2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
يسر جريدة “آشكاين” الإلكترونية أن تضع بين يدي قرائها الأعزاء سلسلة تاريخية تتقفى أثر العائلات والأسر الصحراوية التي كان لها أثر بليغ في الصحراء المغربية، وذاع اسمها نظير ما بذلته في مجالات مختلفة من الحياة من خلال ركن “عائلات من الصحراء.
وسنتطرق في حلقة اليوم إلى عائلة أهل الطاهر بوكَرين، من خلال محافظ زاوية آسا الطاهر بوكرين بن سيد محمد، الذي أنقذ مدونة زاوية آسا من الضياع، كما أن سيرته تميزت بعقد “وثقة الخاوة” مع خمس من الأيتوسيين.
الضابط الفرنسي والمحافظ
قال الباحث في التراث اللامادي الحساني، بوزيد لغلى، إن “أيت اعزا ويهدى خلفوا في زاوية آسا تراثا عصيا على الانطماس، وإذا كانت مدونة زاوية آسا التي لم يورد نصها المختار السوسي في غمرة ترجمته للفقيه محمد بن سعيد المرغيثي التي حفلت بمروياته عن مؤسس زاوية آسا الشيخ إعزا ويهدى، قد بقيت حينا من الزمن في حكم المفقود، فإنها قد رأت النور مجدداً حين قام بنشرها الضابط فانسان منصور مونتاي في كراسة لا تزيد عن بضع صفحات بالفرنسية”.
وشدد لغلى، الذي يرافقنا في هذه السلسة، على أن “السؤال الذي يثار في هذا المقام، كيف اطلع مونتاي على نصّ المدونة؟ ما المصدر الذي اعتمد عليه؟”.
ليعود ويجيب أنه “في الصفحات الأولى من نصّ مونتاي الذي نقله إلى اللغة العربية المترجم القدير هيبتن الحيرش ضمن نصوص محلية أخرى، يذكر مونتاي أن النصّ الذي يكتبه اطلعه عليه وأملاه محافظ زواية آسا يومها الطاهر بوكرين بن سيد محمد”.
ونبه إلى أن هذا الامر “استفزه للبحث عن سيرة الرجل التي لم تدون على غرار كثير من تراجم أعلام آسا، وتوصل بعد البحث والاستقصاء إلى أن بعض أفراد عائلة أهل بوكرين المنتمية إلى أيت اعزا ويهدى يقيمون بقرية ازريويلة شمال كليميم”.
“وثيقة الخاوة”
وأضاف أنه “في رحلة السؤال عن أهل بوكرين من أجل محاولة إعادة تركيب سيرة الطاهر بن محمد، الذي يعود إليه الفضل في صون مدونة زاوية آسا التي وصلتنا عبر وسيط الترجمة، قرأ وثيقة تتعلق بما يمكن أن نسميه: “وثيقة الخاوة” أي عقد مؤاخاة على سبيل التحالف بينه وبين أفراد من “خمس أهل مسيعيد أوسعيد” الأيتوسيين”.
ونبه إلى أنه “في غياب معطيات مفصلة عن حياته، يسعى الباحث لاستجماعها من خلال الروايات الشفوية، إذ جاءت بعض المعطيات في مقتطف من الوثيقة التي ورد نصها الكامل في كتاب: صناعة الانتماء (منشورات المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات)، وبعث له بها الدكتور سعيد عدي بعض المعطيات الإضافية حول عقد الخاوة المذكور”.
ومما جاء في “وثيقة الخاوة” يقول بوزي لغلى “أشهد الكاتب على نفسه بأنه تخاوى مع قبيلة بني مسيعيد أسعيد الأيتوسيين المستر (يقصد أنهم من إداومستر)… صغيرا وكبيرا، تخاويت معهم على أن يرفعوا عنا مكر الماكرين، وكيد الكائدين (….)، وإن وقع الله عليّ الموت كانوا على من بقي من صلبي، وإن أتم صلبي لو يتون (يقصد ربما يوتون) مالي، حيث ضهر (ظهر) على وجه الأرض ساقية كان أو بوراً (….) إلخ، بتاريخ عشر من شهر الله ميوه (مايو) الفلاحي عام 1348، عبد ربه الطهر أبكَرين بن سيد محمد بكَرين الأساوي العزى وهدى، لطف الله به آمين”(انتهى نص الوثيقة).
خلاصات الوثيقة
وأوضح لغلى أن “الوثيقة تشير إلى سبب الخاوة، وهو الحماية من كيد الكائدين، ويذكرهم على سبيل التعمي، وتقترب صيغة المؤاخاة في الوثيقة مما يسمى الاستجارة كعقد من عقود التحالف على حد تعبير الباحث منير شفيق في كتابه “في نظريات التغيير””.
وأبرز أن “الخاوة كانت من أهم أشكال التحالف من أجل تحقيق حماية النفس والأملاك من أي عدوان محتمل، وقد سبق أن سلطت الضوء في دراسة منشورة على عقود المؤاخاة أو الخاوة من خلال الأرشيف الوثائقي لأسرة أهل لمجيدري من قبيلة أزوافيط، الأمر الذي يؤكد أن الأمر لا يتعلق بمجال دون آخر أو قبيلة دون أخرى”.
وخلص إلى أن “عقد الخاوة ورد بصيغة تفيد التأبيد ودوام سريان شروط المؤاخاة انتقالا من السالف إلى الخالف من ذرية أهل بوكَرين”.
عائلات من الصحراء: أهل العرابي..شبكة وكلاء تجاريين مسلمين ويهود بين الصويرة وتمبكتو