“العالم السفلي”؛ سلسلة قصصية مشوقة، تفتح من خلالها “آشكاين” لقرائها الكرام نافذة لاستكشاف عالم تجارة المخدرات في شمال المغرب.
من خلال هذه النافذة، تنقل الجريدة الإلكترونية “آشكاين” لمتتبعيها أحداث مشوقة من عالم التهريب الدولي للمخدرات بعضها ينبش تفاصيل ملفات معروف للعامة وبعضها خفي لا يعرفه إلا المقربون من العالم السفلي لتجارة المخدرات، إضافة إلى قصص أشخاص واكبوا وعملوا مع أكبر البارونات بمناطق الشمال والمغرب.
ضيفنا هذه الحلقة من “العالم السفلي”، يحكي لنا تفاصيل مشاركته في تحرير أحد ملازمي عشيرة “لوس كاستانياس”، أحد أشهر العصابات التي تنشط في الجريمة المنظمة والاتجار الدولي في المخدرات بمدينة “لا لينيا ديل كونيبسيون” بإسبانيا، بعدما تم توقيفه ونقله إلى المستشفى.
إليكم القصة :
بدأت بدافع الحاجة، يقول أحمد (اسم مستعار)، واستمررت بسبب اندفاع الأدرينالين. إن كنت تحب المجازفة والأدرينالين، فالبعض يمارس القفز بالمظلات، والبعض الآخر يقفز بالحبال، والبعض يركب القوارب، والبعض يهرب المخدرات. وأنا أحاول الحفاظ على حياة طبيعية قدر الإمكان، فلا أحد يعلم بحقيقة عملي. وفي هذا المجال عليك أن تكون شريفا و جديرا بالثقة، لأنك إن لم تكن فأنت في حكم الميت.
عقارب الساعة تشير إلى الساعة الرابعة من عشية يوم الثلاثاء 6 من شهر فبراير من سنة 2018، بمستشفى مدينة “لا لينيا ديل كونسيبسيون”، عنصران من الشرطة الوطنية الإسبانية يستقدمون موقوفاً مكبلا و مصابا بجروح وكدمات إلى مصلحة المستعجلات بالمستشفى، في مشهد مألوف بمدينة “لا لينيا”، العنصران الأمنيان لم يعلما أن الشخص الذي بيديهما، ليس أي تاجر مخدرات عادي، بل “صامويل كريسبو دومينغيز”، أخطر ملازمي عشيرة “لاس كستانياس” الشهيرة.
ما حدث بعد ذلك، هو أشبه بمشهد من فيلم هوليودي، أكثر من كونه مقطعًا من الواقع اليومي. عندما كان “كريسبو”، مهرب مخدرات معروف، يقود دراجته البخارية في شوارع حي “El Zabal”، الحي الذي يشعر فيه مهربو المخدرات بمدينة “لا لينيا” بالأمان. هناك لديهم مخبرون يحذرونهم عندما يرون وجوهًا مشبوهة، وشاليهات يخزنون فيها المخدرات التي يجلبونها من المغرب، ومنازل متصلة ببعضها البعض من خلال أبواب يمكنهم الهروب من خلالها عند الحاجة.
هذا الثلاثاء، كان “صامويل” البالغ من العمر 32 عامًا آنذاك، يمر عبر “إل زابال” بدراجته النارية عندما أوقفته الشرطة الوطنية، ولأنه مطلوب بعدة مذكرات توقيف، فقد أطلق العنان لمحرك دراجته، في شوارع حيه بينما كان رجال الشرطة يطاردونه مطاردة هوليودية، قبل أن يسقط من دراجته، ليتمكن عناصر الأمن من توقيفه بعدما أصيب بجروح طفيفة.
مباشرة بعد ذلك قامت عناصر الأمن باقتياد، صامويل كريسبو تحت الحراسة إلى مستشفى لا لينيا، وبعد وصوله بوقت قصير، بينما كان الجريح في غرفة المستعجلات، ظهر حشد من الرجال المقنعين، المسلحين بهراوات وسكاكين، وصلوا في سيارات للدفع الرباعي وشاحنات. كنا حوالي 20 شخصا، يقول أحمد، وهدفنا الوحيد هو تحرير كريسبو، لأنها كانت أوامر زعماء عشيرة “لاس كاستانياس”.
اندفع أحمد والآخرون، في أروقة مستشفى “لا لينيا” بشكل هستيري بين الأطباء والممرضين والمرضى، بشكل لم يستطع أمامه الشرطيان اللذان كانا يحرسان صامويل أن يفعلوا أمامهم أي شيء، لأن عملًا أكثر عنفًا، كاستعمال مسدسيهما، كان من الممكن أن يؤدي إلى مأساة.
ولم يتمكن عنصرا الأمن أمام السيل الجارف من المهاجمين، إلا من توقيف شخص واحد وهو ابن عم صامويل كريسبو، وقاموا بتقييد يديه إلى أنبوب. يضيف أحمد أن صامويل كريسبو ليس من أقوى مهربي المخدرات، ولكنه ملازم في عشيرة قوية، وله معلومات كثيرة حول الطرق البحرية التي تستعملها في تهريب المخدرات من شمال المغرب نحو قادش، ولهذا كان من المهم جدا للأخوين فرانسيسكو وأنطونيو تيخون، زعماء العشيرة، أن يخرج قبل أن يتم التحقيق معه.
وأشار مصدرنا، إلى أن “صامويليتو” مباشرة بعد تهريبه من المستشفى، تم إعطاء الأوامر أن يتم نقله على وجه السرعة لشاطئ “مارينا سمير” صبيحة الأربعاء 7 فبراير 2018، في رحلة استغرقت 35 دقيقة فقط، عبر دراجة مائية “جيتسكي”.
تهريب “صامويليتو”، يقول أحمد، كان مهما كونه كان المسؤول عن استقبال شحنات المخدرات الموجهة لعشيرة “لوس كاستانياس” التي يقودها كل من أنطونيو وفرانسيسكو تيخون كاراسكو، وهما الزبونان الرئيسيان لعبد الله الحاج الملقب “بميسي”، وهو شاب من طنجة، عبر في سن المراهقة المياه التي تفصل بين المغرب وأوروبا ليستقر في الجزيرة الخضراء المجاورة، وينشأ أحد أكبر كارتيلات تهريب المخدرات بالمنطقة.
الحلقة الثالثة : العالمُ السفلي.. قصة “باتشو”من قِيادة قوارب “الفانطوم” إلى إمام مسجد
الحلقة الثانية : العالم السفلي.. عصابة “الشطونة” وشقيقه لتهريب البشر والحشيش
الحلقة الأولى : العالمُ السفلي.. هكذا خطط لتصفية النيني بواسطة قاتلٍٍ مأجـــور
