لماذا وإلى أين ؟

بورتري.. هينري ماتيس الفنانُ التشكيلي الذي حمل طنجة إلى أروقة متحف بوشكين بموسكو

“بورتري”،..  سلسلة تطل عليكم من نافذتها صحيفة “آشكاين” كل أسبوع، و تشارككم “بروفايلات” شخصيات طبعت تاريخ المملكة بإنجازاتها وإرثها الثقافي والاجتماعي كل من مجالها، تأخذكم السلسلة في جولة عبر تاريخ المغرب لنتعرف و إياكم على الشخصيات البارزة التي ساهمت في صناعة التاريخ الوطني وساهمت في تطوير إرث المجتمع المغربي.

تقع طنجة على الطرف الشمالي من إفريقيا، وتطل على كل من البحر الأبيض المتوسط ​​المحبب والمحيط الأطلسي، ليس بعيدًا عن مضيق جبل طارق، وتؤدي هذه التيارات الجغرافية المتقاطعة إلى تآزر الجنسيات واللغات، وخاصة الفرنسية والعربية والإنجليزية. مزج هذه التأثيرات وموقعها الفريد كبوابة أوروبا لأفريقيا، فضلا عن كونها كانت شبه مستقلة عن إفريقيا كمنطقة دولية، تجعلها منطقة جذب للدبلوماسيين والفنانين والكتاب والمصطافين. فرغم أنه بعد الخمسينيات من القرن الماضي، تراجعت شعبيتها عما كانت عليه، لكن سحرها آخذ في الارتفاع مرة أخرى. فالآن يمكنك أن تقدر من جديد نفس المشاهد، التي جذبت الفنانين الفرنسيين العالميين كيوجين دولاكروا في عام 1832 وهنري ماتيس في عامي 1912 و 1913، والذي حمل مدينة طنجة نحو أروقة متحف بوشكين بموسكو.

في أوائل القرن العشرين، جذبت طنجة الرسام الطليعي فوفي هنري ماتيس (1869–1954) ، باحثًا عن اتجاه جديد لفنه. كان مفتونًا بالمدينة العالمية ، بضوءها الساطع والمضيء ، وألوانها الزاهية ، وأشعة الشمس المتنوعة ، والهندسة المعمارية الرائعة.

وبفضل تقديره الشديد للفن الفارسي، وإعجابه بلوحات ديلاكروا في شمال إفريقيا، بالإضافة إلى النصائح حول الألوان التي قدمها بول غوغان، كان ماتيس سعيدًا بزياراته إلى المدينة وكان لها تأثير عميق على أعماله. حيث وصف الإضاءة بطنجة بأنها “ناضجة” والمدينة بأنها “جنة الرسام”، وقد ترجم ذلك كله بصباغات غنية، وفرشاة متحركة وأنماط متباينة. وكانت المناظر الطبيعية في طنجة أكثر فخامة بكثير من أي مناظر رآها من قبل عند وصوله للمدينة.

وخلال وجوده في طنجة، أنتج ماتيس ما يقرب من 20 لوحة زيتية والمزيد من الرسومات التخطيطية، باستخدام أشكال جريئة وألوان نابضة بالحياة ومعبرة. ومن أشهرها، لوحة “نافذة في طنجة”، التي رسمها من شرفة غرفته بفندق “فيلا دو فرونس”.

فخلال زيارته، استقر الرسام الفرنسي بالفندق المذكور، متخذا الغرفة 35 مكانا لإقامته، فأوحى له المنظر العام الذي يظهر من نافذة غرفته برسم هذه اللوحة، التي جعلت من هذه النافذة أشهر نافذة طنجاوية مشهورة في العالم الآن.

وتجسد اللوحة التي يطغى عليها اللون الأزرق وفق رؤية الفنان، نافذة الفندق مزينة بمزهريتين ومشرعة على منظر عام، تبرز فيه كنيسة القديس أندرو الإنجليزية ومسجد القصبة، ورجلين أحدهما يمتطي بغلا وهما يصعدان بجوار الفندق –على الأرجح- إلى منطقة “المصلى”.

وتوجد هذه اللوحة الأصلية الآن في متحف بوشكين للفنون الجميلة بالعاصمة الروسية، موسكو، وتحمل اسم “نافذة في طنجة”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x