لماذا وإلى أين ؟

هل يريد بنكيران إحراج الدولة المغربية من أجل مصالحه الشخصية؟

خلال أسبوع واحد، عبر رئيس الحكومة المعزول، الأمين العام الحالي لحزب “العدالة والتنمية”، عبد الإله بنكيران، عن موقفه في قضيتين إحداهما خارجية شغلت كل العالم والثانية داخلية وربطها بقضية تشغل كل العالم.

ومن خلال قراءة ما بين أسطر كلام بنكيران، يستشف مما قاله هذا المسؤول الحزبي الذي شغل ثاني منصب في هرم النظام المغربي، أنه يقطر الشمع على الدولة المغربية أو يريد إحراجها أمام المنتظم الدولي.

القضية الأولى تتعلق بقضية مصرع الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، والوفد المرافق له في حادث لم تكشف كل ملابساته بعد، وهي القضية التي شدت أنظار الرأي العام الدولي، خاصة أن الحادث الغامض، يأتي في سياق توتر إقليمي ودولي بسبب العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين.

وعلى غرار عدد من دول العالم، عبرت المملكة المغربية، من خلال بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، عن تعازيها الصادقة للشعب الإيراني وعائلات الضحايا على إثر حادث سقوط الطائرة المروحية الذي أودى بحياة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ومجموعة من المسؤولين.

وبالتأمل في بلاغ الدولة المغربية نجد أن التعزية قدمت للشعب الإيراني، وليس للمسؤولين عن النظام الإيراني، والأسباب يعرفها الكل، وهي أن السلطات المغربية، ومنذ تاريخ 1 ماي 2018 قامت بقطع علاقاتها مع نظام “العمائم” الإيراني، بسبب تسهيل هذا النظام الذي يوصف بـ”المارق”، عمليات إرسال الأسلحة والدعم العسكري لمرتزقة “البوليساريو”.

لكن؛ عبد الإله بنكيران، المفروض فيه أنه أكثر المغاربة معرفة بعلاقات الدولة المغربية، نظرا للمنصب الذي قد شغله قبل أن يعزل منه، كان له رأي آخر، فاختار أن يوجه التعزية لقائد النظام الإيراني علي خامنئي، باعتباره “المرشد الأعلى للثورة الإسلامية للجمهورية الإيرانية”، بدل الشعب الإيراني، وشتانا بين هذا وذاك.

بنكيران وحزبه شكل نشازا في هذه القضية، على اعتبار أنه كان الحزب المغربي الوحيد الذي يعزي النظام الإيراني، خلافا للموقف الرسمي للدولة المغربية، فما الهدف من ذلك؟ وما هي نوعية العلاقة التي تجمع بنكيران بالنظام الإيراني، حتى يعزيه بدل تعزية الشعب، رغم الدعم الذي تقدمه مليشيات الحرس الثوري التابعة لهذا النظام لعصابة البوليساريو التي تستهدف المملكة في وحدتها الترابية وتستبيح دماء مغربية؟

القضية الثانية هي دعوة بنكيران لإلغاء مهرجان موازين أو تأجيله، “حتى لا يرقص المغاربة على جراح إخوتهم الفلسطينيين”، بحسبه.
بنكيران ليس أول مغربي يدعو لمقاطعة مهرجان موازين العائد إلى شوارع الرباط بعد غياب لثلاث سنوات، فالمهرجان شهد من قبل حملات للمقاطعة وانتقادات لاذعة، لكن بالتمعن في دعوة بنكيران نجدها كالسم في الدسم، أو كلمة الحق التي يراد بها باطل. لماذا؟

فرئيس حكومة المغاربة الأسبق، والشخص الذي يصفه أتباعه بالزعيم الوطني ورجل الدولة، ربط دعوته بالأحداث التي تقع في غزة، وهو كلام معقول، لكن دعوته وجهت إلى الدولة المغربية التي يرأس رئيسها لجنة القدس، والتي يعتبر ملكها؛ محمد السادس، القضية الفلسطينية قضية وطنية.

دعوة بنكيران الدولة المغربية وليس المغاربة هي في اعتقادنا محاولة منه لإحراج رئيس الدولة أمام المنتظم الدولي، وإظهاره بغير المكترث لما يعيشه الإخوة الفلسطينيين من تقتيل وعدوان وإبادة، والحال ليس كذلك تماما.

لن نعدد في هذا المقال ما قدمه ويقدمه المغرب برئاسة الملك محمد السادس للقضية الفلسطينية. ببحث بسيط يمكن الاطلاع على عشرات البلاغات التي تعكس الموقف المغربي من القضية الفلسطينية والموقف من العدوان الذي يتعرض له الفلسطينيين، والمبادرات التي قام بها المغرب، ومازال، على أرض الواقع من أجل الشعب الفلسطيني، ولعل إحداها، أنه كان أول دولة توَصل مساعدات عبر البر للفلسطينيين خلال تعرضهم للعدوان الأخير الذي قتل وشرد وهدم البلاد والعباد.

قد يقول قائل، إن بنكيران عبر عن رأيه ورأي حزبه، وهو أمر غير مُجرم، بل ويعكس حرية العمل الحزبي في المغرب، وهذا صحيح جزئيا، لكن حرية العمل الحزبي بالمغرب لا تمنح ضوءا أخضرا لنسف المجهود الوطني اتجاه قضايا الشعوب عبر العالم، ولا تضرب المصلحة الوطنية عرض الحائط وتقدم هدايا مجانية لأعداء الوطن من أجل مصلحة قد تكون حزبية انتخاباوية ضيقة بغطاء ديني إنساني؟

بنكيران في عهد حكومته نظم موازين، وغنت ورقصت فيه مغنية بالتبان على المباشر وداخل منازل كل المغاربة، نظم موازين في عهد الحكومة التي ترأسها حزبه ذي المرجعية الإسلامية ومسلمي الروهينغا يبادون ويهجرون واليمنيون يقصفون والمسلمون الصوماليون يتقاتلون..، فلماذا لم يدعو حينها لمقاطعة موازين؟ ولماذا لم يعمل؛  وهو رئيس الإدارة في حينها على منع هذا المهرجان؟ لماذا اليوم بعدما عاقبته الصناديق ورمي به إلى المعارضة؟

من حق بنكيران أن يمارس الدبلوماسية الحزبية الموازية، ومن حقه أن ينتقد ويعبر عن موقفه من قضايا داخلية وخارجية، لكن ليس من حقه أن يرمي بالدولة المغربية وعلاقاتها الخارجية إلى الجحيم من أجل مصلحة قد تكون الشخصية. انتهى الكلام.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

2 2 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

5 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
insatis
المعلق(ة)
26 مايو 2024 08:01

Ce Monsieur il sent et voit dépassé par les Progrès de ce monde qui avance à GRANDE VITESSE et dans tous les domaines économique scientifiques culturel et surtout une avancée spectaculaire dans les Moeurs que Monsieur Benkiran il combat bec et angle il se voit dépassé

السباعي العربي
المعلق(ة)
26 مايو 2024 07:27

لوكان عندو الوجه علاش يحشم كون ميبقاش يدور بساحة السياسة يمشي يدير الحلقة فجامع الفنى ولكن والله مكيحشم ولايسعني الا ان اقول له حسبي الله ونعم الوكيل الله تعالي ياخد فيه الحق تعدى علي المغاربة بصفة عامة وحرمهم من دعم صندوق المقاصة والطامة الكبري الجريمة التي ارتكب في حق المتقاعدين والدين سوف يقتصون منه غدا عند الله الله ياخد فيه الحق الله تعالي ياخد فيه الحق

Omar
المعلق(ة)
26 مايو 2024 12:36

هي مصلحة شخصية بالتاكيد لكن هذا الشخص لفضه المغاربة فلماذا نعطيه حجما اكبر من حجمه ….لم يعد يمثل الا نفسه و قد يقع تحت طائلة القانون اذا بقى كيقزز و يلعب خفيف فوق الجهد …

ali
المعلق(ة)
25 مايو 2024 22:16

نقطة توضيح: بنكيران لم يكن يحكم المغرب ولكن كان يرأس الحكومة المغربية تحت اشراف صاحب الجلالة

عزيز الغيور
المعلق(ة)
25 مايو 2024 23:50

لبنكيران الحق في التعبير عن رأيه ورأي حزبه وهو يتماشى مع رأي القواعد، فالأصول الدولية تستلزم تعزية المرشد الأعلى أولا والشعب ثانيا ويمكن بذلك أن نقرب بين الشعبين ونغلق الباب على مرتزقة البوليزاريو، ثانيا موازين من المفروض من صاحب الجلالة أن يصدر أمره السامي بوقف الاحتفالات على جثث إخواننا الفلسطينيين وهو رئيس لجنة القدس، وقد عبر إخوتنا الفلسطينيون عن امتعاضهم من موازين وعملوا مقطع فيديو يحث المغاربة على مقاطعة مهرجان الذل والعار.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

5
0
أضف تعليقكx
()
x