2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

في سياق يثير تساؤلات حول آليات العدالة ودور النيابة العامة، أكد صبري لحو، المحامي بهيئة مكناس، أن عدم تقديم “بوعبيد الزروالي”، لشكوى رسمية بخصوص التحقيق في ملابسات وفاة والده “لا يُعيق حق الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ببني ملال في مباشرة التحقيقات حول الشكوك المثارة حول الوفاة”.
ويُبرز تصريح المحامي لحو المبادئ الأساسية التي تحكم الولوج إلى المرافق العمومية، بما فيها المحاكم، فالمبادئ الثلاثة للعدالة: الاستمرارية، المجانية، والمساواة، تظل سارية، لكنها مقننة بإجراءات ومساطر محددة منصوص عليها في القوانين المنظمة لكل إدارة. هذه الإجراءات، وفقاً للحو، ليست “إقصاء” أو “ضربا” للمبادئ، بل هي “تنظيم لسير المرافق ودرء للفوضى واستقرار للمعاملات وبث للثقة والوضوح والشفافية”.
ويكشف بلاغ الوكيل العام ببني ملال أن “بوعبيد”، الذي خاض شكل احتجاجيا فوق صهريج مائي “شاطو” بني ملال، والذي وافاه الأجل المحتوم إثر مضاعفات الارتماء أو السقوط والشنق، “لم يمارس حقه في تقديم شكوى رسمية”، ومع ذلك، يشدد لحو، في تدوينة فيسبوكية، على أن هذا الغياب عن تقديم الشكوى لا يحول دون تفعيل “واجب وحق النيابة العامة” في مباشرة التحقيقات.
يستند هذا الحق إلى المادة 48 من قانون المسطرة الجنائية، التي تسمح للنيابة العامة، يضيف المتحدث، بالتحرك “الآن أو غدا أو بعد غد” بمجرد وصول موضوع شكوك المعني بالأمر إلى علم الوكيل العام بأي وسيلة كانت، بما في ذلك التغطية الإعلامية.
ويخلص لحو إلى أن “الحاجة إلى البيان تستدعي فتح تحقيق واتخاذ المتعين على ضوئه”، مؤكدا بذلك على ضرورة قيام النيابة العامة بواجبها في كشف الحقائق، حتى وإن لم تكن هناك شكوى مباشرة من المتضرر. هذا التأكيد يُعزز دور النيابة العامة كضامن للنظام العام والحق في معرفة الحقيقة، متجاوزة بذلك الاعتماد الكلي على الشكاوى الفردية.
يذكر أن بلاغ للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ببني ملال، كان قد أفاد بوفاة الشخص الذي كان يعتصم فوق سطح خزان للمياه بالجماعة الترابية أولاد يوسف، وذلك يوم 15 يوليو 2025، وأوضح البلاغ تفاصيل الواقعة التي تخللتها أحداث عنف وإصابات خطيرة، وكشف عن نتائج التشريح الطبي التي حددت سبب الوفاة، كما فنّد إشاعة متداولة حول دوافع الاعتصام.
وأوضح الوكيل العام للملك أن الواقعة بدأت باعتصام الشخص المعني فوق الخزان، حيث قام بـ”تعريض عنصر الوقاية المدنية للاعتداء بالضرب باستعمال قطعة حديدية”. ولم يتوقف عند هذا الحد، بل أقدم على “احتجاز وتجريد عنصر الوقاية المدنية من ملابسه وتكبيله بواسطة حبل والرمي به من أعلى الخزان”، وتم اعتراض العنصر بواسطة كيس هوائي ممتص للصدمات، ورغم ذلك نقل إلى إحدى المصحات حيث أصيب “بعدة كسور بأنحاء متفرقة من جسده ولازال يخضع للرعاية الطبية”.
وأضاف البلاغ أنه عقب هذه الأحداث، تدخلت عناصر متخصصة تابعة لمصالح الدرك الملكي في محاولة لإنزال المعني بالأمر من فوق سطح الخزان، بالنظر للخطورة التي كان يشكلها على نفسه وعلى الغير. إلا أنه “أبدى مقاومة قوية، حيث بدأ يرشق عناصر التدخل بقطع حديدية أصاب أحدهم على إثرها بجرح غائر على مستوى وجهه”، وبعد اقتراب عناصر التدخل، الذين كانوا على متن رافعات هيدروليكية، “رمى المعني بالأمر بنفسه من أعلى السطح وبقي معلقا بالحبل الذي كان يلفه حول رقبته بعد أن قام بربطه بالسلم الحديدي”، وقام أحد عناصر التدخل بقطع الحبل، وتم اعتراضه بواسطة كيس هوائي ممتص للصدمات كان قد وضع لإنقاذه، ثم نقل بعد ذلك إلى المستشفى حيث تم الاحتفاظ به بمصلحة العناية المركزة لتلقي الإسعافات الطبية الضرورية إلى أن وافته المنية يوم 15 يوليو 2025.