لماذا وإلى أين ؟

الكرش يعدد اختلالات الورقة التأطيرية لإعداد قانون مالية 2024 (حوار ضيف السبت)

وجه رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، مذكرة سميت عمومًا بـ“المذكرة التأطيرية” إلى الوزراء والوزراء المنتدبين والمندوبين السامين، يكشف من خلالها الأولويات والمرتكزات التي يجب أن تحدد عملية إعداد مشروع قانون المالية للسنة القادمة.

وحددت المذكرة المشار إليها أربع أولويات لمشروع قانون المالية المقبل لسنة 2024 وهي توطيد تدابير مواجهة التأثيرات الظرفية، ومواصلة إرساء أسس الدولة الاجتماعية، ومتابعة تنزيل الإصلاحات الهيكلية، وتعزيز استدامة المالية العمومية.

وحيث أن مشروع قانون المالية يخلق النقاش في الساحة السياسية المغربية حتى قبل تقديمه تشريعيا وعرضه للمناقشة التفصيلية في لجان البرلمان، فإن الصحيفة الرقمية “آشكاين” ارتأت مواكبة مسار إعداد واحد من أهم القوانين التي تحكم الواقع الاقتصادي والاجتماعي بالمملكة منذ اليوم الأول، من خلال فقـرة حوار “ضيف السبت” التي نستضيف عبرها هذا الأسبوع عضو مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين خليهن الكرش، بهدف فتح حوار أولي حول “المذكرة التأطيرية” سالفة الذكر.

وفي ما يلي نص الحوار:

ما هي قراءتكم للورقة التأطيرية التوجيهية لرئيس الحكومة حول مشروع قانون المالية 2024؟

الورقة التاطيرية التوجيهية تكرس التوجه الجديد القديم لكل الحكومات المتعاقبة على المغرب التعاطي المحاسبتي مع قوانين المالية والتي تستحضر فقط التوازنات المالية والتنفيذ الحرفي لتوجيهات المؤسسات الدولية ذات التوجهات النيوليبيرالية على حساب التوازنات الإجتماعية.

ومجموعة من الأرقام الواردة في الورقة التوجيهية بعيدة كل البعد عن الواقع المعاش وتتناقض مع واقع المواطن المغربي الذي يرضخ تحت الارتفاع المتواصل للأسعار، وكان آخرها الارتفاع المتكرر لأسعار المحروقات في الأسابيع الأخيرة، وماله من تأثير على ارتفاع المواد الأساسية المرتفعة أصلا و اتساع دائرة الفقر وتفشي البطالة وسط الشباب وارتفاع نسب التضخم الذي أصبح بنيويا وفشل كل الإجراءات المتخذة من طرف الحكومة؛ والتي كانت جلها لصالح الرأسمال ولم يكن لها أي وقع على المواطن البسيط.

فالواقع يكذب كل الأرقام الواردة في الورقة المذكورة رغم ما حققته مجموعة من القطاعات من انتعاشة مستفيدة من وضع الجيوسياسي الدولي كالسياحة وصناعة السيارات والفوسفاط ومداخيل مغاربة العالم و غيرها، وبالتالي فشعار الدولة الإجتماعية كان ولايزال مجرد شعار من أجل تسويق وتلميع صورة الحكومة، فالشعب توالت عليه الازمات وكل إجراءات الحكومة لم تخفض الأسعار ولم توفر فرص شغل وكان آخر تجلياتها عيد الأضحى الماضي.

الواقع يقول إن هذه حكومة عاجزة عن تنفذ التزمتها، وتجلياتها تتمثل في عدم تنفيذ إتفاق 30 أبريل 2022 و الزيادة العامة في الأجور ومراجعة الضريبة على الدخل، فميزانية هذه الحكومة تعتمد على أكثر من ٪80 من الضريبة المفروضة على الموظفين والأجراء، وهو ما يجعلنا نصفها بحكومة ميزان الإستثمار المختل لصالح الإستثمار العمومي في ضعف للاستثمار الخاص.

هذا كله يعني أن الحكومة عاجزة عن مواجهة الفساد بكل أشكاله المالي والإداري، ولا تحتاج لورقة توجيهية بقدر ما تحتاج لمراجعة شاملة لتوجهاتها وجرأة سياسية لمواجهة كل مظاهر لفساد وتغليب التوازنات الإجتماعية على التوازنات المالية.

لكن، ألا ترى أن ترى أن مرتكزات إعداد مشروع قانون المالية 2024 مرتبطة بسياقها ومبنية على فرضيات لها علاقة بالوضع الإقتصادي والإجتماعي للمملكة؟

كنا دائما ننبه الحكومة إلى أن المرتكزات الذي تبني عليها مشاريع قانون المالية غير واقعية وليست صائبة، في ظل ما يعرفه العالم من تحولات جيوسياسية إقليمية وعالمية متتالية والتغيرات المناخية المتقلبة والمستويات القياسية لدراجات الحرارة التي تم تسجيلها مؤخرا. كل هذا يؤكد توالي الجفاف ومستويات التضخم لازالت لم تسجل أي انخفاض ملحوظ في ظل ارتفاع الأسعار وفشل كل التدابير الحكومية في الحد من ارتفاع الأسعار لأنها تذهب إلى غير أهلها في حين أن المتضررون الحقيقيون من إرتفاع الأسعار يعانون.

لقد حان الوقت لتوجه كل الإجراء ات إلى دعم القدرة الشرائية للمواطن المغربي البسيط والطبقة المتوسطة والفقيرة عبر دعم وتسقيف أسعار المحروقات وتشغيل شركة لاسامير وإعادة تفعيل صندوق المقاصة ودعم المواد الأساسية والزيادة العامة في الأجور ومراجعة الضريبة على الدخل وتشغيل الشباب وفرض ضريبة على الثروة ومحاربة كل أشكال الفساد مع ضمان الحكامة داخل مؤسسات الدولة من أجل نجاح كل هذه البرامج.

طيب، وهل تُمَكّن مرتكزات إعداد مشروع قانون المالية 2024 الحكومة من تحقيق التزاماتها؟

بالطبع ما بني على باطل فهو باطل. لا يمكن للحكومة تنفيذ التزاماتها لأن المرتكزات التي بنت عليها قانون المالية غير حقيقية، وواقع الحال يكذب ذلك والأرقام الحقيقية يؤكدها واقع المواطنين والنسب المرتفعة للفقر والبطالة وإرتفاع الأسعار وضرب القدرة الشرائية للمواطنين وواقع الخدمات العمومية الضعيفة. إن الحكومة تريد دولة اجتماعية بدون تكلفة مالية وهذا مستحيل.

على الحكومة أن تنصت لصوت الحكمة وأن تعلم أن الوضع يتطلب الاهتمام أكثر بالتوزنات الإجتماعية وأن توجه إجراء اتها للشريحة الأكبر من المجتمع وهي الطبقة الفقيرة، وتقوية الطبقة المتوسطة التي هي أساس كل استقرار إجتماعي واقتصادي، مع توفير كل الامكانيات للقطاعات الإجتماعية وعمل على خلق مناصب شغل والحفاظ على مناصب الشغل ودعم الأجراء والموظفين عبر زيادة العامة في الأجور.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x