يحتض المغرب الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي الممتدة من 9 إلى 15 أكتوبر الجاري، كما ينتظر أن يحتضن أيضا اجتماع منتدى التعاون الروسي العربي في دجنبر المقبل بمدينة مراكش، وفق ما صرح به وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عقب لقائه مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
ويثير اختيار المؤسسات والمنتديات الدولية للمغرب كوجهة لتنظيم تظاهرات الدولية الكبرى الكثير من التساؤلات عن سر تحول المغرب إلى قِبلة لتنظيم هذه اللقاءات الدولية.
في هذا السياق، أوضح المحلل الاقتصادي رئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، رشيد الساري، أنه “لا يمكن أن نقول إن هناك سرا، بقدر ما يمكن القول إن هناك عملا كبيرا جدا على مجموعة من المستويات، أولها ما يتمتع به المغرب من استقرار، ثانيها، أنه أصبح لدينا استقلالية كبيرة جدا، والمستوى الثالث هو أن منظومتنا الاقتصادية أصبحت مبنية على عدة أسس”.
وشدد الساري، في تصريحه لـ”آشكاين”، على أن “هناك إكراهات ولا يمكن إنكارها، إذ لدينا تغيرات مناخية كبيرة والتي أثرت بشكل كبير، علاوة على مشاكل مرتبطة بالعوامل الخارجية الجيوسياسية المتقلبة والمضطربة، خاصة عند الحديث على النزاع الروسي الأوكراني”.
موردا أنه “رغم ذلك، يجب أن نسجل أن من بين مفاتيح نجاح المغرب، هو أنه يصمد أمام الصعوبات والمشاكل، والدليل على ذلك هو كيف دبرنا جائحة كورونا في الوقت الذي انهارت فيه منظومات صحية واقتصادية كبرى، في حين أن المغرب لم يشهد انهيارا، بل على العكس، وجد مجموعة من الآليات الجديدة للعمل، حيث بدأنا في تشجيع المنتوج المحلي، وصناعة الأدوات الطبية، وتطوير الرقمنة، إضافة إلى المنظومة الصناعية”.
ويرى المتحدث أنه “إذا كان اجتماع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ينعقد اليوم في المغرب، فإن لهذه المؤسسات معايير لاختيار بلد دون آخر، حيث يجيب أن تكون المنظومة النقدية للبلد مستقرة، وأن يكون اقتصاده من ضمن الدول النامية، وأن تكون لديه أنشطة اقتصادية وأن لا يكون لديه ركود في الأنشطة الاقتصادية، بقدر ما تكون لديه دينامية، وهو ما يتوفر في المغرب”.
وأشار إلى أن “المغرب دخل اليوم في عدد من الأنشطة الاقتصادية، حيث لم نعد نعتمد على موارد تقليدية مثل السياحة والفلاحة، بل ولجنا المجال الصناعي والبيوتكنولوجي، من خلال اقتصاد المعرفة والمسائل الطبية، ودخلنا مجال الطاقات المتجددة، وسندخل مجالات أخرى”.
وخلص إلى أن “ما نعيشه من دينامية لم يأت من فراغ، لأن طمأنة المؤسسات الدولية واختيارها للمغرب لم يكن لأجل سواد عيون المملكة أو أنه اختيار اعتباطي، لكن لأن للمغرب دينامية كبيرة، كما أن المنظومات التشريعية تتغير بالمغرب، حيث يتوفر المغرب على الميثاق الجديد للاستثمار، وتخفيض منظومة الإجراءات الإدارية بنسبة 45 بالمائة، إذ أصبحت هناك مرونة في المساطر الإدارية، ما يعني أن هذا ليس سرا بقدر ما هو مجهود مبذول على عدة مستويات، دون أن ننسى أن العامل البشري بالمملكة أصبح مؤهلا بشكل كبير جدا”.