2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

تُعد مسألة إعادة النظر في دور المؤسسة الملكية المحورَ الأساسي الذي يرتكز عليه مشروع الإصلاح الذي تطرحه وثيقة الحزب الاشتراكي الموحد بخصوص إصلاح المنظومة الانتخابية، وتُشَكِّل منطلقاً لفهم رؤيته الشاملة للديمقراطية. فالوثائق تؤكد بشكل صريح أن “غیاب الشروط الكاملة لتحقیق مستقبل دیمقراطي حقیقی، فإن الحزب یطرح بعض المقترحات التي یعتبرها ضروریة لإنجاز الإصلاح الجذري المنتظر”. وهذا الإصلاح الجذري يبدأ تحديداً من إعادة تعريف العلاقة بين السلطة والمجتمع.
تُشير الوثائق إلى أن الديمقراطية القائمة في المغرب هي “ديمقراطية الأمر الواقع”، وهي ديمقراطية لا تزال فيها السلطات الحقيقية بيد المؤسسة الملكية. وفي هذا النموذج، لا تكون المؤسسات المنتخبة – كالحكومة والبرلمان – ذات سلطات كاملة، مما يجعلها غير قادرة على القيام بدورها الرقابي والتشريعي بفاعلية.
في المقابل، يطرح الحزب نموذج “الملكية البرلمانية”، الذي يهدف إلى نقل مركز القرار السياسي إلى المؤسسات المنتخبة. وهذا الانتقال لا يعني إلغاء دور الملكية، بل هو إعادة تأطير دورها ليكون رمزياً، حيث تصبح الملكية رمزاً لسيادة الدولة ووحدتها الوطنية، ومرجعاً أعلى للمؤسسات، لكنها تتخلى عن ممارسة السلطات التنفيذية والتشريعية المباشرة.
تُؤكد الوثائق على أن غياب هذا الفصل الواضح للسلطات هو أحد الأسباب الرئيسية لانتشار “الفساد ونهب المال العام” وغياب “الشفافیة وربط المسؤولیة بالمحاسبة”. ففي ظل وجود “سلطات تنفیذیة غیر منتخبة” ومراكز قرار خارج إطار المؤسسات الدستورية، يصعب تحديد المسؤوليات ومحاسبة الفاعلين السياسيين.
لذلك، يرى الحزب أن إعادة النظر في دور الملكية، من خلال دسترة الملكية البرلمانية، هو السبيل الوحيد لإقامة “دولة المؤسسات والقانون”. ففي هذا النموذج، تصبح الحكومة مسؤولة بالكامل أمام البرلمان، الذي يُمثّل الشعب، وبذلك تتحقق المساءلة بشكل حقيقي، ويعود القرار إلى ممثلي الأمة.
لا يكتفي الحزب بطرح هذا المفهوم نظرياً، بل يربطه بضرورة “إصلاح دستوري وقانوني شامل”. فوفقاً للوثائق، فإن الانتقال إلى الملكية البرلمانية يتطلب “تعدیلات قانونیة لتشمل الجوانب السیاسیة والمؤسساتیة والتشریعیة”. وهذا يعني مراجعة عميقة للدستور، وقوانين الأحزاب، والانتخابات، لضمان أن تكون كل المؤسسات السياسية “مبنیة على مبدأ سیادة الشعب”، وأن تكون هناك حريات حقيقية في ممارسة المعارضة.
وفي هذا الإطار، يُعبر الحزب عن إيمانه بأن “سیادة الشعب هي أساس كل مشروع إصلاح”، وأن أي إصلاح لا يضع هذا المبدأ في صميمه لن ينجح. وبذلك، فإن إعادة النظر في دور الملكية ليست مجرد نقطة في برنامج، بل هي مفتاح المشروع الديمقراطي الشامل الذي يسعى الحزب لتحقيقه، والذي يهدف في النهاية إلى بناء دولة قوية، عادلة، وشفافة.