لماذا وإلى أين ؟

” شر كبي أتاي ”جدلية الفن والأخلاق في عصر التراند وثقافة الإستهلاك

بقلم:عبد المنعم الكزان *

إن التحريض على اغتصاب القاصرات و الإدمان و ”لحريك ” أمر غير مقبول داخل المجتمع المغربي بالتالي يجب إعادة النظر في التعاطي مع الفوضى الرقمية قبل كل شيئ للحد من انتشار هذه الدعاوي قبل أي اجراء قانوني اخر وهي دعاوي لا ترتبط بالراب فقط بل ترتبط بإشكالية البيئة الرقمية وعلاقتها بالتربية والتنمية في عصر إنسان البعد الواحد .

لكن لابد أن ننبه ألى أمر هام وهو أن خصوصية فن الراب تتجلى في كونه أحد الانماط الغنائية التي تعكس شخصية الفرد و تجاذبتها الإجتماعية و الثقافية والإقتصادية بل و حتى النفسية والفزيولوجية أيضا إنه تجربة حياة كما أن المتعاطي لهذا النمط الفني يطوره بناءا على تطور هذه شخصيتة في حد ذاتها في علاقتها بكل المؤثرات التي سلف ذكرها فكلمات رابور اليوم ليست هي مطلقا كلمات رابور الغد و التي قد تتطور طردا وعكسا، هنا تكمن خصوصية الراب وقوته بل وربما فعالية التي قد تكون حامل لمجموعة من القيم الأخلاقية كما أنه حامل لمجموعة من التجارب و التمثلات حول الذات في علاقتها بالدولة والمجتمع . إذا ماهي حدود التعاطي مع فن الراب و الفن عموما هل باستحضارالبعد الإستطيقي الجمالي أو باستحضار البعد الإيتيقي الأخلاقي ؟ و أين تحدد قيمته الجمالية والفنية هل في عدد الايكات و الإيموجي ومجتمعات التراند والبارطاج والهشتاغ ؟ هل يتحدد في الأخلاق السقراطية أم الكشف والإظهار و الفيض الأفلوطيني ، أم في التجرد من كل هذا وذاك لصالح الفن كقيمة مجردة على اعتبار أن لا وجود للفن إلا في حضور الحرية و الإبداع بعيدا عن إكراهات الثقافة والتاريخ (نيتشه)؟ والتجرد من الذاتية (هايدغر) أم خلال عمليات التكثيف والتأويل والتفكيك (جاك ديردا)؟
إن جعل الشر المطلق هو الإبداع الفني لا يمكن أن يسهم في تطوير المجتمع إذ لطالما كان لمغنوا الراب أدوار طلائعية في الكشف و التنمية والنهوض المجتمعي والترافع على مجموعة من القيم و القضايا في العالم ، إنه نوع موسيقي يتسم بالنقدية و له دور كبير في نشر الوعي بمجموعة من القضايا هذا الأمر يقتضي بالضرورة إعادة النظر في التعاطي مع هذا الفنون قصد توجيها لتنمية الذوق العام قصد تنمية حقيقية للمجتمع وترقيته من خلال التربية الفنية .

وهذا الدور تطلع به مجموعة من المؤسسات بدءا من المدرسة والأسرة كما أن القطاعات الوصية يجب أن لا تنخدع تعاملها مع عدة فنون مرتبطة بالموسيقى السينما
بأوهام التراند والهندسة الإجتماعية وعلاقتها بالذكاء الصناعي من خلال البيوتونات الإجتماعية ( botnet social) ولعبة توجيه الرأي العام من خلال التعمية ( cryptography) والحجب أو التسويق والكشف، وهنا يحق للجميع أن يتسائل عن سبب ضعف التعاطي النقدي مع مباحث الفن والجمال الأخلاق ،
في زمن تشضي الوعد بالتنوير وزال إنسانية الإنسان (فوكو) وتحويله إلى سلعة زمن السلطة الناعمة والتسلط الغير مادي و الشمولية الناعمة (ليونداس دونيسكس ) ، فماهي حدود الحرية في ظل الغرس الثقافي الرقمي و العالم التكنولوجي الإفتراضي (جون بودريار)؟ ربما على الدولة إعادة النظر في التعاطي مع الفضاء الرقمي !!!

وفي الختام لابد أن ننبه الى أن هذا الحدث يجب أن لا ينسينا ضرورة تثمين الفكلور والثرات المغربي و حمايته من السرقة والإنقراض من جهة ، كما أنه لايجب أن يكون مبررا لعدم الإهتمام بالفن والثقافة.

*عضو في مركز شمال إفريقيا للدراسات والبحوث وتقييم السياسات العمومية.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
متتبع
المعلق(ة)
10 مارس 2024 22:24

مقاربة هادفة،ولكنها تحمل مفاهيم(غربية)،لايمكن للعامة فهمها_وحتى من لهم بعض من المعرفة_،غير أن _اشكالية ما يسمى حاليا،بالوسائط الرقمية،متروكة على مصراعيها،_وهو أمر مقصود_مبني على ايديولوجية،_”الفوضى الخلاقة”،التي تشجع التفاهة،التي _صارت للاسف،مؤسسية_،والدولة_الراعية_تتحمل الجزء الاوفر،في ذلك،الى جانب _الجمهور_الذي يصوت،لصالح هذه التفاهة،من خلال المتابعة،والاشادة،،،
لقد تأسست في بلادنا_ظواهر البؤس والتفاهة_،حتى أصبح _المشهد الرقمي والاعلامي_ أجوفا،يكرس انحطاط والتدهور بمختلف _تجلياته_،ومايسمى_الراب_ جزء من هذا المشهد البئيس ،لذلك فالحلول،والتصدي بيد”المسؤولين”،،،فعليهم التدخل،حفاضا وخدمة للاجيال،القادمة…

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x