لماذا وإلى أين ؟

الفاتحي يُعَدّد دلالات رد الحكومة المغربية على الإشارات الإيجابية لملك إسبانيا

مازالت الأزمة المغربية الإسبانية تتأرجح بين التوتر والتصعيد، رغم وجود إشارات إيجابية يتبادلها الجانبان على أعلى مستوى، فبعد الإشارات المتواصلة التي بعث بها العاهل الإسباني، فيليبي السادس للمغرب، من خلال دعوته المغرب للصلح، وزيارته لجناح المغرب في معرض السياحة الدولي (فيتور) في مدريد، جاء تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى بايتاس، ليوضح سبب استمرار الوضع.

وقال بايتاس، خلال ندوة المجلس الحكومي، أمس الخميس 20 يناير الجاري، ردًّا على سؤال حول موقف الحكومة من الرسائل الوِدية التي بعثت بها إسبانيا للمغرب من أجل استئناف العلاقات الثنائية بين البلدين؟ (قال) إن “الملك محمد السّادس في خطاب ثورة الملك والشعب الأخير تحدّث عن أهمية العلاقات الإستراتيجية بين المغرب وإسبانيا، وتحدّث قبل 3 سنوات عن الإطار المرجعي الذي يؤطر علاقات بلادنا مع مجموعة من الدول و حدّد مبدئين أساسيّيِن: الطموحُ والوضوحُ”، وهو ما يحمل دلالات كثيرة عن سبب استمرار الأزمة بين الجانبين.

وفي هذا الإطار، يرى الخبير في العلاقات الدولية ومدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، عبد الفتاح الفاتحي، أن “الموقف الإسباني بصفة عامة بدأ يتغير على ضوء التطور الذي شهدته العلاقات المغربية الألمانية عقب تصريحات تتعلق بدعم موقف الحكم الذاتي، وأيضا عقب تطور العلاقات الأمريكية المغربية، ولا سيما في المجال العسكري والمناورات العسكرية التي تقام بالقرب من الشواطئ الإسبانية، ومعلوم أن إسبانيا لم يتأتّ لها المشاركة في هذه المناورات”.

وأوضح الفاتحي، في تصريح لـ”آشكاين”، أن “هذا التطور المتسارع بين الولايات الأمريكية المتحدة والمغرب يمارس، بشكل أو بآخر، ضغطا على الحكومة الإسبانية في علاقاتها الخارجية بحيث لا تريد أن تبقي المساحة فارغة في هذا التطور بين العلاقات الثنائية بين المغرب وأمريكا”.

موردا أن “هذا هو الذي دفع بوزير الخارجية الإسباني إلى التوجه إلى واشنطن لعقد لقاء مع نظيره الأمريكي لمناقشة العلاقات الثلاثية بين المغرب وأمريكا وإسبانيا على مستوى الأدوار الأمنية والعسكرية في المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، إضافة إلى قضية نزاع الصحراء”، مشيرا إلى “وجود توجه جديد مفاده عدم إطالة أمد نزاع الصحراء، حيث يجب بلورة حل متوافق بشأنه”، مشددا على  أن “الرؤية لن تخرج عن النسق الواقعي السياسي”.

ولفت الفاتحي الانتباه إلى كون “الموقف الإسباني ليس مريحا في علاقة الضغط الثنائية مع المغرب، خاصة عقب الإجراءات المغربية، علاوة على الضغط الناتج عن العزلة التي تحس بها إسبانيا في الفضاء المتوسطي والمحيط الأطلسي عقب تجدد وتنوع المناورات العسكرية التي يشارك فيها المغرب دون إسبانيا”.

عبد الفتاح الفاتحي – محلل سياسي وخبير في العلاقات الدولية

وأكد المتحد على أن “الحكومة المغربية لا زالت تنتظر مواقفا واضحة من إسبانيا تمهيدا للتقدم في  المفاوضات الثنائية التي سبق وأن قال جلالة الملك أنه يشرف عليها شخصيا، وكانت هناك إشارات إيجابية”.

وأضاف ان “إسبانيا لازالت في حاجة إلى بلورة موقفها السياسي على المستوى الداخلي، بمعنى هل الأحزاب السياسية الإسبانية المشكلة للحكومة أو الناشطة في حالة استعداد للدخول مع المغرب في  مفاوضات ندية يكون فيها تغير جوهري في الموقف التاريخي والتقليداني لإسبانيا من قضية نزاع الصحراء”.

واعتبر الفاتحي أن “إسبانيا بين سندان الشأن السياسي الداخلي ومطرقة الضغط الخارجي والعلاقات الثنائية المغربية الأمريكية، من خلال تعمق العلاقات العسكرية المغربية في المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط مع دول كبرى، ومنها النجاحات التي تحققها المملكة على مستوى المناورات، علاوة على حاجة إسبانيا المتواصلة للمغرب من أجل تطوير اقتصادها من خلال المبادلات التجارية التي تضم عوائد مالية وتنموية مهمة”.

وأبرز أن “الوضع يحتاج إلى ترك بعض الوقت لإسبانيا حتى تهيء وضعها الداخلي، وإن كانت هناك إكراهات خارجية قوية تجعل إسبانيا مؤهلة للدخول في مفاوضات بناءً على تصور جديد في قضية الصحراء، على أن لا يتجاوز التوجه العام الذي يقول أننا نحتاج إلى مقاربة واقعية يكون أساسها الحكم الذاتي”.

وخلص المتحدث إلى أن “الصعوبة التي تؤخر السياق الإيجابي الذي عبرت عنه المؤسسة الملكية والذي يؤثر على الرأي العام الإسباني، وخاصة الأحزاب الصغيرة والراديكالية المعروفة بعدائها للمملكة المغربين، سيرخي بظلاله على الأمر وسيعمل على الأمد المستقبلي على تغيير المناخ السياسي الإسباني وتغيير صورة المغرب لدى الذهنية الإسبانية”.

وأفاد أن “إسبانيا تحتاج إلى وسائل إعلام مساعدة في هذا الاتجاه، لأنها مضطرة لتوقيع اتفاق جيدا وندي مع المغرب، نظرا لضغوطات خارجية وثنائية، ويبقى السؤال هو كيف ستستقبل الأحزاب المشاركة في الحكومة أو المعارضة هذا التغير في سياسة الخارجية  الإسبانية تجاه المغرب خاصة ما يتعلق بقضية الصحراء”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x