لماذا وإلى أين ؟

الغالي: تناقضُ تصريحات أعضـاء الحُكومة بخُصوص أزمة الأسعار يدلُّ على قرب تفكُّك أغلبيتها

لا تزال أزمة الأسعار التي ألهبت جيوب المواطنين المغاربة ترخي بظلالها على العمل الحكومي، إذ شكلت هذه الأزمة محطة لتمحيص تصريحات و وعود أعضاء الأغلبية الحكومية، والتي أظهرت تضاربها في فترات متقاربة خلال أزمة غلاء الأسعار.

فخلال أسبوعين فقط تلقى المغاربة تصريحات متضاربة  من الأغلبية الحكومية حول غلاء الأسعار و مسبباته، فبين ما ذهب  الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، إلى أن “مسؤولية المضاربين ثابتة و لا ينكرها أحد، في الغلاء غير المسبوق”،  أرجعت اللجنة الوزاراتية المكلفة بتتبع وضعية التموين ومستوى الأسعار وعمليات المراقبة، الأمر إلى عوامل طبيعية، لخصتها في “شح المياه خلال الموسم الفلاحي المنصرم وموجة البرد التي عرفتها بلادنا خلال هاته الفترة”.

في حين اعتبر الوزير “البامي”، محمد المهدي بنسعيد، خلال استضافته في مؤسسة الفقيه التطواني، أن  “التحجج بالعوامل الطبيعية، من قبيل الجفاف و موجة البرد، لتبرير ارتفاع الأسعار هو “اختباء وراءها وفقط”، و “توهيم للمغاربة”، وهو عكس ما ذهبت تصريحات سابقة لزميلته في الحكومة، وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، قالت فيها “إن ما تعرفه بعض المواد الفلاحية من ارتفاع في الأسعار من حين لآخر، يعود إلى العوامل المناخية”.

ومن جهة أخرى كان تصريح رئيس مجلس المستشارين والكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والقيادي بحزب الاستقلال، النعم ميارة، الذي انتقد بشدة تدبير الحكومة لملف غلاء الأسعار، وكأن حزبه ليس مشاركا في تدبير شؤون المغاربة، وهي التصريحات التي تجعلنا نتساءل إن كانت مؤشرا على تفكك الأغلبية الحكومية.

الأزمة أكبر من دفتر تحملات الحكومة

وفي هذا السياق، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، محمد الغالي ، إن هناك “تناقضات في تصريح أعضاء الحكومة بخصوص أزمة غلاء الأسعار، وهي بشكل عام أزمة تضخم عميقة لها من الدواعي ولها علاقة بالجفاف كمحصلة للتغيرات المناخية التي يعرفها المغرب، والأحداث الدولية السلبية، منها الحرب بين روسيا و أوكرانيا، والصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين”.

محمد الغالي ـــ أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش

وشدد الغالي، في تصريحه لـ”آشكاين”، على أن “الأزمة أكبر حتى من دفتر التحملات الذي قدمته الحكومة بخصوص التزاماتها لتنفذ برنامجا قادرا على ضمان الكرامة في العيش للمواطنين والمواطنات”.

مسألة التفكك لا هروب منها في هذه الحالة

ويرى محدثنا أنه “إذا لم تتم معالجة المسألة بمقاربة أخرى، بعيدا عن المقاربة العددية في التعامل مع استقرار الحكومة، فإن مسألة تفكك الأغلبية لا محالة ولا هروب منها، وهو تفكك يمكن أن ينعكس على تغيير بعض أعضاء الحكومة، أو أنه قد يقود إلى ضغط طرف في الحكومة إما باتخاذ إجراءات أو الإنسحاب من الأغلبية الحالية”.

موردا أن “بعض السيناريوهات تبقى مفتوحة ما دامت الأزمة مستمرة ومستفحلة، وما دام التضخم في ارتفاع و لازال مستمرا، ويؤثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنين والمواطنات مما يعني بأن عدم القدرة على التخفيف من هذه الأزمة يعكس بدوره بأن الحكومة متفككة”.

تفكك وظيفي

وتابع أنه “لو لم يكن هناك تفكك في بعض المستويات، وتحقيق الالتقائية والتنسيق في بعض المستويات، ما كان لهذا  التضخم أن يصل إلى هذه المستويات، رغم وجود الجفاف وفعل التغيرات المناخية وبعض الأزمات الدولية المؤثرة، خاصة الحرب الروسية الأوكرانية التي أثرت بشكل كبير على الإقتصاد الأوربي، والإقتصاد المغربي له ارتباط مباشر بالإقتصاد الأوربي”.

وخلص إلى أن “هناك تفككا وظيفيا، وهناك تفكك مستمر، وليس بمستوى التفكك الذي سيوقف ويشل عمل الحكومة بشكل تام، ولربما آنذاك يمكن التقدم بملتمس رقابة ضدها، وقد تتم المصادقة على هذا الملتمس، وربما قد يقود لإسقاط الحكومة وبالتالي تقديم استقالة جماعية”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x