لماذا وإلى أين ؟

جدية المبادرة الملكية

نوفل البعمري*

جاء خطاب العرش مؤطراً بعنوان كبير هو « الجدية»، جدية المبادرات الملكية التي تم اتخاذها داخليًا، وخاصة في العلاقة مع الجيران، الذين سبق للملك أن أطلق مبادرة «اليد الممدودة « تجاههم لطي خلافات الماضي، التي ورثها البلدان عن مرحلة تعود للحرب الباردة، والتي تم فيها، للأسف، العمل على صنع كيان وهمي لإضعاف المغرب في محاولة لوقف نموه.

الملك، وهو يعيد في خطاب العرش التذكير بمبادرة اليد الممدودة للمصالحة، ولتجاوز كل الخلافات المصطنعة والموروثة، لا يسعى لإحراج النظام الجزائري، ولا إلى تقديم خطاب في إطار «بروباغندا»سياسية بقدر ما هي خطوة ملكية صادقة جدية، تجاه الجارة، قيادة وشعبًا…ما يجعلها كذلك هو أنه أطلقها قبل سنوات في مناسبة وطنية عزيزة على المغرب هي «عيد العرش»، وعندما يعيد التذكير بها في نفس المناسبة، فهي للتأكيد على مصداقية المغرب في دعوته من أجل الحوار الأخوي للبحث عن إنعاش المصالح المشتركة في إطار مسلسل من النقاش المفتوح بدون «طابو»، وبعيدًا عن الملفات الخلافية التي قد تعيق أي مسلسل سياسي ودبلوماسي بين البلدين.

الملك محمد السادس في خطاب العرش أعاد مجددًا رفع مطلب «فتح الحدود» بين البلدين لتعزيز أواصر الروابط الاجتماعية والإنسانية بين الشعبين والحفاظ عليها، والتي لم تنقطع يوما رغم إغلاق الحدود ودخول العلاقة الدبلوماسية الرسمية في حالة جمود سياسي بقرار جزائري، للأسف، في تصعيد غير مفهوم، وليس له ما يبرره خاصة وأن عاهل البلاد أكد مرارًا أن الجزائر « لن يأتيها أي شر من المغرب»، ليس فقط لطمأنتها، خاصة نظامها، مادام أن الشعب الجزائري لم يقطع أواصر الروابط التي تجمعه بالمغرب، بل للتأكيد بشكل واضح أن المغرب في سياسته الخارجية لا يتوجه ضد الجزائر ولا يسعى للمس بمصالحها، بل إن المغرب والجزائر، إذا ما اشتغلا معا بصدق وجدية، قادران معًا على قيادة المنطقة، وعلى إحياء اتحاد المغرب العربي/الكبير، ومواجهة مختلف التحديات الخارجية سواء الاقتصادية أو الإقليمية أو انعكاسات بعض الأزمات الدولية على المنطقة، فالعاهل المغربي يعتبر أن كل الخير موجود في بعث العلاقة بين المغرب والجزائر على الصعيد الرسمي، وهي دعوة صادقة، جدية ومسؤولة، من قائد بلد مشهود له أمميًا بانخراطه الواعي في تصفية كل النزاعات والسعي نحو السلم وحسن الجوار.

الدبلوماسية المغربية والسياسة الخارجية ككل مطبوعة بمحددات عديدة تعتبر هي الموجه لها، فهي سياسة دبلوماسية واضحة، صارمة وتقود مبادراتها بشكل هادئ، لا تشتغل بمنطق ردود الفعل بل بروح المسؤولية…وقد انضاف إليها مع خطاب العرش لهذه السنة محدد جديد وضعه الملك باعتباره الموجه للسياسة الدبلوماسية للمغرب، هو محدد «الجدية»، الجدية في المبادرات التي أطلقها والدعوات التي وجهها للجار ولباقي الدول، الجدية التي استطاع المغرب من خلالها أن يحقق مكاسب دبلوماسية هامة تتعزز مع سيادته الكاملة على وحدته الترابية، وتضيف دعمًا جديدًا لمبادرة الحكم الذاتي.

*محام وفاعل حقوقي

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

3 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
1 أغسطس 2023 14:38

الملك قام بمبادرة شجاعة هي الثالتة من نوعها اخترقت جدار الصمت واخترقت الاسلاك الشائكة على الحدود، وانتم تجترون ما قاله الملك، نحن في حاجة الى رجال شجعان يقمون بمبادرات موازية تسير في نفس الاتجاه قادرة على توسيع الأفاق ودائرة المبادرة مع دوي النوايا الحسنة من الشعبين، لا الى مجرد مطبلين ومسفقين.

Nasser
المعلق(ة)
1 أغسطس 2023 14:37

En fait le maroc n’a pas besoin de voisins. Il fait le discours, il le qualifie d’historique, il fait le décompte des personnalités qui le trouve formidale. Pour conclure il insulte le voisin qui est supposé être le destinataire. Il fait tout tout seul le maroc. C’est un grand. Et chaque année c’est le même scénario. Lassant.

فريد
المعلق(ة)
1 أغسطس 2023 05:09

شخصيا أعتقد أن أحسن مبادرة يُمكن القيام نحو الجزائر هو قيام جميع وسائل الإعلام المغربية الرسمية وغير الرسمية بالتجاهل الكامل للجزائر وأخبارها وإستفزازاتها اليومية للمغاربة بأكاذيبها وحقائقها المفبركة، أي الصمت التام والتجاهل الكامل، وبإسم الأخوة والجوار فلتحترق الجزائر بنيران غاباتها في الصيف أو فلتختنق بتسرب الغاز من سخاناتها الصينية الرخيصة في الشتاء، فستون سنة من العداوة يستحيل إصلاحها باليد الممدودة، المسؤول الأول في هذا البلد صرح للعالم أنه مع المغرب ليس هناك إلا خيارين: قطع العلاقات أو الحرب. فكيف يمكن مد اليد إلى مسؤول من هاته الطينة؟

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x