لماذا وإلى أين ؟

فاطمة الدريدي.. حكاية عائلة فقدت معنى الفرح

معتقلات بلا أحكام..، سلسلة يتم تسليط الضوء من خلالها على الظروف التي عايشتها عائلات المعتقلين في فترة ما سمي بـ “سنوات الرصاص” التي شهدها المغرب،

وفيما يلي تكملة للحوار الذي الذي تحكي من خلاله فاطمة الدريدي مسار رحلة عائلتها إبان اعتقال شقيقيها في تلك الفترة:

– هل تغيرت الأحوال بعد استقبال البصري لكُن؟

أبدى الوزير البصري أسفه حينها حول وضعية أبنائنا، والتزم بالسماح للعائلات بزيارة أبنائها، غير أنه وللأسف وفي الطريق نحو إدارة السجن تم اعتقال الأمهات بمن فيهم أمهات المناضلين المعتقلين مجموعة 26، وذلك لمدة ثلاثة أيام بالرباط.

ولما رجعت أمي السعدية إلى مراكش وجدت أن عليها تسدد غرامة مالية قدرها 500 درهم تحمل اسم الشهيد الدريدي بوبكر. وقبل ذلك سبق أن تم الاعتداء على الأمهات بالضرب يوم 10 ماي 1985 بمستشفى ” بن زهر ” بمراكش ونقل ثلاثة منهن إلى قسم الإنعاش

– هل تعرضت باقي أفراد العائلة لضغوطات معينة؟

ففي خضم هذه المعاناة كان منزل أمي السعدية مفتوحا في وجه جميع المناضلين، ومطوقا بالشرطة ومراقبا ليلا نهارا، تعرض على إثره جميع أصدقاء العائلة وساكنة الحي للتهديد والمساومة وأغلبهم لم يعد يتجرأ حينها على محاذاة المنزل باستثناء الأصدقاء الأوفياء وبطبيعة الحال رفاق الشهيد وابنينا.

فالعائلة ظلت محاصرة منذ الاعتقال، ومُعرضة لكل أشكال التضييق، أذكر من بينها اعتقال مولاي أحمد يوم 22 أكتوبر 1985 لمدة طويلة في درب مولاي الشريف، وكان الضغط عليه مستمرا ومنعوه بشكل رسمي من متابعة دراسته ومن الحصول على الدكتوراه في الطب، وطرد كذلك مولاي عبد الرحمان الأخ الأصغر من المدرسة العسكرية لا لشيء سوى لأنه يحمل اسم الدريدي، والاعتداء بالضرب من طرف ما كان يسمى “الأواكس” على خديجة.

– كيف عاشت العائلة في ظل هذه الأجواء؟

مع استمرار هذه الوضعية عاشت أمي السعدية والأمهات والعائلات لسنوات مأساة حقيقية لا يمكن بأي حال من الأحول أن نصفها، حالة من الإرهاب النفسي والجسدي لأمهات دخل أبناؤهن في إضرابات مستمرة عن الطعام لمدة تزيد عن خمس سنوات ولا يعرفن أي خبر عن وضعيتهم. تسافر الأمهات إلى البيضاء وعند وصولهن تطاردن من طرف الشرطة داخل المستشفى وقد كانت أمي السعدية تأمل أن ترى ولو ظل الطاهر الدريدي عبر نافدة المستشفى. وهكذا بقيت الأمهات لا يتوصلن بأي خبر سوى احتمال الوفاة في أي لحظة.

ورغم هذه الوضعية الحرجة، كانت تصر العائلة على إحياء ذكرى الشهيدين في منزلها بالرغم من كل الممارسات، وساهمت هذه المسألة بشكل كبير في فضح وضعية السجون المغربية آنذاك، وساهمت أيضا في شحن المناضلين بمعنويات جديدة للاستمرار في النضال.

وكانت لذلك نتائج إيجابية حيث كنا نستقبل خلال تنظيم ذكرى الشهيدين في كل سنة عائلات المعتقلين السياسيين من كافة أنحاء المغرب ونستقبل الصحافة الدولية والوطنية والمنظمات الحقوقية الدولية وضمنها منظمة العفو الدولية ومنظمة لافر AVRE والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان FIDH، وكانت تتحول ذكرى الشهيدين إلى مؤتمر للعائلات يتم خلاله محاكمة جرائم المسؤولين وتطلق الدعوات المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والكشف عن مصير المختطفين

وللأسف في ظل هذه الوضعية التي كان عليها أبناؤنا ماتت أمي السعدية، قتله واقع البلاد آنذاك وأنهكها المرض، ماتت وقلبها يحترق جراء وضعية أبنائها.

– كيف ترين حضور المرأة في هذه الظرفية السياسية الدقيقة التي مر منها؟

في خضم هذه المعاناة، كانت المرأة المغربية حاضرة بقوة في شخص أمهات المعتقلين السياسيين وزوجاتهم وأخواتهمن، وهن من عرف بوضعية المعتثلات والسجون، ومن راسل المنظمات الدولية الحقوقية، وهن من بقي يمد المعتقلين بالأمل وروح الصمود.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x