لماذا وإلى أين ؟

عادات صحراوية رمضانية (3): مَـرْيَـاسْ

تفوح رائحة الموروث الثقافي الذي تكتنزه رمال الصحراء المغربية من بيوت أهلها، كلما أرخت ليالي رمضان سدولها على هاته الأراضي الزاخرة بتراث البيظان.

ألعاب شعبية وتقاليد وطقوس خاصة توارثتها أجيال من الصحراويين جيلا بعد جيل، تكشف عمق وتنوع الحضارة التي تزخر بها بلادنا، ما يجعل الزائر للجنوب المغربي يغوص في رحاب أجواء الحاضر التي تعود به إلى كنف الأجداد.

واختارت الجريدة الإلكترونية “آشكاين” أن تبسط سلسلة رمضانية لمجموعة من هذه التقاليد الصحراوية العتيقة التي تختزنها الأقاليم الجنوبية والتي يتميز بها شهر رمضان بالخصوص،  من خلال حلقات برنامج “عادات صحراوية رمضانية”.

وسنتطرق في الحلقة الثالثة من هذا الشهر، إلى لعبة الأوراق الشعبية الشهيرة لدى المجتمع الصحراوي، والتي يلعبها الرجال عادة والعروفة تحت مسمى مَرْيَاسْ.

نبذة عن اللعبة

تعتبر لعبة مرياس من الألعاب الرجالية الحديثة إلى جانب لعبة الدومينو و التوتي، و تتأسس اللعبة على أربع قبائل متنافسة وهي : “البيك”، “الكور”، “الكارو” و”الطريفل” وأكبر القبائل في اللعبة هي “البيك” تليها “الكور” ثم “الكارو” و أخيرا “الطريفل”، بمعنى أنه إذا نطق أحد أفراد اللعب “بيك” يقتل جميع أوراق “الكور”و “الكارو” و”الطريفل” وهكذا بالنسبة للقبيلة التي تليها.

لمحة أكاديمية

وأوضح الدكتور بوزيد الغلى، الباحث في التراث اللامادي الحساني، أن “الحديث عن الألعاب التقليدية التي تمارس في رمضان يقودنا إلى الحديث عن ألعاب المائدة كما يسميها البعض”jeux de table”، وهي كل الألعاب التي تمارس في حلبة على المائدة”.

مؤكدا على أن “من أشهر الألعاب التي  تمارس على الرقعة (القاعة)، مثل “الروندا،  “مرياس”، الجوكير”؛ هذه ألعاب كلها تدخل تحت مسمى ألعاب الأوراق “jeux de cartes”، وهي ألعاب يتقاسمها العالم بأسره، ولكن طرق لعب الأوراق وتسميتها تختلف أيضا”.

موردا أن “الروندا والجوكير عي لعب أوراق مشهورة في المغرب بأكمله”، مشيرا إلى أن “هناك لعبة ذات خصوصية في منطقة الصحراء، قد لا نجدها في مناطق أخرى وهي لعبة مَرْيَاسْ”.

واسترسل الباحث في التراث اللامادي الحساني، بوزيد الغلى، أن “الدليل على أن لعبة مَرْيَاسْ متجدرة في الصحراء، هي أنها من بين الألعاب التي وردت في الشعر الحساني، وهذا معناه أن المُخيّلة الحسانية قد أدغمت تماما هذه اللعبة في إنتاجها الشعري، كما هو الحال بالنسبة لألعاب أخرى أكثر قدما مثل مَدَيْفينَة، أَرَاحْ، وغيرها”.

أورد بوزيد الغلى في حديثه لـ”آشايكن”، أن “الشاعر يذكرها في عدة أشعار بعضها غزلي غريب جدا وهو من الغزل الفاحش ولا يليق حكيه في هذا الأوان، ولكن يمكننا قول هذا الكَاف (البيت  الشعري):

نْزَلْت معاك بْلاَ نْزَاعْ مَرْيَاسْ وداغَيْتِيني ×× وغْلَبْتِينِي يا غِير كَاع ياسر غَالَبْـتـِـينـِي

دخول لعب الورق إلى المغرب

ولفت المتحدث نفسه الانتباه إلى أن “الحديث عن لعبة مَرْيَاسْ يقودنا إلى الحديث أيضا عن دخول ألعاب الورق عموما إلى المغرب، إذ أن المؤرخ المعروف المرحوم إبراهيم بركات أرجع دخول لعب الورق إلى المغرب إلى  بعض العائلات الأندلسية في القرن 17 ميلادي أو قبل ذلك بقليل، لكن أغلب المصادر تشير إلى ان الأصول الحقيقية للعب الورق تعود للصين”.

وخلص الباحث في التراث اللامادي الحساني، بوزيد الغلى، إلى أن لعبة مَرْيَاسْ يمارسها الصحراويون بشكل كبير في رمضان، نظرا لأنها قريبة جدا من لعبة مشهورة موجودة على الانترنت”.

أحمد الهيبة صمداني – آشكاين 

الحلقات السابقة:

عادات صحراوية رمضانية (1): السِّيكْ

عادات صحراوية رمضانية (2): الهَـيْـلالـَة

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x