2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
يسر جريدة “آشكاين” الإلكترونية أن تضع بين يدي قرائها الأعزاء سلسلة تاريخية تتقفى أثر العائلات والأسر الصحراوية التي كان لها أثر بليغ في الصحراء المغربية، وذاع اسمها نظير ما بذلته في مجالات مختلفة من الحياة من خلال ركن “عائلات من الصحراء”.
سنتطرق في حلقة اليوم إلى الشيخ محمد سالم ولد الهادي المدلشي أحد الشيوخ المحفظين للقرآن الكريم بوادنون، والذي عرف بطريقته الفريدة في تحفيظ القرآن والتي شابهت طريقة المشائين.
يورد الباحث في التراث اللامادي الحساني، بوزيد لغلى، أن “روايات متطابقة ممن عاصر ولقي الفقيه محمد سالم ولد الهادي، تفيد أنه قدم الى كليميم حاضرة وادي نون عام 1945”.
وأردف لغلى، في حديثه للجريدة أنه “قد عمل على محاولة إعادة سيرته من خلال المقابلات الشفوية عام 2013، حيث عقدت مقابلة مع نجله الاستاذ المحترم اسماعيل، الذي لا يتذكر كثيرا من محطات حياة والده الذي توفاه الله قبل أن يشب الفتى عن طوق الصغر، غير أنه اطلع بعد أن اشتد عوده على الرسالة التي حررها والده في شان النازلة التي يعتقد أنها بمنزلة فراق موسى مع فتاه”.
وتتضمن النازلة حسب ما نقله الباحث عن نجل محمد سالم ولد الهادي المدلشي أن الأخير “اختلف مع شيخ المحظرة يومها حول قضية عقدية ناشئة عن سؤال من أسئلة القدامى في العقائد، تتصل بمصير أم الرسول عليه السلام، والرسالة كما حدثه الأستاذ اسماعيل كانت موجودة إلى عهد قريب بمنزل العائلة بالعيون، لكن أصابها تلف بسبب حريق اذهب اغلب ما فيها”.
ويحكي لغلى أنه “تبيه له عقب مقابلات أجراها مع كهول درسوا على يد الفقيه الجليل محمد سالم ولد الهادي أن طريقة تعليمه للقرآن وما إليه من علوم ومعارف فريدة للغاية، فقد كان لا يقتصر على الطريقة التقليدية التي تعتمد أساسا على التحفيظ عبر الكتابة على الالواح، بل كان يخرج مع تلاميذه، وهم يتلون عليه ما حفظوه حتى يصلوا إلى ضواحي المدشر يومها، حيث البيادر والجنان، وكأنه يستلهم طريقة المشائين في التلقين، أو لنقل طريقة السياحة في أرض الله من أجل التدبر والتلقين”.
وأكد لغلى أنه قد “لمس إثر التعليم المحظري الذي كان يباشره -دون إقامة محظرة- هذا الرجل الذي تشرب الطريقة المحظرية في التدريس خلال فترة نشأته وتحصيله في محظرة خاله وغيره ممن أخذ عنهم من المجلسيين”.
وأشار إلى أن “تلاميذه السابقين لا يزالون يحفظون شعرا وفيرا اغلبه من المعلقات، علاوة على حفظ كثير من سور القرآن الكريم، ذلك أن العربية هي لغة القرآن، ولا يستقيم النهل من معارف الوحي دون التمكن من الآلة وعلومها”.
وحسب الباحث ذاته فإنه “يشهد للفقيه محمد سالم ولد الهادي أنه أحيا السنة وأمات كثيرا من البدع على حد ما أفاد به تلاميذه، فقد حض الناس على عدم الذبح على القبور والتزام السنة في زيارة المقابر، وكان زاهدا في الدنيا، يستقي الماء من البئر رغم كبر سنه، ويحرص على التماس الرزق الحلال، متعففا عن طلب المناصب، إذ اعتذر عن قبول تولي القضاء كما ذكر بعض من عاصروه”.
وخلص إلى أن “الشيخ محمد سالم ولد الهادي كان يتألم لحال القدس السليب، واعتقد أن طريق تحرير فلسطين من اليهود الغاصبين لكن يكون إلا إذا استجمع المسلمون معاني الإيمان الحق، ووحدوا كلمتهم، حيث كان يقول إن الفئة القليلة إذا صدق وصح إيمانها ستنتصر دون شك مصداقا لقوله تعالى: وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله” .