لماذا وإلى أين ؟

العلام: من حق الحكومة سحب مشروع قانون “الإثراء غير المشروع”

أثار قرار الحكومة بسحب مشروع القانون رقم 10.16 المتعلق بتتميم وتغيير مجموعة القانون الجنائي، الذي أحالته حكومة عبد الإله بنكيران، في 24 يونيو 2016، الكثير من الجدل بين متابعي الشأن السياسي، خاصة أنه يهم تعديلات في مواد أهمها تلك التي تنص على تجريم التعذيب والإبادة الجماعية، والاتجار بالبشر، والإثراء غير المشروع، والتحرش الجنسي.

وما زاد من حدة النقاش الدائر حول دوافع وخلفيات هذه الخطوة، خرجة وزير العدل والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، عبد اللطيف وهبي، خلال حلوله ضيفا على برنامج “حديث مع الصحافة”، الذي أكد على أنه “هو من اقترح على رئيس الحكومة سحب القانون الجنائي من البرلمان، قبل أن يتخذ هو القرار”، مشيرا إلى أن سبب ذلك هو “محاولة إعداد قانون جنائي منسجم ومتكامل”.

وفي هذا السياق، يرى أستاذ القانون الدستوري والفكر السياسي بجامعة القاضي عياض؛ عبد الرحيم العلام، أنه “من حيث المبدأ، يحق لحكومة جديدة من المفروض أن لديها تصورا مغايرا للسياسة الجنائية، أن تسحب مشروع القانون الجنائي الذي وضعته حكومة سابقة ولم تستطع تمريره لأسباب متعددة ، ومن ثم لا يمكن محاكمة الحكومة بتوجسات قد تصح وقد لا تصح، كأن يقال مثلا بأن سحب المشروع يهدف إلى إلغاء المقتضى الذي يجرّم الإثراء من دون سبب”.

وأردف العلام، في تصريح لـ”آشكاين”، أنه “إذا تبين في ما بعد أن الحكومة لم تسحب المشروع مؤقتا وإنما سحبته بشكل دائم، أو أنها حذفت منه فصل الإثراء من دون سبب، أو أضافت إليه ما يشكل تهديدا للحريات والحقوق، آنذاك يمكن أن يتحول سحب المشروع إلى ما يرقى إلى “فضيحة سياسية”، التي ستجلب الكثير من النقد للحكومة وقد تتشكل جبهة معارضة قوية من داخل البرلمان والشعب من أجل إسقاط مشروعها أو إسقاطها هي بنفسها”.

ولفت أستاذ القانون الدستوري نفسه، الانتباه إلى وزير العدل عبد اللطيف وهبي، لمقترحات متعددة ، بقوله بما أن سيرة السحب مطروحة، فإن هناك بعض المقترحات لوزير العدل ربما يستصحبها خلال هذه الاستفاظة التشريعية، إذا كانت استقاظة”.

واقترح العلام على وهبي أن “يتحدث مع زميله في الحكومة وأمينها العام، من أجل الإفراج عن “مشروع القانون التنظيمي لقانون الدفع بعدم الدستورية” الذي نص عليه دستور 2011، وقدمته الحكومة السابقة للبرلمان، ووافق عليه البرلمان، وأرسله للمحكمة الدستورية التي رفضت بعض مقتضياته، وطالبت بتغييرها، لكن الأمانة العامة للحكومة جمّدت المشروع ولم تحوله للبرلمان رغم مررو سنوات على قرار المحكمة الدستورية”.

عبد الرحيم العلام ـــ أستاذ القانون الدستوري والفكر السياسي

موردا “سيكون مفيدا أكثر لو أن السيد الوزير رفع سماعة الهاتف وسأل رئيس مجلس المستشارين الذي ينتمي لأغلبيته الحكومية، لكي يسأله عن مشاريع ومقترحات القوانين التي يحتجزها مجلس المستشارين منذ أكثر من 5 سنوات، ومنها مشاريع حيوية للمواطنين، وتتوقف عليها أوضاعهم المادية، وظروف آبائهم الصحية”.

ضاربا أمثلة لتلك القوانين بـ”مشروع قانون بمثابة مدونة التعاضد؛ مشروع قانون بمثابة التغطية الصحية الأساسية الذي ينتظره مئات الآلاف من المواطنين من أجل استفادة آبائهم من التغطية الصحية؛ مشروع قانون بتنظيم عمليات جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات لأغراض خيرية، الذي يعول عليه المجتمع المدني لكي يتجنب المشاكل المرتبطة بالتبرع الخيري، بل إن مجلس المستشارين ما زال يحتجز حتى مشروع القناة البرلمانية، الذي من شأن تنفيذه أن يسهم في التعريف بعمل البرلمان نفسه، ويساعد على التعريف بما يقوم به البرلمان”.

” ولئن لم يعد في مقدور مجلس اللوردات، وهو الأقدم والأضخم، في بريطانيا، إلا تأخير صدور قانون المالية لمدة سنة واحدة”، يسترسل العلام، ويضيف “فإن مجلس المستشارين، الذي هو الغرفة الثانية، والأصغر حجما، والأقل تأثيرا في الحياة السياسية، يستغل غياب التنصيص على آجال البث في المشاريع المحالة عليه من قِبل مجلس النواب، لكي يؤدي دور المُعرقل للعملية التشريعية بطريقة مفرطة في تجيير الفراغ القانوني من أجل التأثير سلبا على العملية التشريعية، وحرمان المواطنين من تشريعات تيسر حياتهم”.

وأردف الخبير الدستوري نفسه، موجها خطابه لوهبي “لا تسأل ما أسميته مؤخرا “الدولة”، ولا أدري حقيقة ماذا يقصد بالدولة، بخصوص المقترحات أعلاه، لأنها بالتأكيد لا تريد لتلك المشاريع أن تخرج إلى حيز الوجود، لأنها عندما تريد أن تُفعّل شيئا ما، فهي لا تحتاج إلا لساعات معدودة، وقد تُفعّله حتى عبر قصاصة إخبارية مثلما حدث مع “جواز التلقيح” “.

مشددا على أنه “عندما يتعلق الأمر بحقوق الناس ومصالحهم الحيوية، فإن المشاريع يتم تجميدها في ثلاجة الأمانة العامة للحكومة، أو ترسل إلى “محجز مجلس المستشارين”.

وخلص العلام إلى أن  “عبد اللطيف وهبي المحامي، الذي كان أكثر شخص يكتب مقالات تنتقد أحكام المحكمة الدستورية، وأكثر نائب برلماني تقدم بمذكرات أمام نفس المحكمة، لذلك فإن أسئلة كثيرة، كان من الأفضل أن يجيب عليها وهبي “رجل الدولة كما يصف نفسه”، قبل أن يقدم على قرار تفويض صلاحيته إلى شوقي بنيوب مندوب حقوق الانسان”.

وختم محدثنا تصريحه، بأسئلة طرحها على وزير العدل عبد اللطيف وهبي، قائلا: “هل من حق وزير فوض له رئيس الحكومة صلاحيات أن يفوضها بدوره إلى شخص آخر؟ هل يوجد في القانون التنظيمي لسير عمل الحكومة ما يسمح له بهذا التفويض؟ وهل يجوز تفويض التفويض؟.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
Mimoun
المعلق(ة)
12 نوفمبر 2021 18:00

إذا يجب رفع الاحكام القضائية على بائعي المخدرات القرقوبي ومن يستولي على عقار واراضي غيره كما يجب رفع العقوبابت على كل سارق متمكن وحتى السارق الصغير لانه هو كذالك يسرق من اجل الاغتناء الغير مشروع ،على دول—————————لا😂

ولد زعير
المعلق(ة)
11 نوفمبر 2021 22:08

أسيدي شكون لي منعكم نتوما لتتقرو.لاحقاش نتوما لي غادي يبان. عليكم الاثراء امانحن الطبقة السحوقة.من غادي نشوفو.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x