التيار المحافظ إنما يستغل ضعف وعي النساء لكي يمارس عمله النكوصي”.

جدير بالذكر أن حزب “المصباح”،  وصف في بلاغ سابق، صادر عن اجتماع استثنائي لأمانته العامة،  الدعوة إلى المناصفة في الإرث، ”خروجا عن الإجماع الوطني والثوابت الجامعة للأمة المغربية كما حددها الدستور المغربي الذي ينص على أن المملكة المغربية دولة إسلامية، وأن الإسلام دين الدولة، وأن الهوية المغربية تتميز بتبوإ الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها”.

بلاغ ذات الهيئة السياسية التي سبق لأمينها العام الأسبق أن وقع اتفاقية التطبيع مع إسرائيل، اعتبر أن “مثل هذه الدعوات وفضلا عن كونها ستخلق الفتنة وستؤدى إلى تقويض التماسك الأسري والاستقرار المجتمعي، فإن هدفها الأساسي وغير المعلن يبقى هو المس بقدسية النص القرآني وتحطيم سمو الشريعة الإسلامية، وهو ما سيؤدي لا قدر الله إلى تخريب أسس نشوء واستمرار ووحدة واستقرار الدولة المغربية القائمة على الدين الاسلامي”.

“البيجيدي” الذي قاد الحكومة المغربية لولايتين متتاليتين،  شدد على أن مثل هذه الدعوات، “ليست سوى خطوة يائسة وتطبيق لأجندات خارجية، في تحد صارخ لاستقلال القرار الوطني وانتهاك فج للسيادة الوطنية لفرض نموذج غريب للأسرة قائم على الانحلال والصراع والتفكك، وفرض منطق مادي وإباحي فرداني لا يعير للأسرة القائمة على الزواج الشرعي أي اعتبار”، بحسبهم.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

9 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
محمد احمد المختار
المعلق(ة)
2 مارس 2023 22:38

عصيد لا يحق له ان يناقش الامور الشرعية التي لا علاقة له بها ولا يفهمها بل لا يفقه شيئا وليس مؤهلا لذلك / عليه ان يتحدث عن ياكوشه والحاده ويدع عنه الدين الاسلامي فمهما حاول ان يطفأ نور الله بصوته المبحوح ونفخه المنفوث فعبثا لن يحقق مأربه.

فؤاد
المعلق(ة)
2 مارس 2023 21:14

القرآن كلام الله ثابت لا يمكن تغييره كما فعله المسيحييون بالانجيل. هل انت لا تؤمن بالله و برسوله خاتم المرسلين. و إلا كيف تجرؤ على المطالبة بتغيير ما هو واضح و ثابت في القرآن الكريم.

Moh
المعلق(ة)
2 مارس 2023 16:57

تعاليق مقرفة كالعادة..والمعلقون اكاد اجزم ان لا احد منهم قرأ وتمعن في كلام عصيد الذي يناقش فكرة يمكن الرد من عليها من خلال القران نفسه الذي احاز يل وحث على الوصية للاقربين رحم الله الدكتور شحرور الذي انتبه الى امر هام في موضوع تقسيم التركة واسس لمفهوم منطقي وقابل لالتطبيق في مل الازمنة الا وهت ان القراء الح على الوصية وجعلها هي القاعدة والاساس في تقسيم ما يتركه هالك .اما الفروض فهي لتسد اي خلل او قصور في تدبير الوصية .اظن ان النقاش ومقارعة الحجج النصية والعقلية هو السبيل الى الوصول لحل معظلة هي فعلا واقعية .والمعظلة في نظري هي تغير احوال النص وجمود الفهم .فهل يعقل مثلا ان نعتبر ابن كثير وغيره نوابا عن الله في شرح ما يريد ابلاغه وتجميد عقولنا نحن اهل العصر والامكانيات الكبرى المتاحة لنا لتقصي فهم جديد وحل شيفرات القران .شحرور حاول فعل ذالك هو وعدد كبير قبله وبعده.

حسن
المعلق(ة)
2 مارس 2023 13:29

أسي عصيد هل تتكلم عن القرآن الكريم ام كتاب آخر عندما تقول بأن فلسفة القانون يجب ان تتماشى مع مستجدات الواقع.المشكلة أيا احمد بن محمد عصيد أن المرأة المغربية لاتأخد حقها الذي اقرته الشريعة الإسلامية مثال الاراضي السلالية.ان تقبل ان تناقش كلام الله المنزل ولا تقبل ان تناقش مايسمى حقوق الانسان الذي جاء به الغرب عندما تقول حقوق الانسان (من منظور غربي)كل لايتجزأ.انت واقع تحت تأثير الزمن عندما تلمح إلى إنتهاء صلاحية الآيات القرآنية يا غبي لولا انها غير صالحة لكان الله سبحانه ارسل رسولا وانزل كتابا.المشكل في الفقهاء لايتجهدون وفي العلمانيون الذين يريدون الغاء الدين ليبقى التشريع البشر وعندما يشرع البشر فإن الاقوى هو الذي يفرض قانونه بمعنى ان الشريعة الإسلامية تكون حاكمة على الجميع حكام ومحكومين.

احمد
المعلق(ة)
2 مارس 2023 12:32

من دعات الفتنة والردة، البارحة شكك في معجزة الانبياء واليوم يطعن في شرعية الارث، وقد يطعن غدا في إمارة المسلمين، وهكذا يقوض المشككون اواسر الاسلام الذي هو اقوى رابط بين ابناء الامة المغربية. لقرون خلت.

شكراني محمد
المعلق(ة)
2 مارس 2023 08:55

الحديث عن مواكبة النصوص القرآنية للعصر حديث لا يستقيم و قدسية النص الديني عند المسلمين …لقد تناسيت الحديث عن ما يهم المواطنين بالأساس و انكتمت أنفاسك في هذه اللحظات التاريخية من ارتفاع الأسعار و قمع التظاهرات و التلاعب في امتحان المحاماة و…لا يحلوا لكم الكلام إلا في أمور الدين و ثوابته

مريمرين
المعلق(ة)
2 مارس 2023 06:28

ملك البلاد و بصفته أمير المؤمنين قال “لن أحل حراما و لن أحرم حلالا”.
فماذا يريد سي عصيد ؟!!

ابو زيد
المعلق(ة)
1 مارس 2023 23:29

اظن ان كثيرين يتجرؤون على التعرض الى الدين باسم حرية يعلم الجميع انها ليست مطلقة …و بحيث انه هناك من ولي أمر الحفاظ على مقدسات هذه الامة انا شخصيا اعتبر تطاول السيد عصيد يوجب التنبيه لانه لا فرق بين تطرفه و تطرف الآخرين..!!
ان من شروط النشر عدم الإساءة للمقدسات و القرآن كتاب الشعب المغربي المقدس فماذا هذا العبث المجوني ام اننا زمنيا وصلنا مرحلة التطرق للفطور العلني و ما جاوره من قضايا بعضهم!!

لا تمثلني
المعلق(ة)
1 مارس 2023 23:24

أولا أنت لا تمثلني في شيئ .لكم دينكم ولي دين.من تكون لتغير ديننا الحنيف في دولة إسلامية. اراك ملحدا بإمتياز.تتكلم نيابة عن 40 مليون نسمة. أراك تلعب بالنار .نحن بريؤون منك وحماقاتك. و للذكر مثل حظ الأنثيين كرهت أم أبيت .وتحث الدولة على توعية المجتمع .مفتي آخر الزمان. إنتظر مقعدك

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

9
0
أضف تعليقكx
()
x