2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
قال تقرير صادر عن معهد واشنطن الأمريكي، إن عودة ترامب إلى البيت الأبيض، حيث في عهده اعترفت الإدارة الأمريكية بمغربية الصحراء، سيدفع الرباط إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لتعزيز الاعتراف الأمريكي، إذ من المتوقع أن تفتح أمريكا قنصلية ”حقيقية” في الداخلة كما وعدت بذلك سنة 2020، مبرزا تقرير المعهد أنه تم إنشاء تمثيلية قنصلية لكن ظلت ”افتراضية”.
وأكد تقرير المعهد الأمريكي، الصادر أمس الأربعاء 09 يناير 2025، أن عودة ترامب يمكن أن تفتح المجال أمام فرص استثمارية مربحة للشركات الأمريكية. على الرغم من أن واشنطن وقعت اتفاقية تجارة حرة مع المغرب قبل عقدين من الزمن وليس لديها أي عوائق قانونية حالية للاستثمار الأجنبي المباشر في الصحراء، إلا أن الطفرة المتوقعة في الاستثمار الأمريكي لم تتحقق أبدًا . والسبب، بحسب المعهد، أنه في ظل إدارة بايدن، ربما كان المستثمرون المحتملون مترددين في إبرام صفقات في الصحراء بسبب مخاوف من التراجع عن قرار ترامب لعام 2020؛ إلا أن هذه المخاوف ستتبدد الآن.
في المقابل، يرى المعهد، أن أي زيادة في العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة سوف تكون محدودة بالضرورة بسبب حقيقة مفادها أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأكبر للمغرب والمستثمر الأجنبي الأكبر فيه، بسبب القرب الجغرافي وغيرها من الأسباب الأخرى. وعلاوة على ذلك، فإن أي استثمارات ضخمة في الصحراء (سواء كانت أوروبية أو أميركية) سوف تتطلب ضمانات بشأن أمن الإقليم ــ وهو العامل الذي سوف يظل غير مؤكد ما دام الوضع السياسي للمنطقة لا يزال دون حل. يورد التقرير.
نفوذ صيني روسي على حساب أوروبا وأمريكا
تقرير معهد واشنطن الجديد، يرى أن أمريكا وشركاؤها الأوروبيون، إذا فشلوا في معالجة النزاعات المستمرة بشأن حقوق التجارة في الصحراء، قد يتركون المجال لروسيا والصين لتأكيد المزيد من النفوذ في المملكة.
وأوضحت المؤسسة غير الربحية الأمريكية البارزة، أن الحكم الأخير الذي أصدرته محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي ”يزيد من تعقيد العلاقات بين شريكين رئيسيين للولايات المتحدة”.
للوهلة الأولى، يضيف التقرير، قد يبدو هذا التطور وكأنه يخلق فرصة لزيادة الاستثمار الأميركي في المغرب. ولكن المرجح، بحسب المعهد، أن الحكم ”سوف يدفع الرباط إلى أحضان الصين وروسيا ما لم يتم اتخاذ المزيد من الإجراءات، الأمر الذي يعطي المسؤولين على جانبي الأطلسي اهتماما كبيرا بكسر الجمود القانوني”.
في ظل الوضع الحالي، يستطرد التقرير، يفرض الحكم على الاتحاد الأوروبي التزامات قضائية قد تتعارض مع الروابط السياسية والاقتصادية المتنامية التي أقامتها العديد من الدول الأعضاء مع المغرب. ففي السنوات الأخيرة، غيرت الدولتان الأكثر عمقاً في العلاقات مع المغرب ـ إسبانيا وفرنسا ـ مواقفهما بشأن قضية الصحراء، إلى موقف أقرب كثيراً إلى موقف الرباط، الأمر الذي عزز، بحسب المعهد الأمريكي، الدعم الأوروبي المتزايد لمقترح المملكة في عام 2007 الذي من شأنه أن يمنح المنطقة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وهو مقترح يلقى دعما رسميا أيضا مما لا يقل عن 20 دولة في الاتحاد الأوروبي.
وقال تقرير المعهد الأمريكي إن تعليق وزارة الخارجية المغربية على القرار وتأكيدها على أن المغرب غير معني بحكم محكمة العدل الأوروبية، يُظهر ”ثقة المملكة في أن دبلوماسيتها أحرزت نقاطًا رئيسية في موضوع الصحراء منذ ذلك الحين”. على عكس ردة فعلها القوية حين علقت الرباط علاقاتها الدبلوماسية عندما ألغت محكمة العدل الأوروبية اتفاقية التجارة الحرة مع المغرب خلال سنة 2016 لأسباب مماثلة، أي بسبب منتجات الصحراء.
استثمار صيني روسي في الصحراء
يقول المعهد، رغم أن مشاركة المغرب مع موسكو وبكين كانت محدودة تقليديا، فإن حكم محكمة العدل الأوروبية قد يدفع المملكة إلى أحضان هؤلاء المنافسين. رسميا، لا يزال كلا البلدين أقرب إلى الجزائر المجاورة ولا يدعمان خطة الحكم الذاتي التي أقرتها الرباط في سنة 2007. ومع ذلك، فقد عملا بهدوء على تعزيز مصالحهما في المغرب، بما في ذلك في الصحراء ، واستهداف الموارد المحلية والاستثمار في قطاع صيد الأسماك الساحلي.
على سبيل المثال، جددت روسيا مؤخرًا اتفاقية صيد مدتها أربع سنوات مع الرباط، في حين من المحتمل أن تزيد الصين من وجودها على سواحل المغرب بناءً على مذكرة التفاهم لسنة 2023 بشأن صيد الأسماك البحرية. كما تتطلع بكين إلى الاستثمار في مشاريع الهيدروجين الأخضر في الأقاليم الجنوبية للمملكة، حيث وقعت مذكرة تعاون خلال 2023 مع شركة ” Gaia Energy” المغربية وشركة” AjnanBrothers ” السعودية.
لكن التقرير يؤكد أن عودة ترامب إلى السلطة قد يجعل التعاون المغربي مع الصين أكثر تعقيدًا إذا ضغط على حلفاء الولايات المتحدة للحد من علاقاتهم الاقتصادية مع بكين. ومع ذلك، من المرجح أن تبذل الرباط كل ما في وسعها للعمل مع أي شركاء – بما في ذلك الصين – على استعداد للنهوض بالقطاعات التي أعطاها الملك محمد السادس الأولوية علنًا ، بما في ذلك الهيدروجين الأخضر.
استئناف المفاوضات من مصلحة الجزائر
على جانبي الأطلسي، خسرت جبهة البوليساريو المعركة السردية حول انفصال الصحراء. ولن ينفق النواب الأميركيون القلائل الذين سبق أن نددوا بالاعتراف بالسيادة المغربية رأس المال السياسي على هذه القضية، بحسب التقرير.
في سياق متصل، قال التقرير إن الجزائر رفضت المشاركة في التصويت الذي أجراه مجلس الأمن في نونبر الماضي لتجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء (مينورسو)، رغم تأكيدها المستمر على أنها ليس طرفا في هذا النزاع الذي عمر طويلا.
وأضاف المعهد: ”لا ينبغي للجزائر ولا للمجتمع الدولي أن يستخدما هذا الموقف “الفارغ” كذريعة لتجنب القيام بدور أكثر نشاطاً في حل النزاع. بل على العكس من ذلك، فمن مصلحة الجزائر أن تتفاوض جبهة البوليساريو على استئناف المفاوضات بحسن نية تحت رعاية الأمم المتحدة. والعودة إلى طاولة المفاوضات أصبحت أكثر إلحاحا”.