لماذا وإلى أين ؟

الدفاع عن حضور “إسرائليين” لمنتدى السوسيولوجيا بالمغرب يجر انتقادات واسعة على فزة

تعرض جمال فزة، الأستاذ الجامعي في علم الاجتماع لانتقادات لاذعة من طرف نشطاء وزملاءه في الشعبة، على خلفية تدوينة له تدافع عن مشاركة السوسيولوجيين الإسرائليين في المنتدى الدولي لعلم الاجتماع المقام هذه السنة بالمغرب بجامعة محمد الخامس الرباط.

وقال الرئيس السابق لشعبة السوسيولوجيا بكلية الاداب والعلوم الانسانية بالرباط: “أن يدعو شخص ينتمي إلى السوسيولوجيا إلى مقاطعة المنتدى بحجة أن هناك مشاركين يمثلون إسرائيل أو اليهود، فهذا ما يعكس جهلا عميقا بالمهام المنوطة بعلم الاجتماع، وإقحام العلم والعلماء في خانات إيديولوجية وسياسية بعيدة كل البعد عن طبيعة هذا العلم، حيث أهم الأدوات التي يتعين على السوسيولوجي أن يتسلح بها، لهي الحياد الأكسيولوجي الذي دعا إليه ماكس فير، والذي بدونه يمتزج علم الاجتماع بالرأي والاعتقاد”.

وذهب فزة أبعد من ذلك معتبرا أن كل منتقد للملتقى الدولي “عليه أن يقاطع علم الاجتماع نفسه، لأنه بكل بساطة، علم من إنتاج اليهود وبعض المسيحيين فمن دوركايم وزيمل مرورا بليفي ستروس، وعزرا بارك لن تجد اسم احمدا أو اسماعيل يبصم بصمته في تاريخ هذا العلم العظيم”، على حد تعبيره.

ولقيت تدوينة جمال فزة، غضبا شديدا جدا خاصة فيما يخص عدم التمييز بين الصهيونية واليهودية، إذ اعتبر الناشط والباحث الأكاديمي محمد الموساوي أن “الداعين للمقاطعة هؤلاء، لا يدعون مقاطعة المنتدى بسبب حضور یهود بل بسبب حضور صهاينة من دولة الكيان، فكيف تخلط بين الصهيوني واليهودي ايها القاعدي السابق الاستاذ الحالي، ماركس نفسه يهودي، لكنه ليس صهيونيا ابراهم السرفاتي يهودي”.

وأضاف الموساوي موجها خطابه لفزة، إلى أن “كثيرون قبلك، حاولوا ان يضعوا العلم في درجة الصفر من الحياد، لكنهم انتهوا الى مجرد نكت سمجة، خاصة علم الاجتماعي الذي هو احد ركائز العلوم الانسانية التي لا يمكن ان تتدعي الحياد”، متسائلا عما إذا كان الاستاذ فزة قد “قرأ لفوكو والتوسير ونيكوس بولينتزاس وغرامشي”.

واستغرب البعض الآخر من كلام فزة، معتبرينه يُناقض كليا “انتماءه السابقة للطلبة القاعديين واعداءه الانتساب للفكر الاشتراكي النقدي”، إذ تساءل ناصر موحى الناشط الطلابي السابق ضمن تيار الطلبة القاعديين إبان تسعينات القرن الماضي، حول ما إذا كان صاحب التدوينة هو “الرفيق فزة الذي عرفته في الجامعة أم شبه إلي ؟”، مضيفا ” خرجاته مؤخرا تشبه ضربات مقص في الفراغ بلا كرة وبلا مرمى، بدءا بالدعوة للتطبيع مع الظلامية وانتهاء بتبرير التطبيع مع الاسرائليين..”.

في ذات السياق، اعتبرت الباحثة في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، فاطمة أفيد، أن “أن العلوم الاجتماعية ليست مجرد أدوات تحليل محايدة، بل يجب أن تكون فاعلة في كشف أنساق الهيمنة، ومرافقة ديناميات التحرر والكرامة”، مشددة على استحالة وقوف السوسيولوجيا والانثروبولوجيا “على الحياد أمام قوى الموت، أو تنزلق إلى تبرير الاستعمار أو تغطية ممارساته العنصرية. إنها بالأحرى علوم ملتزمة بالعدالة، ومنحازة للكرامة الإنسانية، ولتجارب الشعوب التي تناضل من أجل الحرية.”

وأضافت أفيد في تدوينة لها أنه “لا يمكننا إغفال ما نبهت إليه الأنثروبولوجية الأمريكية نانسي شيبر هيوز من خطر التآكل الأخلاقي والمعرفي الذي يُحدق بالأنثروبولوجيا تحت تأثير النيوليبرالية، حيث باتت الإثنوغرافيا مهددة بفقدان صلتها بالقضايا الإنسانية، في ظل هيمنة مفاهيم مثل “ما بعد الحداثة” و”العولمة”، مستندة لنظريات “شيبر-هيوز التي دعت إلى استعادة التفاعل الميداني والالتزام السياسي المباشر. وأسهم هذا التوجه في بروز ما يُعرف بـ”الأنثروبولوجيا النقدية” و”الأنثروبولوجيا الملتزمة”، التي ترفض الحياد الزائف وتدعو إلى انخراط الباحث في قضايا التهميش والاستبعاد الاجتماعي”.

وأكدت ذات الناشطة اليسارية والباحثة الأكاديمية وجود “العديد من العلماء والباحثين اليهود المرموقين عن مواقف شجاعة ومنحازة للحق الفلسطيني، في مواجهة المنظومة الاستعمارية الصهيونية. من بينهم المؤرخ إيلان بابي، المعروف بأعماله حول التطهير العرقي في فلسطين، والفيلسوف والمؤرخ مارك إيليس الذي سطّر نقدًا لاهوتيًا وأخلاقيًا عميقًا للصهيونية، وعالم السياسة نورمان فنكلستاين الذي فضح التوظيف الانتهازي للمحرقة لتبرير السياسات الاستعمارية”.

بدوره يرى أبو علي بلمزيان، أن ما عبر عنه أستاذ علم الاجتماع فزة هو “مرثية للسوسيولوجيا لا دفاعًا عنها، تدّعي الحياد العلمي، بينما تعجُّ بأخطر أشكال التواطؤ الإيديولوجي مع أنظمة القمع العالمية، وتعيد إنتاج الخطاب المهيمن الذي طالما ناهضه علم الاجتماع بوصفه علمًا نقديًا بامتياز”.

وأضاف بلمزيان أن التدوينة المثيرة للجدل “مكتوبة بنبرة استعمارية مقززة، حين يطالب من لا يعجبه الأمر بأن “يُهيئ حقائبه ويرحل”، وكأن هذا العلم حكر على المتواطئين من أمثاله، ناسفًا بذلك كل مبادئ الجامعة العمومية التي قامت على التعدد والاختلاف والمقاومة. وهل هناك ما هو أكثر انحطاطًا من أكاديمي يُقصي زملاءه لأنهم نددوا بمشاركة مجرمي حرب؟ أليست هذه دعوة صريحة لإفراغ الجامعة من أي صوت حر؟

يُذكر أن الإعلان عن تقديم ورقة بحثية بجامعة محمد الخامس بالرباط حول “صمود ونهوض الإسرائليين بعد هجمات السابع من أكتوبر”، ضمن فعاليات الملتقى الدولي للسوسيولوجيا المزمع عقده بداية الشهر المقبل، قد فجر دعوات مقاطعة أكاديمية دولية واسعة النطاق.

وبمجرد الإعلان عن برنامج الملتقى الدولي لعلم الاجتماع المنظم من طرف الجمعية الدولية لعلم الاجتماع، أصدر أساتذة وطلبة باحثين بيانات وبلاغات تؤكد انسحابهم ومقاطعتهم للتظاهرة الدولية الأكاديمية.

ويُشار إلى أن جل الجامعات العالمية، تشهد في الأشهر الأخيرة تحركات احتجاجية واسعة مناهضة لأي مشاركة أكاديمية إسرائيلية ضمن أية فعاليات أو تظاهرات بحثية.

وتتهم هذه التحركات العالمية، الجامعات والمؤسسات البحثية الإسرائيلية بالمشاركة الفعلية والمباشرة فيما تسميه “حرب الإبادة الجماعية” المرتكبة من طرف جيش الاحتلال في حق الشعب الفلسطيني بقطاع غزة المحاصر والمدمر كليا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

5 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
لحسن
المعلق(ة)
28 يونيو 2025 10:59

هاد ناصر موحا وهاد الموساوي وافيد عندهم شي آلة كشف “تاصهيونيت” علي كل يهودي؟ وهل كل اسرائيلي صهيوني ؟
الارتباط بالايديولوجيا القومجو-اسلاموية سيدمر كل ما بناه المغرب من انفتاح علي العالم، وسيحولنا الي “زريبة” من الموتورين.

احمد
المعلق(ة)
27 يونيو 2025 17:00

نقول لهذا السيولوجي الذي لم يتعلم من السوسيوجيا شيئ، والذي يدعو لعدم خلط العلم بالسياسة، الا تعد مشاركة سيوسيولوجيين إسرائليين تحت يافطة دولة إسرائيل موقفا سياسيا، يستدعي موقفا سياسيا مضادا. ولكي يفهم هذا السوسيولوجي البارع ان المسألة لا تعكس اي موقف ضد السامية كما يريد البعض ان يصف الموقف ولا اي عداء ضد اليهود، فهناك مواطنون يهود مغاربة أكادميون عاشو بيننا درسو في الجامعات وتقلدو مواقع مهمة في الدولة وفي الاحزاب المغربية. مشهود لهم بوطنيتهم ونكن لهم كل الاحترام والتقدير.

ابو زيد
المعلق(ة)
27 يونيو 2025 16:54

في الوقت الذي تشهد جامعات عالمية أشكال تضامن و مواقف لافتة للانتباه و تنم عن وعي اخلاقي و إنساني لا حدود له يخرج علينا من قلب بلد الاحرار و المقاومين بلد المواقف و المفكرين من لن تجد لهم باعا و لا بصمة و لا صدى بحوثاث او افكار سوى محاولة ان يبعثوا بين الرماد كالطائر اياه مع الترفع عن ذكر اسمه لان لا مجال للمقارنة.
ليس خبرا ان تصطف…الخبر ان تناى ان ترفض ان تتنازل عن كل ما تملك الا ما لا تملك و هو الحرية!!
ان تتنازل عن كل ما تملك الا الرجولة و الشهامة!!
ان تكون كتلك المراة الشامخة التي كم اتباها بها في كل محفل و مع كل جنسيات العالم و هي تخاطب في محفل مهندسي المعلوميات في بلد العم سام و امام مالك الشركة و رب عملها و هي تعلم انها ستخسر منصبها و لربما إقامتها لكنها لم تخسر انسانيتها و لا انفتها و لا احترام العالم لها….هيهات هيهات ان نقارن …!!

الرفيق مصطقى
المعلق(ة)
27 يونيو 2025 16:44

جمال فزة رفيقنا الذي اعتمدناه ناطقا باسم الطلبة القاعديين باظهر المهراز خلال نهاية القرن الماضي. اريد ان اذكره بقاعدة معروفة عن السوسيولوجيا، انها بدأت علما للتغيير مع ماركس و انتهت الى الستاتيكا و التوصيف الاجتماعي للظواهر و هو دور رجعي، فلا نستغرب اذا كان هناك من السوسيولوجيين من بدأوا حياتهم المعرفية تقدميين و انتهوا الى الرجعية خدمة للامبريالية و الراسمالية و حتى التصورات العرقية.

Chopin
المعلق(ة)
27 يونيو 2025 16:34

إيوا على من غادي اعول عويصيد الياكوشي؟ايلا ما عولش على هاذو؟ انه الاختراق الصهيوني يا سادة

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

5
0
أضف تعليقكx
()
x