2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
زين الدين: قانون الدفع بعدم الدستورية يفتح الباب للمغاربة أمام المحكمة الدستورية لأول مرة
صادق المجلس الوزاري الأخير على مشروع قانون تنظيمي رقم 35.24، المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، في صيغة جديدة تهدف إلى ضبط مسطرة عرض الدفوع والبت فيها أمام المحكمة الدستورية.
ويُعتبر القانون التنظيمي الخاص بالدفع بعدم دستورية القوانين، هو القانون التنظيمي الوحيد المنصوص عليه في الوثيقة الدستورية لسنة 2011، ولم يتم إخراجه لحدود اللحظة، إذ أسقطت المحكمة الدستورية محاولتين سابقتين في إخراج هذا القانون لحيز الوجود الفعلي، بسبب عدم تطابقهما مع نص الوثيقة الدستورية.
ويُعتبر الدفع بعدم الدستورية، أهم مستجدات دستور 2011، حيث فتح المجال أول مرة للمواطن المغربي للولوج للمحكمة الدستورية التي ظلت منذ أول دستور سنة 1962 حصرا على المؤسسات السياسية، والتشكيك في دستورية قانون ما سيُطبق عليها أو سيُحاكم به في قضية ما رائجة على المحكمة.
الحبيب استاتي زين الدين، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أشار إلى أن المغرب بهذا الإجراء أصبح “أمام لحظة تشريعية مفصلية في مسار بناء دولة القانون بالمغرب، وإحدى أهم المحطات في تطور العدالة الدستورية الحديثة، كون هذا المشروع يأتي ليملأ فراغا تشريعيا ومؤسسيا دام ما يقارب خمسة عشر عاما منذ اعتماد دستور 2011، الذي نص على حق الأفراد في الدفع بعدم دستورية القوانين التي تمس بحقوقهم وحرياتهم الأساسية، غير أن هذا الحق ظل حبيس النص الدستوري دون آلية قانونية لتفعيله، بعدما تعثرت محاولتان سابقتان لإصدار القانون التنظيمي المنظم له”.
وأضاف زين الدين، في تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية، أن المشروع الحالي رقم 35.24، الذي أطلقته الحكومة سنة 2025، يستوعب ”ملاحظات المحكمة الدستورية السابقة، ومحاولة ثالثة لاستكمال منظومة الرقابة اللاحقة على دستورية القوانين، في أفق ترسيخ الأمن القانوني والدستوري وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة. فهو لا يهدف فقط إلى تنظيم آلية إجرائية، بل يسعى إلى تكريس تحول مؤسسي عميق في الفكر الدستوري المغربي، يقوم على إشراك المواطن في حماية الدستور”.

ويرى استاذ علم السياسية والقانون الدستورية، أن هذا المسار “يؤسس لأول مرة لآلية عملية تمكن الأفراد من الدفع بعدم دستورية القوانين، ويُرسخ رقابة قضائية لاحقة تفعل مبدأ سمو الدستور على باقي النصوص القانونية، إذ ينتقل اليوم إلى نظام أكثر انفتاحا يتيح لأي متقاض، مدنيا كان أو جنائيا، أن يثير الدفع بعدم دستورية نص تشريعي يراد تطبيقه عليه متى اعتبر أنه يمس بحقوقه أو بحرياته الدستورية، وذلك بعدما كان كان المغرب يعتمد حصريا على الرقابة القبلية التي تمارسها المحكمة الدستورية قبل صدور القوانين، وهي رقابة محدودة الأطراف”.
وأشار ذات المُتحدث إلى أن “المشروع الجديد ينص على أن كل طرف في قضية معروضة على القضاء يمكنه أن يثير الدفع بعدم دستورية قانون ساري المفعول إذا اعتبر أن تطبيقه يمس بحق من الحقوق أو بحرية من الحريات المضمونة دستوريا. وتفصل المادتان 4 و5 في الكيفية التي يقدم بها الدفع، حيث يجب أن يقدم بمذكرة مستقلة موقعة من محام مقبول لدى محكمة النقض، باستثناء الحالات التي تتدخل فيها النيابة العامة”.
وختم ستاتي زين الدين، تصريحه بالتأكيد على أن أهمية المشروع “لا تقتصر على الأبعاد القانونية، ، بل تمتد إلى دلالاته السياسية والدستورية، إذ إن تسريع وتيرة إخراجه إلى حيز الوجود أصبح ضرورة مؤسسية ووطنية، بالنظر إلى التأخر الكبير الذي عرفه منذ إقرار دستور 2011. فاستمرار غياب هذا القانون التنظيمي يبقي حق المواطنين في الدفع بعدم الدستورية حبيس النصوص، ويضعف من مصداقية الخطاب الدستوري القائم على سمو الحقوق والحريات، خاصة في ظل تنامي خطاب الكرامة والحقوق الذي يطبع الفضاء العمومي المغربي، وفي سياق اجتماعي يتسم بتصاعد الديناميات الاحتجاجية والمطالب بإصلاح العدالة والمساءلة”.
كل التوفيق والنجاح الدائم أخي العزيز