لماذا وإلى أين ؟

عادات صحراوية رمضانية (8): إفطار الصائم

تفوح رائحة الموروث الثقافي الذي تكتنزه رمال الصحراء المغربية من بيوت أهلها، كلما أرخت ليالي رمضان سدولها على هاته الأراضي الزاخرة بتراث البيظان.

ألعاب شعبية وتقاليد وطقوس خاصة توارثتها أجيال من الصحراويين جيلا بعد جيل، تكشف عمق وتنوع الحضارة التي تزخر بها بلادنا، ما يجعل الزائر للجنوب المغربي يغوص في رحاب أجواء الحاضر التي تعود به إلى كنف الأجداد.

واختارت الجريدة الإلكترونية “آشكاين” أن تبسط سلسلة رمضانية لمجموعة من هذه التقاليد الصحراوية العتيقة التي تختزنها الأقاليم الجنوبية والتي يتميز بها شهر رمضان بالخصوص، من خلال حلقات برنامج “عادات صحراوية رمضانية”.

وسنتطرق في الحلقة الثامنة من هذه سلسة عادات صحراوية رمضانية، إلى إحدى مكونات إفطار الصائم الصحراوي، أو ما يحبذه أهل الصحراء أن يكون أول أكلهم بعد يوم شاق من الصيام.

تمر و ماء وحليب

وأورد الباحث في التراث اللامادي الحساني، الدكتور بوزيد الغلى، في تصريح لـآ”شكاين”، نقلا عن إحدى مساهماته في مجلة الإبل، ما قاله غاستونباشلار: ” كل تراب هو حليب أمُومِيّ، كل سائل هو ماء، و كل ماء حليب”، الماء نسغ الحياة ، وما يُزين الصحراء كما قال ‘انطوان دي سانت اكزيبيري’ هو أنها تخفي بئراً في مكان ما”.

“زْرَاقُو ولا فِراقُو”

ولفت بوزيد الانتباه إلى أنه “رغم أهمية الماء في إخماد الظمأ، فان أهل الصحراء لا يستحسنون للصائم الإكثار من شرب الماء، و يعتقد معظمهم أن الأنفع شرب حليب الإبل أو الماعز، فإن عزّ أو قَلّ خلطوه ببعض الماء كي يصير “شَنيناً”، فاللبن، وإن كان مخلوطا بالماء أعزُّ مشروب عند أهل الصحراء الذين يحرصون على إذهاب “سواد الماء” (الأسودان: الماء والتمر) بشيء من حليب النوق أو الماعز، و ذاك معنى قولهم: ” زْرَاقُو ولا فِراقُو”.

مشيرا إلى أنه “ورغم استخدام الآلات الحديثة في إنتاج الحليب وتحويله وتسويقه، إثر انتظام جلّ ملاّك الإبل بالصحراء في تعاونيات لإنتاج الحليب ومشتقاته، فإن الطابع التقليدي لا يزال طاغيا”.

ناقة والشمال وآدَرْسْ وتَازُوّة

موردا أن “دَور التعاونيات قاصر على استقبال الحليب وتخزينه، بينما يتكفل الرعاة بحلب النوق في المراعي وفق الطريقة التقليدية ذات الطابع التراثي الأصيل وفق وصف ‘بيير دوني Denis’  في كتابه ” آخر الرحل”.

واسترسل الباحث في التراث اللامادي الحساني، ساردا ما جاء في كتاب “آخر الرحل” حول عملية الحلب، بالقول: “يقوم رجلان بالحلْب الصباحي، يتواجهان على مستوى كليتي الحيوان(أي الناقة)، يحمل الرجل الموجود على اليسار في يده اليسرى وعاءً (آدَرْسْ) الذي يسع ما بين لترين وستة لترات، وينزع الذي في مواجهته حمّالة الضرع (الشّْمال)”.

“فيأتي الفصيل ليرضع قليلا حتى يدر الحليب، ثم يتم إبعاده”، يضيف محدثنا “ليحلب الرجل الموجود على اليسار حلمة واحدة، ويحلب الآخر ثلاث حلمات، و لا يتركان في الضرع سوى حصة الفصيل الذي يأتي بعد ذلك ليرضعها، بينما يقومان بمتابعة حلب القطيع، ويفرغان بالتتابع محتوى آدرس في (تَازُوّة) الوعاء الخشبي الذي يسع خمسين لتراً”.

مواقيت الحلب في رمضان

وخلص المصدر نفسه، إلى أن “رمضان لا يؤثر على مواقيت حلب النوق، إذ تُحتلب في الفترة الصباحية عند “أذان الديوك” (الديكة) ، بينما تحتلب ليلا عند “العتْمة”التي قدر Leriche وقتها ما بين الساعة العاشرة والحادية عشرة ليلا”.

أحمد الهيبة صمداني – آشكاين 

الحلقات السابقة:

 

عادات صحراوية رمضانية (1): السِّيكْ

عادات صحراوية رمضانية (2): الهَـيْـلالـَة

عادات صحراوية رمضانية (3): مَـرْيَـاسْ

عادات صحراوية رمضانية (4): ظَامَا

 

عادات صحراوية رمضانية (5): كْـرُورْ

عادات صحراوية رمضانية (6): الدُّومِـيـنُـو

عادات صحراوية رمضانية (7): بَـلْغْـمَان

 

 

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x