2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
يسر جريدة “آشكاين” الإلكترونية أن تضع بين يدي قرائها الأعزاء سلسلة تاريخية تتقفى أثر العائلات والأسر الصحراوية التي كان لها أثر بليغ في الصحراء المغربية، وذاع اسمها نظير ما بذلته في مجالات مختلفة من الحياة من خلال ركن “عائلات من الصحراء”.
سنتطرق في حلقة اليوم إلى عائلة أهل بلعمش، التي عرفت بفقهائها وقضاتها، وهم مؤسسو تندوف، من خلال إحداث المدرسة الجنكية التي كانت محجا لكبار العلماء.
وقال رئيس المركز المغربي للدراسات الثقافية والتاريخية بالصحراء، محمد كرماط، إن “آل بلعمش (أو بالاعمش) من الأسر العلمية الصحراوية التي كتب لها التاريخ آثارا في مجالات مختلفة، فهي جكنية المحتد، من أولاد الموساني، ومعلوم أن تلك القبيلة من أوعية العلم من قديم، حتى انتشرت بين الأنام مقالة: “العلم جكني” ، وفي ذلك يقول علامة المعقول ابن بونة الجكني:
نحن ركب من الأشراف منتظم …. أجل ذا العصر قدرا دون أدنانا
قد اتخذنا ظهور العيس مدرسة ….. بها نبين دين الله تبيـــــــــــــــــــــــــانـــا ”
وأضاف كرماط في تصريحه لـ”آشكاين أن “آل بلعمش كان وعاء من تلك الأوعية؛ لذلك أفرد الحديث عنهم العلامة المختار السوسي في “المعسول”، حيث قال: “إن آل ابن الأعمش المتأخرين فيهم علماء نتتبعهم كما هي عادتنا في علماء الأسر، وقد ذكر ترجمة لأحد عشر فردا منهم، الغالب على أكثرهم صنعة العلم تعلما وتعليما؛ فكانت بذلك المدرسة الجكنية محجا لطلبة العلم بل لكبار العلماء”.
مؤسسو تندوف
وأوضح أن “هذه المدرسة التي كانت تقع في تندوف في التخوم السوسية الصحراوية، وكان آل بالاعمش منذ أسسوا تلك المدينة على يد قومهم تجاكانت رفعوا هناك راية التدريس، فيدرس فيها كل من مر من فطاحل الشناكطة، كمحمد يحيى الولاتي وأمثاله، بل قيل إن محمد محمود التركزي مصحح القاموس قد درس هناك أيضا، حين سافر إلى الشرق “.
وأضاف أنه “لا غرابة أن يثني الركب فطاحلة العلماء عنه، من هم دونهم في تلك المدرسة، ما دام أنها كانت محضنا علميا يعز نظيره، فهذا محمد المختار “كان عالما جليلا يدوي صيته في كل الجهات، وهو فريد في العلم والقراءات، فإليه يصار في حل المعضلات، وفتح أبواب المشكلات” ؛ لذلك باحثه جمع كابن التلاميذ التركزي، والشيخ ماء العينين القلقمي، وابن علي المجرادي، وغيرهم”.
وأشار إلى أنه “نتيجة تفاعلهم مع قضايا المجتمع المستجدة؛ فقد كانت لهم فتاوى، تعالج تلك المستجدات، إذ جمعت في ذلك النوازل، فبلعمش الكبير جمعت نوازله، وتوجد نسخة منها عند القاضي محمد بن سعيد الغرمي الجراري كما ذكره صاحب المعسول”.
تابع أن “أحمد (يـُﮕْـنَ)، فقد “كان في علم النوازل بارعا، كما هي عبارة المعسول؛ لذلك “كانت الاستفتاءات، والأسئلة العلمية، وأهل الدعاوى يترددون عليه”.
قضاة
أما القضاء، يورد محدثنا “فإنهم كانوا أهل بجدته، لذلك عين بعضهم بظهائر في عهد السلطان الحسن الأول، كما هو الحال مع أحمد بن محمد المختار الذي عين بظهير 24-08-1303ه/28-05-1868م ، “وقد رأى المختار السوسي ظهائر ملكية، وظهائر لأهله قبله في يد أحفاده، وهو ما دونه في المعسول”.
كما عرفت الأسرة، يضيف كرماط بـ”التدين، وفقاهة نفس في القضاة، منهم على الخاصة ينفذون بها إلى الحق للقضاء به، وقد جاء في رسالة محمد المختار السابقة الذكر حكاية عن والده بلعمش الكبير في الحكم بين جكنيين من أبناء موسان في أمر وزرة كل منهم يدعي أنها له من غير بينة، فسألهما عن القرآن، فأجاب كلاهما أنهما يحفظانه، إلا أن أحدهما ماهر فيه، والآخر ليس كذلك، فأمرهما بقراءة يس، فقرأها غير الماهر دون أن ينظر إلى وجه الشيخ دون تلجلج، وأما الماهر فقرأها ناظرا إلى الشيخ بعد أمره له بذلك فتلجلج؛ فبان له بذلك من صاحبها”.
وخلص إلى أن “ما ذكر هي بعض إضاءات حول الجوانب التي برزت فيها أسرة بلعمش، الذي نتفرق منهم علماء إفتاء وقضاء؛ بوأت تلك الأسرة المكانة السامقة في مجتمعها؛ لما تميزت به من حضور وازن وفاعلية؛ مما خلدها في ذاكرة التاريخ، وحفر لها الأثر الطيب في نفوس الصحراويين”.
الحلقات السابقة
عائلات من الصحراء: أهل الشيخ بيروك.. عائلة بسطت نفوذها التجاري من وادنون إلى السودان
عائلات من الصحراء: أهل العرابي..شبكة وكلاء تجاريين مسلمين ويهود بين الصويرة وتمبكتو
عائلات من الصحراء: أهل بوكَرين.. محافظ صاغ “عقد الخاوة” وأنقذ مدونة زاوية آسا من الضياع
عائلات من الصحراء: أهل لعريبي.. “خرقت” قاعدة انتماء وامتلكت منازل للكراء بتمبكتو