لماذا وإلى أين ؟

“العدل والإحسان” تطرح مشروعها السياسي وطبيعة نظام الحكم الذي تريد

أعلنت جماعة العدل والإحسان الإسلامية، في ندوة صحفية يوم الثلاثاء 6 فبراير 2024، عن وثيقة رسمية سمتها بـ “الوثيقة السياسية”.

وتضمنت الوثيقة الجديدة المكونة من أزيد 250 صفحة وعشرة محاور، نظرة الجماعة لكل القضايا السياسية والدستورية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وكل المجالات.

والملاحظ في ذات الوثيقة هو خلو أغلب فقراتها ومحاورها من المصطلحات المُنتمية للقاموس الإسلام السياسي، وتعويضها بمصطلحات دستورية قانونية صرفة، أسس لها في الاصل الفكر الليبرالي في القرن 19 في الدول الغربية.

وفيما يخض الجانب السياسي والدستوري، أعلنت الجماعة أخيرا عن رؤيتها المتكاملة في هذا الجانب، بعد عقود من الزمن كان فيه الغموض يطغى على رؤيتها السياسية، إذ كان يعود كل يريد معرفة تصورات الجماعة ورؤيتها إلى كتابات قاداتها البارزين، أو لبعض البيانات المُقتضبة الصادرة عن دائرتها السياسي، وفيما يلي ابرز ما تضمنته الوثيقة في الجانب السياسي والدستوري.

طبيعة الدولة: دولة مدنية ديمقراطية غير دينية

في سابقة من نوعها، أعلنت جماعة العدل والإحسان لأول مرة عن طبيعة الدولة التي تريد تحقيقها، حيث حددت في وثيقتها الساسية على سعي الجماعة لبناء دولة عصرية عادلة ومنضبطة للتعاقد الدستوري المنبثق عن الإرادة الشعبية، وهي بالأساس دولة مدنية بعيدة كل البعد عن طبيعة الدول الثيوقراطية (الدينية)، والعسكرية والبوليسية.

وأضافت الجماعة بأنها تنشد لدولة القانون والمؤسسات، القائمة على الفصل والتوازن والتعاون بين السلطات، وعلى التداول السلمي للسلطة من خلال انتخابات حرة ونزيهة ومنتظمة.

وبهذا الوصف تكون الجماعة، قد أعلنت لأول مرة عن رفضها لمشروع الدولة الثيقوراطية (الدينية)، والتي لطالما دعت لها في الثمانينات والتسعينات والسنوات الأولى من القرن الحالي.

مسالة وضع الدستور: دستور شعبي مع توافق سياسي قبلي

واصلت الجماعة الإسلامية تعبيرها عن رؤيتها للقضايا السياسية باستعمال المصطلحات المُنتمية لقاموس الليبرالية الدستوري، حيث أعلنت فيما يخص رؤيتها للمسألة الدستورية، على ضرورة الربط القائم بين شكل ووضع الدستور وبين مضمونه، مؤكدة على استحالة تصور دستوري ديمقراطي وُضع بطريقة غير ديمقراطية.

وفي هذا الصدد شددت الجماعة على ضرورة وضع الدستور وفق الأساليب الديمقراطية المعروفة في الدراسات السياسية الدستورية، وبالضبط أسلوب “الجمعية التأسيسية غير السيادية”، ما يعني انتخاب الشعب لهيئة تأسيسية تتولى إعداد مشروع الدستور، ثم التصويت عبر استفتاء عام شعبي على مشروع الدستور الذي أعدته هذه الهيئة.

وحتى لا يستأثر تيار سياسي ما بالأغلبية السياسية داخل الجمعية المنتخبة، تقترح الجماعة توسيع مساحات التوافق بين كل التيارات السياسية والايديولوجية دون استثناء، وذلك عن طريق ميثاق يلتزم به الجميع ويجد الجميع ذاته فيه.

الملاحظ من رؤية الجماعة لطريقة وضع الدستور هو انتصارها الكلي للرؤية الليبرالية الدستورية، وتخليها الكلي عن الأطروحات الدينية السياسية في هذا الجانب.

طبيعة نظام الحكم: نظام برلماني دستوري

وفيما يخص النظام السياسي المُنبثق عن الدستور المنشود وفق الجماعة المذكورة، فقد انتصرت للنظام البرلماني الديمقراطي القائم على الفصل بين السلط وتعاونها (فصل مرن)، وذلك بمنح السلطة التشريعية كاملة ودون نقصان للبرلمان المُنتخب من طرف الأمة، مع حقه في إعمال الرقابة على عمل الحكومة وفي كل ما هو تنفيذي، ومنح كل السلطة التنفيذية ومجالاتها بما فيها الأمن والخارجية والمجال العسكري لمؤسسة الحكومة، المُنبثقة عن البرلمان عن طريق أحقية الحزب المتصدر للانتخابات البرلمانية بتشكيل الحكومة في أجل معقول.

وتضمن الانتخابات، وفق رؤية العدل والاحسان، مشاركة الجميع بشكل حر دون تمييز بسبب الرأي أو الدين أو الجنس او الانتماء الجغرافي، ووضع النظام الانتخابي المحدد لكيفية الانتخابات بطريقة تشاركية ينخرط فيه الجميع، مع القطع مع كل أشكال البلقنة السياسية.

الأحزاب السياسية: حرية التأسيس دون قيود سياسية

وعن تأسيس الأحزاب السياسية وطبيعتها وفق النظام السياسي المنشود لجماعة العدل والإحسان، اقترحت هذه الاخيرة في هذا الجانب ضمان حرية تأسيس الأحزاب السياسية واعتبارها أداة لممارسة السلطة والحكم عبر الانتخابات، وإعادة الاعتبار للعمل الحزبي ومحاربة الصور النمطية التي تحاول السلطة تكريسها، وضمان استقلالية القرار الحزبي الداخلي، وحمية الإدارة لحرية تواصلها مع المواطنين وحقها في استغلال الأماكن العمومية دون منع أو قيد، ووفق القانون.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

3 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
Dghoghi
المعلق(ة)
7 فبراير 2024 22:39

لا نريد كم كفى جربكم المغاربة مند الاستقلال.. وانتم تعكرون صفوة الفكر.. وخربتم التعليم العمومي بفكركم المتطرف..والرجعي واللبيرالي الراسمالي المتعفن.. ان الإسلام دين وليس دولة.وضمير وليس سيفا..وليس في الإسلام أزياء وليس له ألقاب وليس لاحد انه يدعي حامي الإسلام.. الإسلام لا يعرف كهنوت ولا يعرف رجال الدين ولا يعطي قدسية لأحد ولا يمنح عصمة لأحد.. النبي لم يبشر في حياته كلها الى دولة إسلامية فزعامة النبي كانت زعامة دينية جاءت عن طريق الرسالة.. لا غير..كفى جربناكم وجربنا البيجيدي الذي وقع على تحرير الأسعار المحروقات والتعاقد الدي ازم التعليم العمومي وانم عقلية المغاربة.. كفى كفى

احمد
المعلق(ة)
7 فبراير 2024 15:31

أنما الاعمال بالنيات، وأنما لكل آمرإ ما نوى.

متتبع
المعلق(ة)
7 فبراير 2024 14:25

اتعبهم انتظار الكراسي لذلك بحثوا عن تخريجة ربما توصلهم الى السلطة بعكما وجدوا ان الركوب على الدين لا يوصل الى الحكم وهذا مافعله اصحاب بنكران عندما دخلوا تحت عباءة عبد الكريم الخطيب.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x