لماذا وإلى أين ؟

“معارك الصحراء”: أم العشار الثانية..الاستعانة بمغاربة منخرطين بالجيش الفرنسي للإيقاع بجنوده

يسر جريدة “آشكاين” الرقمية أن تضع بين يدي قرائها الكرام سلسلة رمضانية جديدة عن الأقاليم الجنوبية، من خلال التطرق إلى ما شهدته الصحراء المغربية من معارك طاحنة خاضتها المقاومة الصحراوية ضد المستعمر من أجل إعادة تراب الصحراء إلى حوزة الوطن، من خلال برنامجكم الرمضاني “معارك الصحراء”.

وسنحاول في هذه السلسلة الرمضانية أن ننبش في تاريخ ذاكرة المقاومة الصحراوية ضد المستعمر، من خلال تناول أهم المعارك التي خاضها أبناء المناطق الجنوبية دفاعا عن الوحدة الترابية للوطن، مستندين إلى شهادات باحثين ومهتمين من أبناء المنطقة.

سنتطرق في الحلقة 16 من سلسلة “معارك الصحراء“،  إلى “معركة أم العشار الثانية“، والتي كانت مرحلة تكميلية لمعركة أم العشار الثانية، حيث تكبد فيها المستعمر الفرنسي خسائر فادحة بين قتلى وجرحى، بعد أن نسجت المقاومة خطة محكمة للإيقاع بجنود العدو بعدما استعانت بمعلومات قدمها مغاربة منخرطون بالجيش الفرنسي.

تاريخ وموقع المعركة

يروي لنا قـيّـم فضاء الذاكرة التاريخية بالدشيرة جهة العيون الساقية الحمراء، مصطفى الحمري،  نقلا عن شهادات حية استقاها فضاء الذاكرة من مقاومين، أن “معركة أم العشار الثانية، حدثت في بداية سنة 1957 بين فرقتين من جيش التحرير المغربي والقوات الاستعمارية الفرنسية”.

كر وفر

وأوضح مصدرنا، أن “كل فرقة من ثلاثين مواطنا مغربيا الفرقة الأولى يقودها حبوها، والفرقة الثانية يقودها الشيخ ولد الشيخ عابدين، وقد دامت هذه المعركة ثلاث ساعات، عندما وضعت فرقتا جيش التحرير المغربي كمينا لقافلة فرنسية للتموين قدمت من تندوف نحو مركز المراقبة الذي أحدثته فرنسا بأم العشار”.

وأفادت شهادات المقاومين المشاركين في المعركة، أن “جيش التحرير المغربي قد غنم شاحنة عسكرية فرنسية وقتل العديد من جنود القوات الاستعمارية الفرنسية، وفي سنة 1957 عاود جيش التحرير المغربي هجومه ثانية على المنطقة “أم العشار” وكبد فيها الفرنسيين خسائر هامة في العتاد والأنفس”.

وحسب نف المصادر فقد “كان الجيش الفرنسي يقوم باستطلاعات وترصداته، لحماية تحركات أفراد قواته من الهجومات المباغثة التي يقوم بها أفراد جيش التحرير، وخاصة بعد قطع طرق التموين وعرقلة هذه العملية عن قوات المستعمر”.

وتفيد شهادات المقاومين المشاركين في هذه المعركة، فقد “أصدرت قيادة  جيش التحرير أمرها بالهجوم على “أم العشار”، وأنيطت هذه العملية بفرقة مكونة من خمسين مقاتلا، وتسمى فرقة ادريس بن بوزكري، تحت قيادة مبارك منار ونائبه عبد الرحمان البراقز، ومرشدي الفرقة وهم: حبوها الركيبي، وعلي ولد خطري الجكاني، مجهزة بأسلحة ثقيلة (المورطي) وكذا مختلف الأسلحة الخفيفة حيث تم الإنزال الأول بمنطقة “تفكومت”.

“وبعد فترة من الانتظار والترصد دامت ثمانية أيام”، ومن خلال عمليات الاستكشاف والاستطلاع التي يقوم بها الطيران الفرنسي، وبعد اكتشافه لتحركات أفراد جيش التحرير بالمنطقة انتقلت فرقة جيش التحرير إلى منطقة لروية الجبلية الواقعة بين الحمادة وأم العشار.

واستمرت فترة الترقب والترصد لتحركات العدو ثلاثة أيام أخرى، اتضح بعدها أن الهجوم على المطار غير ممكن، وبعد تعديل الخطة، وبأمر من القيادة بواسطة لجنة الاتصال تم توجيه الهجوم إلى بئر مائية توجد بأدي علوش يستغلها العدو كمورد مائي لتزويد معسكر أم العشار، حيث عادت الفرقة إلى “تفكومت” وقسمت إلى فرقتين، فرقة (المورطي) متوجهة إلى “اكمامو” المتواجد شرق وادي درعة في اتجاه وادي اكولاس والفرقة الثانية أسندت لها مهمة الهجوم على البئر وتم تحديد الساعة الثامنة والنصف صباحا لتنفيذ العملية وبالضبط في الوقت المحدد شوهدت سيارة “لندروفير” و (4*4) وشاحنة محملتين بأفراد من الجيش الفرنسي في اتجاه البئر.

وبعد تلقي الأوامر بإطلاق النيران على العدو، ترجمت هذه الأوامر فورا إلى عملية هجومية تمكن على إثرها بعض أفراد القافلة من الفرار وأشعروا مركز أم العشار بهذا الهجوم عبر اللاسلكي، وسرعان ما بدأت طائرات العدو قصفها بشدة لموقع المعركة مما جعل المقاومين ينسحبون  ويعودون إلى مركز “أقا”. ربما هي المعركة التي تم وصفها في المقال السالف باعتبارها معركة أم العشار الأولى.

خطة محكمة

وكانت خطة جيش التحرير هي تقسيم أفراده إلى ثلاث فرق، الفرقة الأولى: كلفت بالحراسة البعيدة توزع أفرادها على أماكن متعددة من الجبل المسمى بأم العشر وهو جزء من جبال “الواركزيز”، والفرقة  الثانية: كلفت بحراسة الجهة الجنوبية من الجبل”.

أما الفرقة الثالثة، تقول شهادات المقاومين فقد “أنيطت بها مهمة حراسة البئر، وبمجرد قدوم القوات الفرنسية للبئر للحصول على الماء تم تنفيذ الهجوم على أفرادها، ويرجع الفضل في إنجاز هذه الخطة إلى المغاربة المنخرطين في الجيش الفرنسي، ذلك أنهم قاموا بتزويد القيادة العليا لجيش التحرير بجميع المعلومات حول الإمكانيات الحربية للقوات الفرنسية وعتادها والتوقيت الذي تتوجه فيه عادة إلى البئر”.

وخلص مصدرنا إلى أن “هذه المعركة قد وقعت يوم 25 ماي 1956 مخلفة مقتل 40 شخصا وجرح (15) آخرين من الجانب الفرنسي، حسب تقديرات المشاركين فيها، وبعد انتهاء المعركة أسندت مهمة الحراسة الدائمة للمنطقة لفرقة من جيش التحرير، وهذا ما أدى إلى حدوث مناوشة أخرى في المنطقة في سنة 1957 تعرف بمعركة أم العشار الثانية عند أعضاء جيش التحرير”.

الحلقات السابقة:

“معارك الصحراء”: معركةُ الدشيرة..حينما سحقت المقاومة 600 جندي إسباني و سلبتهم عتادا متطورا

“معاركُ الصحراء”: معركةُ العركوب البطـــولية

“معارك الصحراء”: معركة لَكْلاتْ التي أسقطت فيها المُقاومة طائرة المُستعمر

معارك الصحراء: معركة تافودارت الأولى..نجاةُ المقاومة من قصف جوي لعشر طائرات إسبانية

معارك الصحراء: معركة تافودارت الثانية..35 طائرة حربية تقصف معقل المقاومة لأسبوع كامل

معارك الصحراء: معركة الرّغَيْـوَة؛ عندما أسَرَت المقاومة ضابطا فرنسيا وسلمته للملك محمد الخامس

“معارك الصحراء”: معركة وادي الصفا..استعمالُ الجيش الفرنسي أسلحةً ثقيلة لمُواجهة المقاوم

“معارك الصحراء”: معركة طريق السّدْرَة بقيادة صالح بن عسو

“معارك الصحراء”: معركة لَمْحَاجِيب ..المُستعمر يشنُّ غارات جوية على 200 فرد من المُقاومة

“معارك الصحراء”: معركة الشاطئ..المقاومة تباغث الإسبان بشاطئ العيون وتقتل 30 جنديا

“معارك الصحراء”: معركة مركالة..حينما قتلت المُقاومة 60 جنديا فرنسيا قرب تيندوف

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x