2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
الملك محمد السادس يشحن نوابض المغرب… بالمستقبل

طالع السعود الأطلسي
هو ذا القائد التاريخي… الملك محمد السادس… الملك المبدع لاستراتيجية إصلاحية شاملة وبعيدة المدى للمغرب… يجعل من خطاب العرش، خطاب التواصل مع شعبه في شأن مسار تلك الاستراتيجية، من جهة ما تحقق منها ومن جهة ما ينبغي، ولا بد، أن يتحقق.
بنبرة هادئة، وبصوت صارم، وبنَفَس متفائل، ألقى الملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لتوليه عرش المملكة المغربية، خطاب العرش لهذه السنة، أول أمس الثلاثاء.
هو خطاب تقويم مسار إصلاحي، لتشحيم نوابضه، وللرفع من وتيرة سرعته وتوحيدها، وللتنبيه إلى انحساراته. بسط الملك محمد السادس أين حقق المغرب أبنية صلبة في نسيج روافع المشروع التنموي للمغرب… في المجال الصناعي والاجتماعي، مثل تطوير الجاذبية الاستثمارية للمغرب، وتطوير صناعة الطيران، وتوسيع شبكة السكك الحديدية وتجويد نوعيتها، وغيرها. وذلك ما يُمَتِّع المسار الإصلاحي بعافية المردودية والقابلية للمضي بعيدًا في مراكمة المنجزات.
وفيما يشبه قَرْع الملك جرس الإنذار، في تفاوت سرعات التنمية المغربية، وهو ما لا يرضاه الملك القائد لمشروع تنموي إصلاحي يريده شاملًا لعموم الوطن ولكافة المواطنين… أفصح عن عدم رضاه على عجزٍ في الامتداد التنموي على كل مناطق المغرب… وخاصة منها المناطق القروية… وهو اختلال يُفرمل النهضة المغربية ويُبطئها.
القائد التاريخي، هنا، يضع النقد لحوْصلة المسار التنموي في موقع الفاعل، في التقويم للمُنجَز والمُحَرِّض على إعادة توجيه دَفَّة آليات الحركة التنموية نحو استجماع فعاليتها لكل الوطن.
خطاب التقويم، امتد إلى الرافعة الديمقراطية للمسار الإصلاحي، لكي يوجِّه بإطلاق مشاورات سياسية بين كل أطراف الفعل السياسي، إعدادًا للانتخابات المقبلة. ما يعني أن تلك المحطة ستكون نَقْلة نوعية في المسار الديمقراطي المغربي… يشترك فيها الجميع… ومعها تُحقَن المؤسسات المنتخبة بمَصْل التجدد… لكي تكون منتجة للسياسة وتتعزز مصداقيتها في توليد الفعل السياسي المشبَع بالحساسية الوطنية والمجدي في الحَرْث التنموي للمغرب.

المشاورات التي أمر بها جلالة الملك تعني أن المرحلة القادمة ينبغي أن تُعقَّم من المزايدات السياسوية، وهي تجدد الشروط القانونية للاقتراع الوطني، لكي تفتح المعابر للجِدية وللنَفَس السياسي التنموي.
التفاعل “الفيزيائي” بين ركني الاستراتيجية النهضوية المغربية… رُكنها الوطني وركنها الاجتماعي بأبعاده السياسية والاقتصادية… الوطن المتقدم هو الموحد وهو الناهض بموجبات تنميته. ذلك التفاعل لا يفارق الملك القائد للنهضة المغربية.
في خطابه، فتح نافذة على المسار الدبلوماسي المظفر للمغرب في إقناع العالم بعدالة قضيته الوطنية، وما تحقق له من الالتفاف الدولي بمقترح المغرب لحل المنازعة في الحق الوطني للمغرب بإقرار حكم ذاتي في إدارة الأقاليم الصحراوية المغربية.
وكان لافتًا، ومشحونًا بدلالات صدْقٍ سياسي، أن يؤكد جلالة الملك على تقدير المغرب للشعب الجزائري ودوام الأخوة معه… ولقيادة الجزائر، واجَه عِنادَها في العداء بعِناده في التمسك بالإخاء. لأنه المنتصر بقوة الحق التاريخي، الوطني… والقائد للإقناع الدبلوماسي، في شساعة الفضاء الدولي، بفصاحة حقائق التاريخ وجاذبية منطق التحولات الجيواستراتيجية… يصر على انتشال الجزائر من مُخاصمة مصلحتها، إلى نهج الممرات المضيئة، المنتجة والمريحة إلى مستقبلها في استمطار تعاونها مع المغرب… المغرب الذي آخاها في كفاحها من أجل الاستقلال، ويحفظ أخوته لها ذُخرًا للمستقبل.
قيادة الجزائر أغلقت كل حدودها مع المغرب، السياسية، والاقتصادية، والبرية، والجوية… الحدود الجغرافية والحدود التاريخية… وملك المغرب، كأنه لا يُقيم لذلك وزنًا، ولا يكترث له… يدعو، بإصرار وبقناعة إلى استثمار ما ينفع العلاقات المغربية الجزائرية… “أما الزبد فيذهب جفاء”… والجزائر في كل مسعاها لمضايقة المغرب، على مدى نصف قرن، لم تُحَقِّق لها سوى الزبد السياسي.
الملك، وهو يوضح أن قضية الصحراء المغربية، ركن ركين في الاستراتيجية الملكية النهضوية، وهي فيها تتفاعل… منها استمدت يَنَاعَتَها ومَنَاعَتَها… وبها استنهض المغرب حيويته الوطنية فيه، الحاضنة لمسارات حركيته، الديمقراطية، الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية… يريد، وبإلحاح على ما أصر عليه مرارًا، علاقات أخوة وتعاون مع الجزائر، تبدأ بحوار مفتوح على ما أسماه “القضايا العالقة بيننا”… وأبرز ما هو عالق بيننا عِنادُ قيادة الجزائر في إدامة عداء للمغرب، لا مبرر له… وأفقدته تطورات الأوضاع الجيواستراتيجية في المنطقة، والتموقع الفاعل للمغرب فيها، كل احتمالات انتفاع الجزائر به.
شمولية خطاب العرش، للملك القائد التاريخي للمسار النهضوي للمغرب، وبحمولته البرنامجية، والتقويمية، والتحفيزية على تصويب وتنشيط المسار التنموي المغربي… بأبعاده السياسية، والاقتصادية، والتنموية… تشحنه بلمعان تاريخي مضيء وفاصل في المسار التنموي المغربي. وبهذا، الملك محمد السادس يخدم شعبه، وشعبه يعتز به.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.