2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

تشهد أسعار الطماطم اضرابا ملحوظا بين الفينة والأخرى بسبب خضوعها لمبدأ العرض والطلب، فكلما كان العرض وفيرا و متناسبا مع الطلب المحلي كلما كانت أسعارها مناسبة وفي متناول المواطن المغربي من مختلف الشرائح.
ارتفاع صاروخي لأسعار الطماطم
على غير العادة، شهدت أسعار الطماطم المغربية ارتفاعا مهولا مع اقتراب رمضان المنصرم، وخلاله، وحتى بعده، بسبب الإقبال الكثيف على هذه المادة التي يحضر بها المغاربة أحد أشهر الشوربات الرمضانية المعروفة بـ”الحريرة”، علاوة على أطباق أخرى.
الارتفاع الصاروخي لأسعار الطماطم، التي بلغ ثمنها ما يفوق 13 درهما، لم يكن وليد الإقبال الكثيف لعموم المغاربة فقط، بل بسبب عوامل أخرى، تتعلق أساسا بالتصدير المتزايد لهذه المادة في غياب إعمال دقيق للموازنة بين تحقيق اكتفاء ذاتي للسوق المحلية أولا، وبين التصدير لتلبية طلب دول أوربية ثانيا.
الحكومة تطمئن المواطنين وتورط نفسها
وكعادتها، خرجت الحكومة لتبرر هذا الارتفاع في أسعار الطماطم، على لسان الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، الذي قال في ندوة أسبوعية يوم الخميس 10 مارس 2023، إن “هناك وفرة على مستوى إنتاج الطماطم في المغرب”، مضيفاً أن ارتفاع ثمنها بالمملكة كان بسبب التوجه نحو تصديرها نحو الخارج؛ خاصة أن الطلب الدولي كبير جدا”.
ولم تنف الحكومة ارتفاع صادرات الطماطم، بل حاولت أن تظهر وكأن تصدير خيرات البلاد “للبراني” وترك المواطن يكتوي بلهيب الأسعار أمرٌ عادٍ، حيث قال الناطق الرسمي باسم الحكومة، إنه “إلى جانب سبب التصدير، هناك سبب آخر جعل ثمن الطماطم يرتفع بالمغرب، وهو أن السوق الداخلية غير معقلنة وتشهد مجموعة من الاختلالات التي تتمثل في ارتفاع عدد الوسطاء الذين يساهمون في ارتفاع الأسعار”.
وكأن المتابع للشأن السياسي بالمغرب بالحكومة وهي تريد القول إن “هذه السوق التي ارتفعت فيها أسعار الطماطم في عهد “حكومة الكفاءات” ليست هي نفس السوق التي كان المغاربة يقتنون منها الطماطم بأقل من 5 دراهم للكيلوغرام، وكأن لسان حال الحكومة يقول “إن السوق المغربية لم تعد معقلنة مع قدوم هذه الحكومة، حكومة الكفاءات”.
ولم تقف الحكومة عند تبرير الارتفاع في أثمنة الطماطم بـ”مسكنات شوفية” ورطتها أكثر من إخراجها من سيل الانتقادات، بل تعدت ذلك إلى قطع وعد على نفسها أظهرت الأيام أنه كان كفيلا بتوريطها بعد انكساره على حقيقة أرقام الواقع، إذ أعطت الحكومة في نفس الندوة المذكورة آنفا وعدا بأن “أسعار الطماطم ستعود للانخفاض خلال اليومين القادمين، بسبب مجموعة من التدابير المتخذة من طرف الحكومة، وأن هذه الأخيرة ستشرع كذلك في عقد حوار مع المهنيين في مجال النقل لتجنب حدوث تداعيات جديدة تؤثر على الأسعار”، وهي الأسعار التي ظلت ترتفع حتى بعد شهرين، وليس يومين فقط كما وعدت الحكومة بذلك.
ارتفاع صادرات الطماطم يكذب الحكومة
وخلال الشهور الماضية، بعدما وعدت الحكومة بخفض أسعار الطماطم، وكشفت في بلاغات صدعت بها رؤوسنا حول لقائها مع المهنيين، أنها “حثتهم على إعطاء أولوية للسوق الوطنية واكتفائها الذاتي”، صدرت تقارير دولية تفيد الارتفاع المضطرد لصادرت المغرب من الطماطم تزامنا مع قدوم شهر رمضان، رغم تعالي الأصوات الداعية إلى ضرورة تحقيق اكتفاء ذاتي للسوق المحلية قبل تلبية الطلب الأوروبي المتزايد على الطماطم المغربية.
حيث أوضحت التقارير أن صادرات المغرب نحو الاتحاد الأوروبي، في متم 2022، ارتفعت من 750 ألف طن من الخضروات إلى 1.25 مليون طن، وانتقل حجم الخضراوات من 550.000 إلى ما يقرب من 700.000 طنا، وشكلت الطماطم أكثر المنتجات تصديرا، حيث انتقلت من 317.000 إلى أكثر من 400.000 طنا، والفلفل من 62.000 إلى 114.000طنا، والخيار من 2000 إلى 7.000 طنا.
وفي نفس السياق، صدر حديثا تقرير كشفت عنه الأرقام المقدمة من قسم الإحصاء في منظمة الأمم المتحدة، إذ في العام 2022 ، بلغ مجموع الصادرات بين المكسيك وهولندا والمغرب وإسبانيا ستة من أصل عشرة طماطم مباعة في العالم، أي بنسبة 60.03 في المائة من الإجمالي، حيث حل المغرب، لأول مرة في التاريخ، الثالث عالميا مزيحا إسبانيا.
وصدّرت المكسيك التي حلت على رأس قائمة الترتيب، نسبة 27.84 في المائة من الإجمالي بـ1956.21 مليون كيلوغرام، وهولندا 12.96 في المائة بحجم 910.5 مليون، والمغرب 10.54 في المائة بإجمالي 740.66 مليون، وإسبانيا 8.69 في المائة من الإجمالي العالمي، وبلغت كمية الطماطم المصدرة 610.4 مليون كيلوغرام.
هذا الارتفاع المتواصل لصادرات المغرب من الطماطم كشف جليا تورط الحكومة من خلال وعدها بخفض أسعار الطماطم التي مازالت في ارتفاع، وأن “من بين أسباب ارتفاع أسعارها هو جعل المستهلك المغربي في مرتبة ثانوية أمام المستهلك الأوروبي”، وفق ما أكده بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، في تصريح سابق لـ”آشكاين”.
الخراطي شدد أيضا في نفس التصريح على أن “التصدير من الأسباب الرئيسية لارتفاع أسعار الطماطم في الآونة الأخيرة و نتمنى تدخل الحكومة على غرار عدة دول مرت بهذه الحالة: المواطن أولا”، بحسب تعبيره.
مشكل يلزم المغرب 500 عام لحله بسبب تصدير الطماطم
ويبدو أن التصدير المتزايد للطماطم المغربية لن يكون له انعكاس على الأسعار المحلية فقط، بل إنه سيدخل المغرب في “مشكل مزمن” تلزمه 5 قرون للخروج منه، يرتبط أساسا بالماء المصدَّر على شكل فواكه أو خضر.
وهو ما حذر منه بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، في تصريح آخر حول ارتفاع صادرات الطماطم، وهو ما وصفه بـ”المشكل العويص في قضية تصدير الطماطم، إذ أننا نصدر الماء ونستورد الأدوية والأسمدة والمواد التي تحتاجها صناعة الطماطم، فإذا احتسبنا الأدوية والأسمدة والبلاستيك والماء فهل ستكون العملية مربحة للمغرب، وهنا لا نقصد الفلاح لأنه سيربح، لأن الماء إذا ذهب فسيلزمنا 500 عام هذا في حال عاد الطقس كما كان سابقا”.
أسئلة عالقة
المعطيات سالفة الذكر تجعل المواطن، ومعه متابع الشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ينتظر إجابات لأسئلة عالقة، من قبيل إن “كانت حكومة الكفاءات التي ظلت تنادي منذ تنصيبها بـ”الدولة الاجتماعية”، ستتحرك للضرب بيد من حديد على يد المصدرين الذين أغرقوا السوق الأوربية بطماطم المملكة المغربية، وتركوا المواطنين يكتوون بلهيب أسعارها محليا أم أنها ستكتفي بضخ مسكنات شفهية للمواطنين وتترك “البراني” يأكل “ويتبرع” بطماطم بلادنا”.
ما أحوجنا اليوم الى أغنية خبز الدار ياكلو البراني.
لم يسبق في التأريخ ان نظر الاغنياء بعين الرحمة الى الفقراء ..فما دامت حكومة اخنوش حكومة رجال مال و أعمال فإن همهم الوحيد هو الربح والربح السريع