2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

لا يزال التوتر سيد الموقف في العلاقات الثنائية بين البرلمان المغربي ونظيره الأوربي، حيث اتخذ الأخير قرارا تصعيديا جديدا، يوم الخميس 13 يوليوز الجاري، ضد المغرب و دول أخرى، والقاضي بإدراج المغرب “ضمن قائمة الدول التي تتدخل في شؤون الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي”، داعيا إلى تعليق التعاون مع هذه الدول وتعليق التمويل الأوروبي لها.
وتبنى البرلمان الأوربي هذا القرار بأغلبية 441 صوتًا مقابل 70 ضده وامتناع 71 عن التصويت، حيث دعا النواب إلى مراجعة سريعة لمدونة السلوك الخاصة بأعضاء البرلمان، بما في ذلك فعالية العقوبات، وهو القرار الذي يطرح التساؤل عن سبل رد المغرب والجهات الواقفة وراء هذا القرار.
إجراءات برلمانية
وفي هذا السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية وعميد كلية الحقوق بتطوان، محمد العمراني بوخبزة، أن “الأمر ليس بمسألة تصعيد، بل إن البرلمان الأوربي في عمليات ابتزازا الآن لمجموعة من الدول، ويبقى المغرب على رأس هذه الدول، ومن منطلق الرضوخ للوبيات التي تحاول ما أمكن أن تقوم بالتأثير على المغرب لكي يتخذ بعض الإجراءات أو يتنازل عن مجموعة من مصالحه، مثل الأمر الذي حصل مع فرنسا بالتحديد”.
واستبعد بوخبزة، أن “تكون هذه المواقف العدائية ضد المغرب هي الأخيرة، بل سيكون هناك المزيد، لذلك فالمغرب أخذ علما بالنهج الذي تعتمده مختلف الفرق التي تصوت الآن ضد المغرب، وعندما نعلم الشيء يكون من السهل التعامل معه، والأمر يكون صعبا عندما نكون على جهل أو لا نكون على بينة من الأمر”.
وتابع المتحدث أنه “يجب القيام بخطوات، يبقى دور البرلمان المغربي مهما، ويجب أن يفعل القرار الذي اتخذه مؤخرا المتعلق بإعادة تقييم العلاقات مع البرلمان الأوروبي، ويجب على البرلمان أن يواصل في هذا الاتجاه، ثم الاشتغال مع التكتلات البرلمانية، حيث أن المغرب نشيط في ما يسمى بالدبلوماسية الموازية للبرلمان المغربي، في تواصله مع مجموعات برلمانية، كالبرلمان العربي والإفريقي، وبرلمانات المتوسط وغيرها، وبالتالي يمكن أن ينشط على هذا المستوى كرد على الاتحاد الأوربي وتنبيهه”.

موردا أنه “في إطار العلاقات التي يبنيها المغرب مع الاتحاد الأوربي هناك العلاقات الثنائية، فهناك العلاقة مع الاتحاد الأوربي كتكتل يجمع 27 دولة، وهناك النهج الذي يعتمد المتعلق بدور الاتفاقيات والعمل الثنائي والذي يكون في كثير من الأحيان بديلا لبعض القرارات التي تصدر عن البرلمان الأوربي”.
وشدد على أن “مؤسسات الاتحاد الأوربي كتنوع وتعدد سياسي، ولحد الآن الإشكال الذي لدى المغرب هو مع البرلمان وليس مع باقي المؤسسات، ما يعني أنه مطالب بتقوية علاقاته مع باقي مؤسسات الاتحاد الأوربي، كالمفوضية ومجلس الاتحاد، وهذه المؤسسات مواقفها لحدود الآن إيجابية جدا وتقيم العلاقة مع المغرب من منطلق القيمة المضافة التي يقدمها المغرب لدول الاتحاد الأوربي”.
ولفت الانتباه إلى أن “المغرب مطالب أن لا يضع جميع البيض في سلة واحدة، وأن يقوم بتنويع الشركات والتي يقوم بها المغرب منذ مدة ويخطو فيها خطوات مهمة جدا، والاتحاد الأوربي كاتحاد يظهر جليا أنه لا يمكن الوثوق فيه بشكل كبير، لأن فيه الكثير من النقط التي تجعل الاستمرار في التعامل معه بحسن نية لأن هناك تقلبات كثيرة تقع، لأننا نلاحظ الآن أن هذا الأمر الذي لم يكن واردا بأي شكل من الأشكال، وكانت العلاقات جيدا، لاحظنا كيف يمكن أن تقع الانقلابات في بعض مواقف مؤسسات الاتحاد”.
وخلص إلى أنه “يجب أن ننتظر الأسوأ لأن الانتخابات في الدول الأوربية تتجه نحو اليمين المتطرف ونحو الاحزاب القومية، وهي دائما تكون في مواقفها ذات شحنة عدائية تجاه الدول الأخرى خاصة دول الجنوب، لذا فالمغرب يجب أن يكون في انتظار الأسوأ مع التحاد الأوربي وخاصة مع البرلمان وبالخصوص أن العلاقة مع فرنسا مازالت متوترة وليست هناك مؤشرات على حدوث تحول نوعي في العلاقات مع فرنسا”.
خلفيات القرار
وفي سياق متصل، أوضح أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، خالد الشيات،، أن “هناك سوء فهم كبير بين المغرب ومؤسسة البرلمان الأوربي، ونقول سوء الفهم لأن هناك حاجة ملحة للبرلمانيين الأوربيين لكي يحاولوا تقليص وتقزيم العلاقات الاستراتيجية بين المغرب والاتحاد الأوربي”.

وشدد الشيات في تصريحه لـ”آشكاين”، على أن “هذا الأمر لا يخدم أي أجندات في المنطقة سوى الأجندة الجزائرية، وهو أمرا يبدوا مستغربا من عدم إدراجها في قائمة البلدان التي تؤثر، إن شئنا القول، ما دام البرلمان الأوربي يتحدث عن نوع من اللوبيزم أو الضغط، على أن الجزائر لديها نفس العادات التي يدعي البرلمانيون الأوربيون أنها موجودة لدى المغرب”.
موردا أن “هذا الأمر يحيلنا على جهات داعمة، لكون هذا القرار صادر بدعم وبرعاية من جهة معينة، وباقي الأشياء التي يدعي الأوربيون أنها موجودة من خلال استخدام بعض الاشخاص، وهو ما يحتاج لكثير من التدليل واعتبراها حالة مسترسلة ودائمة”.
ولفت الانتباه إلى أنه “في كثير من الأحيان، سواء تعلق الأمر بالمغرب، قطر أو تركيا وروسيا وغيرها، ليست هناك دلائل قاطعة حول هذا الموضوع، وهو يدخل في إطار الاستغاضة التي يشعر بها الأوربيون من إمكانية تقدم المغرب اقتصاديا، وبالتالي حصاره من خلال حصار شراكاته الاستراتيجية، خاصة مع الاتحاد الأوربي، لا سيما أن الدعوة إلى العقوبات هي دعوى إلى محاولة إخراج المغرب من مساراته الاستراتيجية وربح بعض الوقت لتعطيل عجلتها التنموية والاقتصادية في المنطقة والدور الذي يعلمه ويساهم به في المنطقة عموما، وفي أوروبا على وجه التحديد”.
وخلص الخبير في العلاقات الدولية، خالد الشيات إلى أن هناك “قراءات متعددة لهذا الأمر، ولكن يبدو أنه أصبح نوعا من الهواية التي يمارسها البرلمانيون الأوربيون ضد المغرب بشكل دوري”.
قال المرحوم الحسن التاني كبرها تصغار، وقال الشاعر: ألا لايجهلن علينا احد،،،،، فنجهل فوق جهل الجاهلين .