2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
أظهرت أشغال منتدى التعاون العربي الروسي في دورته السادسة بمراكش، المنتهية يوم الأربعاء 20 دجنبر الجاري، حجم التقارب الذي آلت إليه العلاقات الروسية المغربية في ظل ما يشهده العالم من تقلبات جيوسياسية.
وبدا جليا حجم التفاهم الذي وصلت إليه العلاقات الروسية المغربية من خلال المباحثات التي أجراها وزيرا خارجية البلدين، ناصر بوريطة وسيرغي لافروف، على هامش القمة العربية الروسية، حيث ثمن لافروف هذه المباحثات مؤكدا أنها “أسفرت عن نتائج ملموسة”، والتي شملت تفعيل الشراكة بين البلدين لإنجاز مقتضياتها في مجالات الاستثمار، والتجارة، والاقتصاد، والطاقة، وتكنولوجيا المعلومات، والطاقة النووية السلمية، والصيد البحري والزراعة، بالإضافة إلى الامكانيات الواسعة في مجالات الثقافة والتعليم.
ولمعرفة آثار هذا التقارب على أفق العلاقات الروسية المغربية، وعلى العلاقات المغربية الجزائرية وملف الصحراء المغربية، تستضيف “آشكاين”، في فقرة ضيف السبت، الخبير في العلاقات الدولية، تاج الدين الحسيني.
وفيما يلي نص الحور:
بداية .. ما هي آفاق العلاقات المغربية الروسية بعد التقارب الأخير؟
علاقات واعدة بكل تأكيد، ليس فقط بسبب المنتدى الروسي العربي الذي ترأسه المغرب في شخص وزير الخارجية ووزير الخارجية الروسي، ولكن لسبب بسيط هو أن هذه العلاقات راسخة في القدم.
علينا أن نعلم أن هذه العلاقات انطلقت بين الطرفين منذ 1958، وفي أوائل سبعينيات القرن الماضي وقع الطرفان اتفاقيات مهمة، أهمها تلك التي أطلق عليها اسم “اتفاقية القرن”، والتي تهم مجال الفوسفاط وميدان الصيد البحري وتصدير الحوامض المغربية.
والدفعة القوية التي أعطيت لهذه العلاقات هي بمناسبة زيارة العاهل المغربي لموسكو سنة 2016 حيث وقعت الاتفاقية للتعاون الاستراتيجي المعمق بين الطرفين، وشملت عدة ميادين.
الآن في إطار هذا المنعطف الجديد ارتبط حقيقة بانعقاد الدورة السادسة لمنتدى العربي الروسي، وكان يفترض أن تعقد قبل عدة سنوات، لأن الدورة الخامسة كانت قد انعقدت سنة 2019 في موسكو، وبسبب كوفيد-19 ومشاكل الجائحة تقرر تأخيرها، واليوم والمغرب رئيس لوزراء الخارجية العرب في إطار الجامعة العربية يفترض أن يدعو لعقد هذا المنتدى.
وأظن أن حضور وزير الخارجية الروسي شخصيا لهذا المنتدى، أعطى لهذه المبادرة وزنا أكثر أهمية، وأعطى للعلاقات المغربية الروسي في نفس الوقت دفعة جديدة، لأنه حتى في البيان الختامي الذي أصدره المنتدى كان واضحا تطابق الرؤى في القضايا ذات الاهتمام المشترك من الطرفين، سواء في مسألة القدس، حيث تم التنويه بدور العاهل المغربي في رعاية المقدسيين وضمان الكثير من مصالحهم بوسطة صندوق مال القدس، وكذلك الموقف المعتدل والمبدئي الذي يعتمده المغرب في حل الدولتين.
وحتى بالنسبة لقضية الصحراء المغربية يكتفي بالإشارة، ولم يؤيد الموقف الجزائري بأي حال من الأحوال، ويشير فقط بأنه يعتمد القرارات التي تعتمدها الأمم المتحدة ودور المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ما يعني أن هذا النوع من العلاقات سيكون له ما بعده في المستقبل بكل تأكيد.
طيب.. هل لهذا التقارب المغربي الروسي أثر على العلاقات المغربية الجزائرية؟
أولا، ينبغي أن نشير إلى أن الجزائر لم تحضر في هذا الاجتماع رغم أنها هي أقرب الدول إلى روسيا، بل تعتبر نفسها متحالفة معها، وعدم حضورها لم يكن ليؤثر في أي شيء من أجرأة المحادثات وفي النتائج التي تم التوصل إليها، وهذا يظهر مرة أخرى درجة الحقد والبغض التي تهيمن على القرار الجزائري فيما يتعلق بالعلاقات مع المغرب، وهذا الغياب لم يؤثر في شيء.
وأعتقد أن النظام الجزائري سيدرك أنه سيبقى معزولا في الزاوية بخصوص العلاقات الدولية مع المغرب، لأن الإشادة بالمغرب تمت حتى في مسائل أمنية، حيث سيعقد مؤتمر في هذا المجال سنة 2025، وكانت هناك إشادة بتنظيم المغرب لكأس العالم 20230، وبالكثير من الأهداف التي يرعاها المغرب بكيفية متوالية.
وربما النظام الجزائري يبحث عن عزل نفسه في الزاوية ما دام حليفه الأساسي يؤكد ويتضامن مع المغرب في هذا النوع من القضايا.
وفي جميع الأحوال فإن روسيا يمكن أن تقود مبادرات لم تستطع أن تنجح فيها الولايات المتحدة الأمريكية وبلدان الاتحاد الأوربي، من خلال ممارسة ضغط حقيقي على النظام الجزائري للتراجع عن أطروحتها، أو على الأقل لقبول حلول قد تقترحها الأمم المتحدة في إطار مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب.
عطفا على ذلك .. هل سيؤثر هذا على مسار ملف الصحراء المغربية؟
بالتاكيد. روسيا طرف جد مهم في هذه المعادلة، لأنها هي المزود الرئيسي للجزائر بالأسلحة، حيث أن حوالي 90 في المئة من السلاح الجزائري قادم من روسيا، ولا أعتقد ان مستوى العلاقات الذي وصل إليه المغرب وروسيا سيعطي لهذه الأخيرة صلاحية الإذن لاستعمال أسلحتها ضد المغرب في يوم من الأيام.
المغرب اليوم أصبح متقدما، نتيجة استراتيجية اعتمدها العاهل المغربي، منذ سنة 2015، بعد الخطاب الشهير الذي ألقاه في مجلس التعاون الخليجي، والذي حث فيه على تعددية الشراكات وعلى تنوع الصداقات على المستوى الدولي، وروسيا إن لم تكن حليفا للمغرب فهي صديق متضامن في الكثير من القضايا، خاصة قضايا التعاون الاقتصادي، وقضايا الوصول إلى إفريقيا، وروسيا تعلم جيدا أن المغرب منصة جيدة للوصول إلى إفريقيا، ونقطة استراتيجية للربط بين أوروبا وإفريقيا الغربية إفريقيا جنوب الصحراء.
وبالتالي فرعاية مصالح روسيا تتطلب منها اتخاذ مواقف معتدلة في هذا الموضوع، خاصة في مجلس الامن، ونحن نعلم جيدا أن المواقف التي اتخذتها روسيا لم يكن فيها أبدا رفض لمشاريع القرارات التي تطرح، ولكنها كانت تلتزم عدم التصويت، وهذا الالتزام لم يكن موجها إطلاقا ضد المغرب، بل كان موجها فقط ضد الولايات المتحدة، لأنها ترفض أي اقتراحات لتعديل مشاريع القرارات ثم أنها تحتكر صفة حاملة قلم المجلس، وبذلك تحتكر آلية تحرير قرارات المجلس، وهذا هو السبب الوحيد فقط.
أما على مستويات أخرى، فروسيا مستعدة للتعاون مع المغرب في كل المجالات، وهذا سيضفي نوعا من التطور الإيجابي على قضية الصحراء، لأن السند الوحيد والأساسي الذي يمكن أن تعتمده الجزائر هو روسيا.
وبالتالي إذا كانت روسيا ستتخذ هذا الموقف، والصين هي الاخرى مهووسة بوحدتها الترابية وتعتبر أن حقوق المغرب مقبولة في هذا المجال، فإن النظام الجزائري سيحشر نفسه في الزاوية ويرى نفسه معزولا داخل المجتمع الدولي بخصوص هذه القضية.
صحيح أستاذ الحسيني..روسيا كانت داءما ستبقى صديقة عميقة للمملكة المغربية على الواجهتين الرسمية و الشعبية و المغرب يعتز طبعا بهذه الصداقة و العلاقات التاريخية المتينة.
لا أمريكا ولا روسيا الكل سواسية فهم وجهين لعملة واحدة والدليل أنهما اتفقا على أوكرانيا بطلب روسي وقبول أمريكي واتفقا على فلسطين بطلب أمريكي وقبول روسي لهذا على المغرب أن يعتمد على نفسه بخصوص قضية الصحراء ممسكا العصا من الوسط في علاقته معهما.