2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
الحمد لله على تأخر مشروع “التي جي في”

لا شك أن فاجعة بوقنادل التي أودت بحياة عشرة أشخاص وإصابة أزيد من مئة آخرين، قد هزت مشاعر المغاربة بصغيرهم وكبيرهم، لكن هذه الفاجعة قد تكون أكبر وأكثر دموية لو كان نفس المسافرين على متن القطار فائق السرعة “تي جي في”، والذي لم يبدأ عمله بعد.
تأخر انطلاق العمل بـ”التي جي في” يمكن اعتباره بشارة خير على المغرب، في ظل الوضعية التي يعيشها المكتب الوطني للسكك الحديدية، والتي سُجلت عليها العديد من المؤاخذات، ابتداء من تأخر القطارات وانتهاء بسوء الخدمات المقدمة على متن هذه الأخيرة أو داخل مؤسساتها ومحطاتها.
ولعل فاجعة بوقنادل قد تكون بمثابة قرصة أذن لمدير المكتب الوطني للسكك الحديدية محمد ربيع الخليع، الذي كثُرت ضده الإنتقادات المطالبات بالرحيل بسبب سوء تدبيره لهذه المؤسسة، وكذا بسبب توالي الحوادث السككية، وآخرها كان حادث مدينة طنجة وبعد شهور قليلة اهتز المغرب على وقع فاجعة بوقنادل السالفة الذكر.
وقبل انطلاق “التي جي في”، توجب على الخليع وفريق عمله مراجعة كل الأوراق وإصلاح ما يمكن إصلاح وتدارك الأمور، حتى تتم هذه العملية في أحسن الظروف دون تسجيل فواجع أخرى من شأنها إراقة مزيد من الدماء على قضبان السكة الحديدية.
ومن النقط السيئة التي تم تسجيلها على مستوى مشروع “التي جي في”، هو أنه مع أول اختبار له اصطدم بسيارة من الحجم الكبير “فاركونت”، مما يؤكد سوء تدبير السكة الحديدية وتأمين الطريق أمام القطار الفائق السرعة والذي يُفترض أن يجد الطريق معبدة أمامه حتى يصل بسلام وفي الوقت المحدد، خصة أن عامل السرعة والزمن هو الرهان الأبرز لهذا المشروع الهام.
كما تم تسجيل خروج هذا القطار فائق السرعة عن سكته في إحدى الإختبارات مما يؤكد مرة أخرى، عدم جاهزية هذا المشروع للخروج للوجود، وكذا وقوع أخطاء في التهيئة السككية أو في بعض الأمور التقنية، ولحسن الحظ فهذان الحادثان لم يخلفا ضحايا في الأرواح.
وإذا تجاهلنا تأخر أشغال تأهيل وإعادة بناء محطات “التي جي في”، فإن هذا التجاهل لا يمكن بأي وجه كان أن يُطبق على ارتكاب أخطاء مهنية مهما كانت درجاتها، إذ أصبح من الواجب واللازم عد التساهل مع كل من ثبت تقصيره في مهامه من طرف مسؤولي القطاع انطلاقا من الوزير ومرورا بالمدير وانتهاء بأصغر عامل في المكتب.
وكتذكير لما قيل، فإن فاجعة بوقنادل هي بمثابة نقطة تحول وتأمل، وجب على الخليع أن يضعها نصب عينيه، فإذا لم يكن ينوي الإستجابة لمطالب المغاربة عبر تقديم استقالته، فعلى الأقل يجب عليه استدراك أخطاء الماضي وإظهار دينامية جديدة وطريقة تدبير حديثة تتم فيها الإستجابة لكل معايير السلامة المعمول بها في الدول المتقدمة، خاصة وأن المغرب انخرط في سياسة جديدة تنبني على الإنفتاح على الأوراش الكبرى و احتضان المحافل الدولية على أراضيه.
فحمدا لله على تأخر انطلاق “التي جي في”، وإلا لكانت الخسائر أكثر فداحة، ورحم الله قتلى فاجعة بوقنادل، شافى كل الجرحى..
“يجب عليه استدراك أخطاء الماضي وإظهار دينامية جديدة وطريقة تدبير حديثة تتم فيها الإستجابة لكل معايير السلامة المعمول بها في الدول المتقدمة”
لا أسي بنشريف، هذا المجرم وجب محاكمته، هذه ليست أخطاء بل استهتار بحياة المواطن