لماذا وإلى أين ؟

هل تنكر الفاعل السياسي لوطنه وللذين منحوه أصواتهم في ظل أزمة كورونا؟

في الوقت الذي اختفى منتخبون وفاعلون سياسيون عن الأنظار دون أن يكلفوا أنفسهم، على الأقل، عناء التوعية بالخطر المحذق، تفاعل آخرون مع الظرفية التي فرضها فيروس كورونا بطريقتهم، إذ وزعوا “مساعدات” على المتضررين بهدف جمع أصواتهم فيما بعد، وهذا ما جعل كثيرين يتهمون المُنتخب بالتنكر لدوره تُجاه المواطن الذي منحه صوته وتُجاه السلطات المحلية التي تصارع الفيروس اللعين.

وقد برز النقاش حول طريقة تفاعل هذه الفئة مع الأزمة بعد تسجيل وقائع أثارت استياء السكان، على غرار ما حصل في “المدينة القديمة” بالرباط، وفي ضواحي آسفي، وكذا في أحياء فقيرة في خنيفرة.

طريقة التفاعل هذه تبرأ منها فاعلون سياسيون، استقت “آشكاين” رأيهم عبر اتصالات، إذ قالوا إن إلباس الوضع الراهن لبوس الحسابات والمقارعات السياسية منبوذ ومرفوض، ولا يستقيم وضع الفاعل السياسي في كفة واحدة، إذ شددوا على أن العمل السياسي لا يُختزل في جلسات البرلمان.

 

عائشة الأبلق رئيسة المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية

هذه الأزمة فرضت نفسها بما يُلغي منطق المعارضة والأغلبية، وقد حرصنا على التمسك بالجلسة الأسبوعية لأنها الآلية المخولة لعمل البرلمان، والدستور يسمح للحكومة بالقيام بالتشريع بالقانون وقد كان ذلك مناسبة لعقد اجتماعات لجان قطاعية، حيث برمجنا القطاعات التي لها علاقة بالأزمة.

لقد كيّفنا عملنا الحزبي مع ما يجري لنعطي نموذجا للتقيد بالإجراءات المتخذة لضمان الأمن الصحي الذي يعتبر من أولى الأولويات، ونشتغل تحت الضغط لأننا لم نكن نتوقع حصول كل هذا. وكهيئة سياسية استمرينا في عملنا المعتاد حيث نعقد اجتماعات عن بعد، وحافظنا على اجتماعنا الأسبوعي ونتفاعل مع أي مستجد، لأننا في ظرفية تستوجب تعبئة وطنية وتضامنا.

على المستوى الداخلي ساهمنا في صندوق تدبير جائحة كورونا كما أننا قمنا بحملات تضامن مع الإخوة المتضررين، فضلا عن مبادرات تنظيماتنا الحزبية (توعية، تبرع بالدم تقديم مساعدات…). كما أن عملنا البرلماني لم يتوقف إذ اتفقنا على حضور 3 نواب عن كل فريق مع أخذ جميع الاحتياطات الاحترازية.

الذي يقول إن الفاعل السياسي غائب هو مخطئ، وهنا يبرز دور الإعلام لإظهار دوره، إذ كانت التدابير التي فرضتها هذه الجائحة تحت ألوان سياسية مختلفة، وكان التنسيق والتواصل يتم عبر مذكرات ومراسلات واتصالات، سواء للوقوف على آليات تنزيل التدابير المتخذة أو التفاعل مع المستجدات المتعلقة بها، حيث تمت مواكبة المشاكل التي طرحت (كمشكل الكمامات)، وكنا نلح على مأسسة تدبير الأزمة وتسريع الإجراءات ووصلنا إلى تفعيلها ليبقى الجميع في منازلهم للحد من انتشار الفيروس.

لكن هناك من يختزل العمل السياسي في جلسة البرلمان، وغير مقبول بتاتا أن تُستغل هذه الأزمة لأهداف سياسية في الوقت الذي تعيش ملايين الأسر الآن تحت وقع الضرر جراءها. وهنا أشير إلى أنه صار لازما الآن التسريع في إنجاز السجل الاجتماعي الموحد لنبتعد عما هو غير ممأسس ونحفظ كرامة المواطن وما تم القيام به لحد الآن أفضل من لا شيء.

فتيحة سداس، نائبة برلمانية عن الاتحاد الاشتراكي

الفاعل السياسي جزء من المجتمع بطبيعة الحال فهو الطبيب والممرض والأستاذ… موجود في الميادين التي توجد في الواجهة، والقطاعات المعنية بهذه الأزمة يشتغل فيها، من صحة وتعليم وتجارة وفلاحة، وهناك توجيهات من السلطات للحد من انتشار الفيروس، وهي الحجر الصحي، لأن كل من خرج من منزله بمثابة قنبلة موقوتة تتحرك.

نحن متجندون وراء جلالة الملك الذي استبق الأمر بإجراءات كثيرة ننوه بها لأنها أثبتت أن المغرب قوي بمؤسساته، لذلك ما على الفاعل السياسي إلا الانخراط فيها لأن هذه الظرفية تستلزم التعبئة وليست وقت المزايدات السياسية، بل يجب دعم كل ما تقوم به السلطات العمومية.

كقيادات حزبية، نتفاعل مع ما يجري، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بالإخبار والتوعية والتحسيس. وقد افتتح البرلمان دورته الجمعة الماضية بشكل عادي وسجلنا حضورنا يما يقتضيه الأمر من إجراءات احترازية، حيث تم تقليص المدة الزمنية وحضر 3 نواب فقط من كل فريق. كما أن رئيس العثماني سيكون حاضرا غدا الاثنين في إطار الجلسة الشهرية للإجابة على الأسئلة المتعلق بالسياسة العامة، لمساءلته حول التداعيات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لانتشار وباء فيروس كورونا والإجراءات المتخذة لمواجهة هذه الجائحة.

وأشير هنا إلى أن الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر كان قد تفاعل مع الوقائع عبر مؤسسة الفقيه التطواني التي استضافته مؤخرا عبر اللايف.

قمة النذالة أن يتم استغلال هذه الجائحة سياسيا، فلسنا في مقارعات سياسية حول من يكسب ومن ينهزم، وهذا يعاكس قيم التضامن ونكرات الذات التي يتمتع بها المغاربة. لذلك وجب الضرب من حديد على كل مستغل ومضارب حيث رأينا كيف تجرأ كثيرون في المتاجرة في الكمامات والمواد الغذائية، وهم تجار مآسي لا يختلفون عن تجار السياسة.

مصطفى جياف: رئيس لجنة الشؤون المالية والميزانية والبرمجة بمجلس عمالة الرباط عن حزب “الأحرار”

الفاعل السياسي هو من يرسم السياسات الحكومية على المستوى الوطني والجهوي والمحلي، وبصفتي كمستشار من الضروري التفاعل مع متطلبات الساكنة، وهذا يجعلنا ننخرط في هذه الأزمة التي يتعامل معها الجميع بنوع من الحذر لأنها غير مسبوقة.

لقد عقدنا دورة استثنائية لمناقشة نقطة فريدة هي برمجة الفائض الحقيقي للسنة المالية 2019، وقد خصصنا أزيد من 12 مليون درهم لمحاربة جائحة كورونا، ضمنها مليون و500 ألف درهم للصندوق واقتناء مستلزمات النزلاء لمراكز الاجتماعية بـ900 ألف درهم، مع أزيد 3 مليون درهم لاقتناء عتاد تقني لفائدة عمالة الرباط، وأزيد من 3 مليون درهم لشراء مساعدات غذائية للأسر المتضررة ومواد وآليات للتعقيم… أي أن دور الفاعل السياسي هو تخصيص مبالغ مالية في حدود اختصاصاته. وعلى المستوى الجهوي والوطني يتوجب عليه أيضا أخذ إجراءات مواكبة لتدابير حالة الطوارئ، ليكون مساهما في إنقاذ بلده.

التصويت على قرار ما ووضع خارطة طريق هو دور الفاعل المنتخب في الحكومة والمجالس الإقليمية والعمالات والجماعات، قبل تنزيلها على أرض الواقع. وأنا أتلقى اتصالات من المصالح المختصة لأوقع سندات كرئيس لجنة المالية وهو ما يدفعني للتنقل إلى مقر العمل، أي أنه ليس ضروريا أن أخرج للشارع لأعقم بل هناك متخصصون وأعوان.

إن الحجر الصحي فرصة للمنتخب إذا كان لديه تأثير للتحسيس والتوعية عن طريق تدخلات وندوات افتراضية. وأن تُستغل المؤن والمساعدات لأهداف سياسية هو أمر غير مقبول، وإلا كنا سنستغل 3 مليون و300 درهم التي خُصصت لشراء الأغذية عبر الخروج لتوزيعها في الشارع للداعية لأنفسنا، لكن عيب وعار، لذلك فوضنا الأمر للرئيس بتنسيق مع ولاية الرباط القنيطرة كسلطة متخصصة محايدة، وقد رأينا أناسا وزعوا مؤنا مقابل التصويت عليهم في الانتخابات المقبلة، في الوقت الذي ترفض هذه الأزمة التضامن والابتعاد عن منطق الحسابات السياسية.

محمد بنجلول، مستشار برلماني عن العدالة والتنمية

دور المنتخبين مستمر خصوصا في ظل هذه الأزمات، ومن يتحدث عن غيابهم فهو مخطئ، إذ كل يقول بمهامه من منطلق مسؤولياته، ونرى الآن مجهودات رؤساء الجماعات على أرض الواقع.

في ما يخص العمل البرلماني عُقدت اجتماعات مهمة جدا، فقد رفعت لجنة المالية 44 توصية لرئيس الحكومة من ضمنها إجراءات اتُخذت لمواجهة هذه الأزمة، متعلقة بدعم المتضررين الحاملين لبطاقة راميد والذين فقدوا عملهم وإجراءات أخرى للنهوض بالاقتصاد الوطني… كما عقدت لجنة الداخلية لسن مشروع قانون متعلق بحالة الطوارئ الصحية، إضافة إلى اجتماع للجنة المالية لمناقشة مشروع المرسوم بقانون 2,20,320 المتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية.

جل النواب البرلمانيين متأكد من أنهم على تواصل دائم مع مختلف المسؤولين المحليين والإقليميين ومسؤولي المصالح الخارجية، وكذلك لهم دور في تأطير وتكوين المواطن والحضور الدائم معهم مع أخذ إجراءات الاحتراز والحجر الصحي.

تبخيس دور المنتخب لا يستقيم، فمؤسسة المنتخبين دستورية وقوتها من قوة الدولة، يجب تعزيز مكانتها بمختلف أنواعها، الإقليمية والجهوية والوطنية، وفي النهاية هو عمل متكامل بين المنتخب والمسؤول الترابي، الذي هو في الأخير المسؤول عن استتباب الأمن بحكم صلاحياته (البشاوات، رجال الأمن) لأن البرلماني ليست له سلطة زجرية، وقد افتتحت دورة أبريل وستكون فيه مناقشات لملفات ذات الصلة بهذه الأزمة التي نتمنى أن نخرج منها سالمين.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x