لماذا وإلى أين ؟

“معارك الصحراء”: أم العشار الأولى..”كوموندو انتحاري” يقتلُ عشرات الجُنود الفرنسيين النائمين بتندوف

يسر جريدة “آشكاين” الرقمية أن تضع بين يدي قرائها الكرام سلسلة رمضانية جديدة عن الأقاليم الجنوبية، من خلال التطرق إلى ما شهدته الصحراء المغربية من معارك طاحنة خاضتها المقاومة الصحراوية ضد المستعمر من أجل إعادة تراب الصحراء إلى حوزة الوطن، من خلال برنامجكم الرمضاني “معارك الصحراء”.

وسنحاول في هذه السلسلة الرمضانية أن ننبش في تاريخ ذاكرة المقاومة الصحراوية ضد المستعمر، من خلال تناول أهم المعارك التي خاضها أبناء المناطق الجنوبية دفاعا عن الوحدة الترابية للوطن، مستندين إلى شهادات باحثين ومهتمين من أبناء المنطقة.

سنتطرق في الحلقة 15 من سلسلة “معارك الصحراء“،  إلى “معركة أم العشار الأولى”، والتي تمكنت فيها المقاومة بتنسيق مع الملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني بمباغثة الجيش الفرنسي في تندوف عندما كانوا يغطون في نوم عميق، مستخدمين حرب العصابات وعملية “كوموندو انتحاري”، وتمكنوا من قتل 38 جنديا استعماري وجرح 100 آخرين.

تاريخ وموقع المعركة

يروي لنا قـيّـم فضاء الذاكرة التاريخية بالدشيرة جهة العيون الساقية الحمراء، مصطفى الحمري، أن “معركة أم العشار الأولى هي أولى المعارك التي خاضها أعضاء جيش التحرير ضد الفرنسيين المرابطين بتندوف و الذين يترددون على وادي أم العشار الغني بالماء”

وأوضح الحمري، في حديثه لـ”آشكاين” نقلا عن شهادات حية استقاها فضاء الذاكرة من مقاومين أن “قوات جيش التحرير هاجمت يوم سادس غشت 1956 القوات الفرنسية المتمركزة على قمة “جبل أم العشار” المطل على فم الحصن و تندوف، غير بعيد عن الحدود الجزائرية”.

وحسب نفس الشهادات فإن هذه القمة “هي الممر الوحيد، وقد اتخذته القوات الإستعمارية كمركز للحراسة ومراقبة تحركات جيش التحرير نظرا لموقعه الإستراتيجي، حيث كانت “أم العشار” نقطة مائية يرتادها الجيش الفرنسي لجلب الماء، وقد استهدفها جيش التحرير و أقام عليها نقاط مراقبة وكمينا للعدو حتى باغته بهجوم كاسح يوم 25 ماي 1956″.

وتابعت رواية المشاركين أنه “قد بدأ الاستعداد للهجوم بواسطة ما يسمى نواب الاتصال، حيث كانت القيادة تتلقى الأخبار والمعلومات باستمرار عن كل المناطق الصحراوية، و ما أن حصل تمركز عام لقيادة جيش التحرير على جل المناطق حسب المخطط المدروس، وانطلاقا من التدريب الذي تلقاه المتطوعون على استعمال السلاح و حرب العصابات، قررت القيادة بأمر من قائدها الأعلى المغفور له محمد الخامس و رئيس أركان الحرب مولاي الحسن، أن تقوم بعمل خاطف لجس النبض والإختبار بعدما تأكدت من أن طلائعها على أتم الإستعداد للفداء والإستشهاد”.

وتورد الرواية “أن عناصر جيش التحرير قامت بأول عملية فدائية انتحارية بعد أن كانت خطة الهجوم على أم العشار، قد درست بدقة مع اختيار الرجال الأشداء لتنفيذها “كمندو– انتحاري” مكون من سبعين مقاوما مسلحين بالبنادق الرشاشة من نوع 49، و بنادق التساعيات والرباعيات، ومدفعين رشاشين للتغطية، وكان كل مجاهد يحمل معه قنبلتين يدويتين واحدة للهجوم وأخرى للدفاع، وذلك تحت الرئاسة الفعلية لمحمد بن الجيلالي و الكبير بوزكري و المرشد السيد ولد دحمان.”

كرونولوجيا المعركة

وتفيد شهادات المقاومين أن “الكومندو كان في فم الحصن، وكانت الحالة هادئة، والجنود في حالة تأهب ويقظة وسكون، حتى يخيل إليك في تلك اللحظة أن مركز فم الحصن أصبح خاليا؛ شاحنتان مدنيتان شبه معطوبتين ومهملتين، وما أن دقت الساعة الثانية عشرة حتى تحركت الشاحنتان وعلى إحداهما الكومندو و توجهتا صوب “تلغيشت” التي تبعد عن فم الحصن بحوالي أربع كيلومترات”.

“وفي ظلام الليل”، يورد مصدرنا “انقسم الكومندو إلى أربع فرق كل فرقة أخذت الإتجاه المعين لها لتسلق جبل “أم العشار”، وما أن دقت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل حتى أعطيت الإشارات الأربع للجنود لتسلق الجبل، ومع صعوبة تضاريسه فقد تمكن الكومندو من الوصول إلى أهدافه وأعطيت الإشارة للبدء في الهجوم، وفي لحظة واحدة بدأت عملية إطلاق النار على أوعية البنزين، وقتل جنود الحراسة، و مباغتة العدو و الإحاطة به من كل جانب وهو يغط في نوم عميق، حيث استمرت المعركة ساعة و نصف، استعملت فيها أسلحة الهجوم تارة و الدفاع تارة أخرى وقد تكبد العدو خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.

الخسائـر

و تمثلت خسائر العدو، يقول مصدرنا، في “تحطيم 15 سيارة من بينها 5 سيارات شحن خاصة بنقل الجنود  وقتل 38 جنديا استعماريا وجرح 100 من جنود الإحتلال، فيما جرح 13 مقاوما من جنود جيش التحرير واستشهاد مقاوم واحد هو حسن الملالي المنحدر من بني ملال.

الحلقات السابقة:

“معارك الصحراء”: معركةُ الدشيرة..حينما سحقت المقاومة 600 جندي إسباني و سلبتهم عتادا متطورا

“معاركُ الصحراء”: معركةُ العركوب البطـــولية

“معارك الصحراء”: معركة لَكْلاتْ التي أسقطت فيها المُقاومة طائرة المُستعمر

معارك الصحراء: معركة تافودارت الأولى..نجاةُ المقاومة من قصف جوي لعشر طائرات إسبانية

معارك الصحراء: معركة تافودارت الثانية..35 طائرة حربية تقصف معقل المقاومة لأسبوع كامل

معارك الصحراء: معركة الرّغَيْـوَة؛ عندما أسَرَت المقاومة ضابطا فرنسيا وسلمته للملك محمد الخامس

“معارك الصحراء”: معركة وادي الصفا..استعمالُ الجيش الفرنسي أسلحةً ثقيلة لمُواجهة المقاوم

“معارك الصحراء”: معركة طريق السّدْرَة بقيادة صالح بن عسو

“معارك الصحراء”: معركة لَمْحَاجِيب ..المُستعمر يشنُّ غارات جوية على 200 فرد من المُقاومة

“معارك الصحراء”: معركة الشاطئ..المقاومة تباغث الإسبان بشاطئ العيون وتقتل 30 جنديا

“معارك الصحراء”: معركة مركالة..حينما قتلت المُقاومة 60 جنديا فرنسيا قرب تيندوف

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
10 أبريل 2023 16:50

ملاحم للتاريخ تستحق فيلما سنمائيا يخلدها ويخلد اسماء هؤولاء الابطال الاشاوس الذين جاؤ من كل ربوع المملكة ليرفعو السلاح في وجه المستعمر، وليعرف المرتزقة حجمهم الحقيقي وهم يحملون السلاح اليوم ضذ المغاربة، وليعرف العالم ايضا مع من حشرنا الله في الجوار.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x