لماذا وإلى أين ؟

‎الاتحاد الأوروبي عازم على تعزيز “شراكته الاستراتيجية” مع المغرب

بروكسل – رضوان بشيري

تربط الاتحاد الأوروبي والمغرب شراكة استراتيجية عميقة ترتكز على قاعدة متينة من القيم والرؤى، لا سيما في إطار سياسة الجوار الأوروبية والشراكة الأورومتوسطية. تغطي هذه الشراكة مجالات متنوعة كالتجارة، والطاقة، والبيئة، والتعاون الاجتماعي، والاقتصاد، والهجرة، والتنقل، والشراكة الخضراء التي أُنشئت لتعزيز الانتقال إلى اقتصاد أكثر استدامة.

في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها الاتحاد الأوروبي من حيث التحولات الجيوسياسية في منطقة الساحل وشمال أفريقيا والساحل، بالإضافة إلى الهجرة غير النظامية، بات من الواضح أن المغرب لم يعد مجرد بلد عبور، بل شريك إقليمي رئيسي في إدارة الهجرة والتنمية الاقتصادية المشتركة. لسنوات، ارتكزت العلاقة بين بروكسل والرباط على معادلة غير متوازنة: دعم مالي محدود، يتناقض مع الأدوار الأمنية الرئيسية التي يلعبها المغرب في مراقبة الحدود ومكافحة شبكات التهريب والاتجار بالبشر.

أدرك الأوروبيون أن المغرب يمتلك مفاتيح الاستقرار الإقليمي، وأنه لم يعد من الممكن التعامل معه وفقًا لمنطق “المورد مقابل الدعم”، بل وفقًا لمبدأ “رابح رابح”، أي “الشراكة المتكافئة”.

أكدت المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط، دوبرافكا سويكا، عزم الاتحاد الأوروبي على تعزيز “شراكته الاستراتيجية” مع المغرب في جميع المجالات. وصرحت على هامش المنتدى الدولي حول مستقبل المتوسط، الذي نُظم بمناسبة الرئاسة الإسبانية للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط (PA-UfM): “ندرس سبل تعميق شراكتنا القوية وبناء علاقات ثقة بيننا”.

وأكدت المفوضة الأوروبية في مؤتمر صحفي عُقد يوم الخميس 17 يوليو 2025 أن بروكسل تعمل على تطوير شراكة أوسع مع المغرب، حيث تُشكل قضية الهجرة ركيزةً أساسية. ويندرج هذا المشروع في إطار “أوروبا العالمية”، الذي يهدف إلى مضاعفة المساعدات المقدمة لدول شمال إفريقيا في الميزانية الأوروبية المقبلة.

يُذكر أن وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عقد سلسلة من الاجتماعات في بروكسل الأسبوع الماضي على هامش مشاركته في الاجتماع الوزاري الخامس للاتحاد الأوروبي والجوار الجنوبي.

التقى السيد بوريطة بالمفوضة دوبرافكا سويكا؛ وتركز نقاشهما على التزام المملكة بالميثاق المستقبلي من أجل المتوسط، الهادف إلى إعطاء زخم جديد للشراكة بين ضفتي المتوسط، في إطار سياسة الجوار الأوروبية.

وفي الوقت نفسه، أجرى السيد بوريطة أيضًا محادثات مع الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، كايا كالاس. وناقش المسؤولان الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

يُعد المغرب، بفضل موقعه الجغرافي الاستراتيجي، شريكًا رئيسيًا لأوروبا في أفريقيا، بفضل اتفاقياته التجارية مع الاتحاد الأوروبي ودوره كبوابة للسوق الأفريقية. إن استقراره في بيئة مضطربة يُشير بقوة إلى أن أوروبا بحاجة إلى هذه الشراكة لمواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه حوض البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك الإرهاب.

باختصار، يجب أن تكون الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب مبنية على ثقة متينة، ومتعددة الأبعاد، ومتطورة باستمرار لمواجهة التحديات وفرص التنمية المشتركة.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x