إسبانيا قد تشهدُ ”بلوكاج” في تشكيل الحُـكومة و المغاربة لعبوا دورا في الانتخابات (البجوقي)

يسود الغموض المشهد السياسي الإسباني، رغم الإعلان عن النتائج شبه الرسمية، للانتخابات المبكرة التي أجريت أمس الأحد 24 يوليوز الجاري.

فرغم تصدر الحزب الشعبي اليميني للإنتخابات بحصوله على 136 مقعدا، بعد فرز نسبة 99.7 في المائة من الأصوات، إلا أن زعيم الحزب ألبرتو نونيز فيخو، لن يتمكن من تشكيل الحكومة، حتى ولو لجأ إلى التحالف مع حزب ”فوكس” اليميني المتطرف، الذي حل ثالثا في النتائج بـ 33 مقعدا، خلف الحزب الإشتراكي، بزعامة رئيس الحكومة (السابق) بيذرو سانشيز، الذي حل ثانيا بـ 122 مقعدا.

عبد الحميد البجوقي، الكاتب والصحفي المغربي المتخصص في الشأن الإسباني، أكد في تحليله للاستحقاقات التشريعية الإسبانية، أنه لم يتفاجأ بالنتائج، حيث سبق له أن أعلن أياما قبل هذه الإنتخابات، أن الحزب الشعبي سيفوز بها.

في مقابل ذلك، شدد البجوقي، متحدثا لجريدة ”آشكاين”، على أن الحزب الإشتراكي الذي قاد حكومة ائتلافية في مرحلة ما قبل الانتخابات، ”لم ينهزم” في الانتخابات، بل أضاف مقاعد جديدة، مقارنة مع الإنتخابات السابقة لأوانها كذلك التي أجريت في إسبانيا سنة 2020، حيث حصل حينها على 122 مقعدا، إذ أضاف مقعدين في اقليم كاتالولونيا الراغب في الانفصال، في سابقة غير معهودة.

سيناريوهات تشكيل الحكومة

في ظل نتائج الانتخابات المسجلة، لن تطأ، في الوقت الراهن، قدم أي زعيم سواء من تحالف اليمين أو اليسار قصر المونكلوا (مقر الحكومة الإسبانية)، مما يفتح الباب أمام تكرار سيناريوهات، كانت قد وقعت في المشهد السياسي الإسباني في عهود سابقة.

وفق البجوقي، هناك ثلاثة سيناريوهات محتلمة، هي الأقرب إلى الحصول في تشكيل حكومة إسبانية جديدة، الأول يتمثل في تشكيل حكومة ائتلاف يمينية، برئاسة الحزب الشعبي، رفقة حليفه الوحيد المحتمل حزب ”فوكس” اليميني المتطرف، ثم استكمال العدد المتبقى للحصول على الأغلبية المطلقة (176 مقعدا)، بحزب كارلوس بودخمون الزعيم الانفصالي الكاتالوني اللاجئ في بلجيكا (معا لأجل كتالونيا )، الحاصل على سبع مقاعد.

لكن هذا السيناريو، يصطدم وفق المتخصص ذاته، باستحالة تحالف بودخمون مع ”فوكس” المتطرف، بل يعتبره بمثابة عدو، رغم توجهاتهما اليمينية معا، بسبب موقف الأخير من قضية الانفصال والانفصاليين.

هذه المسألة تفتح الباب أمام السيناريو الثاني، ويتمثل في تسجيل سانشيز لـ ”ريمونتادا”، على حساب الحزب الشعبي، بتشكيله لحكومة تحالف إلى جانب حزب سومار (يساري متطرف)، مع دعم من بعض التشكيلات الإقليمية، شرط امتناع الحزب الكاتلاني عن التصويت، وفق البجوقي دائما.

أما السيناريو الأخر ”الوارد” كذلك، فهو دخول البلاد في حالة من ”البلوكاج” السياسي، والتي قد تدفع إلى إعادة إجراء العملية الإنتخابية برمتها، بعد أربعة أشهر.

مشاركة مكثفة للمهاجرين خصوصا المغاربة

يزكي البجوقي، رأيه الذي أدلى به للجريدة قبل الانتخابات الإسبانية، حين أكد أن العلاقات المغربية- الإسبانية، لن تتأثر حتى ولو بوصول اليمين إلى السلطة، خصوصا في القضايا الحساسة، مثل الموقف من مغربية الصحراء الذي تبنته مدريد في عهد حكومة سانشيز.

وأوضح المتحدث أن أقصى ما تطالب به القوى اليمينية، هو توضيح حيثيات ما جرى بعد إعادة تطبيع العلاقات بين المغرب وإسبانيا، ولم يسبق لأي زعيم من هذه الأحزاب أن عبر عن رغبته في إعادة النظر في الموقف الإسباني بشأن قضية الصحراء، مبرزا أنه موقف سيادي للدولة أكبر من رئيس الحكومة.

في سياق متصل، شدد البجوقي على أن الانتخابات الإسبانية، التي أجريت أمس، شهدت حضورا مكثفا للمهاجرين، خصوصا المغاربة.

وقال إن عدد المهاجرين الذين أدلوا بأصواتهم بلغوا حوالي 4 مليون ناخب، أي بنسبة 7 في المائة، بينهم حوالي 200.000 مغربي، بينما كان الفرق بين الحزبين المتنافسين 300.000 صوت فقط، وهذا يدل على الدور الذي باتت تلعبه هذه الكتلة في العملية الانتخابية الإسبانية.

وعزى المتحدث المشاركة ”المكثفة” للمهاجرين سواء بالتصويت المباشر أو البريد، إلى الخطأ ”الفادح” لليمين، الذي أعلن ”الفوز قبل الفوز”، مما ولد شعورا بالخوف وسط هذه الفئة، من وصول القوى المعادية لها إلى السلطة، ومن تم التراجع على مكاسب مهمة. كما الشأن لـ ”فوكس” الذي يريد تغيير قوانين الهجرة.

وأضاف أن هؤلاء المهاجرين، كانوا وراء حملة قوية داخل وسائل التواصل الاجتماعي، قبيل الانتخابات، تنادي بقطع الطريق أمام وصول اليمين، خصوصا المتطرف، إلى السلطة و الدعوة إلى التصويت لصالح اليسار الاشتراكي العمالي، بزعامة سانشيز.