لماذا وإلى أين ؟

عائلات من الصحراء: أهل الشاعر الشنكيطي..”مريم الصحراوية”: حافظة قرآن قتلتها القوات الفرنسية بالرصاص

يسر جريدة “آشكاين” الإلكترونية  أن تضع بين يدي قرائها الأعزاء سلسلة تاريخية تتقفى أثر العائلات والأسر الصحراوية التي كان لها أثر بليغ في الصحراء المغربية، وذاع اسمها نظير ما بذلته في مجالات مختلفة من الحياة من خلال ركن  “عائلات من الصحراء”.

وسنتطرق في حلقة اليوم إلى إحدى أفراد أسرة عائلة الشاعر المُجيد محمد سالم ولد عبد الفتاح العلوي الشنكيطي، وهي امرأة من أهل القرآن المعروفة بـ”مريم الصحراوية”.

“شهيدة رصاص الاحتلال الفرنسي”

يروي لنا محمد سالم عبد الفتاح، أحد حفدة “مريم الصحراوية”، أنه “في زاوية أهل البصير ببني عياط يميزون شهداء هجوم الفرنسيين السبعة على الزاوية، والذين من بينهم جدتهم، مريم منت أحمدو، كما يؤكدون أنها توفيت برصاص الاحتلال الفرنسي إبان هجوم الفرنسيين عليهم، ويصفونها بالشهيدة وبالعالمة والمربية، ويتواترون أخبار مقامها بالزاوية، خاصة اعتناءها بتدريس النساء والأطفال، سيما نساء أهل البصير وبنات شيخ الطريقة”.

وتابع عبد الفتاح، أن “مريم منت أحمدو كانت قد أقامت ثلاثينيات القرن الماضي بزاوية أهل البصير تُدَرِّس فيها الى جانب زوجها الذي جمعته صداقة بشيخ الطريقة البصيرية، حيث اتصل بعلماء المنطقة، ودرس على يديه الكثير من أبناءها في نفس الفترة”.

محمد سالم عبد الفتاح ـ

وأشار المتحدث في تصريحه لـ”آشكاين”، أن “مريم منت أحمدو هي نفسها التي أفرد لها المختار السوسي في كتاب المعسول، الجزء الثالث ص: 57، حيث أطلق عليها لقب “مريم الصحراوية” الذي بات علما لها في عديد التراجم الأخرى، حيث أن ترجمته لها التي تناول فيها أخبار مقامها بسوس، قبل انتقالها رفقة زوجها الى بني عياط”.

وأورد حفيد مريم الصحراوية “، نقلا عن ترجمة السوسي:”هي مريم بنت محمد سالم بن عبد الله بن احمادو، من قبيلة آل سالم المشهورين بالعلم من أجيال إلى الآن، وفي أسرتهم علماء كبار يُدَرّسُون ويُؤَلّفُون، وقد توفى من يسمى منها غاري، ولا يزال منهم علماء أحياء الآن…، مريم هذه قرينة محمد سالم بن عبد الفتاح الشاعر العلوي الشنقيطي الذي سكن بـ”إلغ” (بسوس)…، وكان لها وراء إتقان حفظ القرآن يدا حسنة في العلوم، كما كان لها في تلاوة كتاب الله العجب العجاب بغنتها الصحراوية الحلوة…، وقد شهدت لها نساء دار الأستاذ (المدني) أنها تبقى كذلك طوال الليل، وفي الأسحار، يقلن: نذرها كذلك عند نومنا، وإن تأخرنا عن المنام كثيرا، ثم نجدها كثيرا عند إفاقتنا عند السحر، ولا ندري متى تنام، وقد اعتنت بأولادها وبناتها تربية وتعليما…”.

شح المصادر التاريخية

من جانبه يورد الباحث في التراث اللامادي الحساني، بوزيد لغلى، عن ندرة المعلومات حول  هذه الشخصية كغيرها من الشخصيات التي بصمت في التاريخ الصحراوي، رغم أن بعضهم لم يتوفاه الله إلا في أوائل القرن العشرين كما هو حال للسيدة مريم الصحراوية كما دعاها صاحب المعسول الذي قد يكون المرجع الوحيد الذي يضم بين ثنايا أجزائه شذرات من تلك السير”.

ويرى لغلى، في حديثه للجريدة لرقمية “آشكاين”  أنه “رغم شح المعلومات التي أوردها المعسول عن هذه السيدة وزوجها الشاعر المُجيد محمد سالم ولد عبد الفتاح العلوي الشنكيطي، فإنها تظل مادة نفيسة”.

وأبرز  الدكتور بوزيد لغلى، أن ما رشح لديه من معلومات نقلا عن “أحفادها وأسباطها الذين عرف منهم عددا من الشعراء مثل محمد النعمة بيروك والأساتذة مثل محمد فاضل لفيرس ومحمد سالم عبد الفتاح؛ لم يظفر عندهم عنها إلا بما وجده مسطورا في المعسول”.

سليلة محضرة أهل محمد سالم

ويردف لغلى أن “المعسول ترجم للسيدة مريم ضمن قائمة الإلغيين غير المرابطين المقيمين، ولو مؤقتا في قرية (دو كَادير)، و قال إنها: مريم بنت محمد سالم بن عبد الله بن احمادو من قبيلة أهل سالم المشهورين بالعلم من أجيال إلى الأن”.

واعتبر المتحدث أن “القصد بـ”أهل محمد سالم”، هم فرع من” أهل المجلس أو مدلش” الذين ينمى أصل جدهم القاضي إبراهيم إلى عمر بن عبد العزيز الأموي، وقد ضمت موسوعة صدرت مؤخرا بموريتانيا أهم تراجم أعلامهم الذين اشتهر منهم صاحب الريان في تفسير القرآن؛ محمد بن محمد سالم العلوي الشنقيطي”، منبها إلى أن “السيدة مريم؛ ليست من محدثي نعمة العلم؛ فقد نبتت في دوحته”.

الاهتمام بحفظ القرآن

وأشار لغلى إلى أنه “رغم عدم معرفة تاريخ انتقالها إلى إلغ مع زوجها الشاعر المفوه محمد سالم ولد عبد الفتاح العلوي الشنقيطي؛ إلا أنه من المعلوم اهتمامها بحفظ القرآن والعناية به ترجع فضلا عن تأثير أصول أسلافها المجلسيين إلى ما أشار إليه المعسول من أثر للسيدة الجليلة (ماحا) والدة الشيخ النعمة وقرينة الشيخ ماء العينين التي اعتنت بها؛ وزوجتها ابن أختها (الشاعر المذكور)، وعنها أخذت حسن السمت وطيب الأخلاق والتهجد بالليل حسب عبارة صاحب المعسول الذي ذكر أنها كانت تشرف على تعليم بنات الحاج صالح في بيت الأستاذ سيدي المدني بن علي؛ قائلا: ” كانت لها وراء إتقان حفظ القرآن يداً حسنة في العلوم”.

التنقل لتعليم بناتها

ويشير المعسول، يسترسل المتحدث “بشيء من الإيجاز إلى انتقالها مع زوجها إلى زاوية سيدي ابراهيم بن البصير بتادلة من أجل تعليم بناتها، كما يذكر مطلع قصيدة لم نجد تتمتها لاطفها بها زوجها؛ وقد ضيفت إنساناً: ماذا تحاول لك ويحها مريم .. و لضيفها في الناس ضيف مكرم”.

 

الحلقة السابقة

عائلات من الصحراء: أهل الشيخ بيروك.. عائلة بسطت نفوذها التجاري من وادنون إلى السودان

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x