2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

ما هي إلا أيام فقط على استقبال الملك محمد السادس كريستوف لوكورتيي سفير الجمهورية الفرنسية، يوم 4 أكتوبر الجاري، حتى نشرت القناة الفرنسية الرسمية TF1 خريطة المغرب كاملة غير مبتورة عن صحرائه.
نشر الإعلام العمومي الفرنسي لخريطة المغرب كاملة جاء عقب استقبال الملك للسفير الفرنسي إبان جمود في العلاقات، والذي تم بعد يوم فقط من زيارة وفد دبلوماسي وعسكري فرنسي للعيون بالصحراء المغربية، وهو ما يفتح تساؤلات عريضة عن دلالات ذلك وأثره على تطور العلاقات الثنائية بين البلدين وما إن كانت فرنسا الرسمية تتجه لتغيير موقفها من الصحراء المغربية.
وفي هذا السياق، أوضح أستاذ القانون والعلاقات الدوليين بكلية الحقوق بجامعة محمد الأول بوجدة، محمد زهور، أن “الموقف الفرنسي في هذا المجال كان دائما يميل إلى الحياد لعدة أسباب، أهمها أنه كان يحاول أن يحافظ على العلاقة الاقتصادية التي تربطه مع الجزائر خاصة المتعلقة ببعض الجوانب المرتبطة بالغاز والنفط”.
وشدد زهور في تصريحه لـ”آشكاين”، على أن “فرنسا تدرك جيدا أن المغرب قطع شوطا كبيرا في مجال سيادته التي يعتبرها القضية الاولى، وهذا التوجه سايرهُ المجتمع الدولي، من خلال قرارات الولايات المتحدة الأمريكية، إسبانيا ألمانيا والبرتغال، كلها حشرت فرنسا في الزاوية”.

ويرى المتحدث أن “نشر القناة العمومية الفرنسية لخريطة المغرب كاملة هو رسالة سياسية، بأن فرنسا في الأمد القريب ستساير هذا التوجه الدولي بالإقرار بأن الحكم الذاتي هو الخيار، وأن الحل لا يمكن أن يكون خارج السيادة المغربية”.
وتابع أن “هناك دوافع أخرى اقتنعت بها فرنسا، كون المغرب قوة إفريقية، أولا من خلال موقفه في مجموعة من القضايا، ثانيا لأن المغرب شريك اقتصادي استراتيجي لهذه الدول الأوربية التي اتخذت موقفا إيجابيا من قضية الصحراء المغربية، بما فيها إسبانيا التي استعمرت هذا الإقليم إلى غاية عودته إلى السيادة المغربية في المسيرة الخضراء سنة 1975″.
وأكد أنه ” لم يعد لفرنسا أي أساس تستطيع أن تستند عليه لكي تستمر في هذا الموقف الضبابي تجاه الاعتراف بمغربية الصحراء، ولكن هناك أسباب أخرى أيضا ستدفعها لذلك، بما فيها الانقلابات التي عرفتها القارة الإفريقية خاصة دول الساحل والصحراء والتي أثرت بشكل كبير وبينت أن فرنسا قد خرجت من هذه البلدان وأصبحت مرفوضة فيها، بالتالي لا خيار أمامها سوى أن تحافظ على الحلفاء الاستراتيجيين والموثوقين، الذين تربطهم علاقات استراتيجية مع الاتحاد الأوربي”.
وأشار إلى أن “المغرب وضع قضية الصحراء المغربية بمثابة المنظار الذي ينظر به إلى علاقاته الخارجية، كما قال جلالة الملك في خطابه الملكي، وإذا أرادت فرنسا أن تذهب بعيدا في علاقاتها مع المغرب، سواء السياسية أو الاقتصادية، فلا بد أن تخرج من هذه المنطقة الرمادية وتختار الواقع وتنسجم مع التوجه الدولي لإنهاء هذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية”.
وخلص إلى أن “احتضان المغرب لكأس العالم 2030 ستكون معه مشاريع اقتصادية كبيرة، وبالتالي ليس من صالح فرنسا أن تكون في المنطقة الرمادية، لأن شركاتها ستخسر مجموعة من الأوراش الاقتصادية، والتي ستميل إلى الدول التي اتخذت موقفا إيجابيا من الصحراء المغربية، وستكون المنافس القوي لفرنسا بالمغرب وستفوز بكل هذه الصفقات إذا ما بقيت فرنسا في هذه المنطقة الرمادية، وبالتالي لا خيار أمام فرنسا سوى أن تحذو حذو التوجه الدولي في ملف الصحراء المغربية”.