2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
يسر جريدة “آشكاين” الإلكترونية أن تضع بين يدي قرائها الأعزاء سلسلة تاريخية تتقفى أثر العائلات والأسر الصحراوية التي كان لها أثر بليغ في الصحراء المغربية، وذاع اسمها نظير ما بذلته في مجالات مختلفة من الحياة من خلال ركن “عائلات من الصحراء”.
سنتطرق في حلقة اليوم إلى عائلة أهل الكوري، والتي عرفت في مجال وادنون بمراقبتها لأهم المواقع الاقتصادية الحساسة في المنطقة، وعلى رأسها سوق الخميس بتيغمرت بواد نون، الذي كان أحد أعيان العائلة مؤتمنا عليه، وشهد أحداث اختطاف وبيع الأخصاصي الذي تحول من عبد تم بيعه في السوق المذكور إلى قائد مخزني أخمد “ثورة بوحمارة”.
النسب
ويورد الباحث في التاريخ، عبد الهادي المدن، الذي يرافقنا في هذه السلسة، أن “أسرة أهل الكوري تنتسب إلى الشيخ الكوري لأول، الذي عاش في القرن 18، وكان أحد زعماء قبيلة تكنة، بلفيها، وكان هو زعيم لف آيت بلة، التي تضم قبائل آيت ياسين وآيت مسعود وأزوافيط، وآيت احماد آيت ابراهيم”.
وأشار المدن إلى أن “اسم الشيخ الكوري يرتبط في تاريخ المنطقة بالسوق الكبير “كويرت السوق”، وهو السوق السابق لكلميم المعروف حاليا بسوق أمحيريش”.
تنازل عن السوق
وأوضح المدن نقلا عن الباحث نعيمي، أن الأخير يرى أن “الشيخ الكوري تنازل عن حق السوق، سوق تكنة، لصالح أهل بيروك، حتى يبعد السوق عن مجال أزوافيط، لأن السوق هو مجال ارتياد القبائل بمختلف أصولها، سواء الصحراوية القادمة من الجنوب، أو القبائل الجنوبية القادمة من الشمال، من الأطلس الصغير الغربي”.
ولفت الانتباه إلى أن “الأسواق ظلت مجالا محتملا للصدام بين القبائل والأفراد، في ظل زمن القبيلة، رغم أ، القبائل العربية كانت تنظم الأسواق والمواسم المنعقدة في وادنون، إلا أن ذلك لا يمنك من بعض الصدامات التي تحركها النعرات القبلية والتنافس حول الموارد والمراعي والمجالات، خاصة مجالات الواحات، التي تعد أبرز مكون في مجال وادنون، وكان أبرز هذه الواحات تيغمرت وأسرير والقصابي، وازريويلة، وغيرها”.
ممثل أزوافط في الاتفاقات العرفية
وأكد أن “الشيخ الكوري الكبير هو أبرز الشخصيات التي ظهرت معها أسرة أهل الكوري في مجال وادنون وتبوأت مكانة اجتماعية، وكانت تعد هي ممثل أزوافيط في كل الاتفاقيات العرفية التي كانت توقع مع القبائل، سواء القبائل بوادنون، أو القبائل الصحراوية مثل أولاد دليم والركيبات”.
وشدد على أن “الأحلاف القبلية كانت هي المسير للحياة الطبيعية، والمنظمة لمجال مرور القوافل الذي يخترق المجال الجغرافي لكل قبيلة، مرورا بوادنون إلى الساقية الحمراء ثم تيرس، وصولا إلى أدرار”.
مراقبة سوق الخميس بتيغمرت
وأردف أنه “بعد الشيخ الكوري الكبير، تبوأ زعامة الأسرة، أي زعامة آيت بلة بقبيلة أزوافيط، الشيخ محمد احماد الكوري، وهو شخصية لها عدة وثائق اطلع عليها الباحث، تفيد أنه كان يمثل آيت بلة في اتفاقيات بين آيتوسى”.
وأشار إلى أن “الاتفاقية المذكور كان من ضمن الموقعين عليها محمد احماد الكوري الذي تظهر مكانته الاجتماعية من خلال مراقبته لسوق الخميس في تيغمرت، الشهير في مجال وادنون وسوس الأقصى بصفة عامة”.
اختطاف الاخصاصي وإخماد ثورة بوحمارة
من بين الأحداث التي شهدها سوق الخميس بتيغمرت، يسترسل المدن قائلا “بيع القائد الناجم الاخصاصي، الذي اختطف من الاخصاص وبيع في سوق “خميس تيغمرت”، قبل أن يلوذ بالفرار بعدما نقله مشتروه إلى قرية فاصك، وتحول من وضعية العبودية إلى قائد مخزني ساهم في ضبط التوترات القبلية التي شهدتها مغرب القرب 19، وتحديدا ثورة بوحمارة”.
وأضاف أن “الاخصاصي تمكن من إخماد الثورة والقبض على هذا الثائر، وهو ما يعطي مكانة مرموقة، لخميس تيغمرت ، الذي كان تحت مراقبة الشيخ محمد احماد الكوري”.
تجزيئ السلطة
وأردف أن “الشيخ محمد احماد الكوري، كان زعيما قبليا في فترة الشغور المخزني، التي كان يعرفها وادنون، علما أن الأخير ينتمي للمجالات الهامشية، وكان الحضور المخزني فيها متقطعا، ومن الفترات التي وصل فيها النفوذ المخزني هي فترة القرن 19، وتحديدا سنة 1886 عندما وصلت حركة السلطان الحسن الأول إلى وادنون واستقر في المنطقة وأشرف على إعادة تنظيم المجال القبلي وتعيين مجموعة من القواد المخزنيين، وإعادة تقسيم الزعامات بعد أن كانت الزعامة مختزلة في فئة معينة تركزت في ديها كل السلط”.
وأبرز أن “قبيلة أزوافيط عُين فيها أزيد من قائد، منهم القائد محمد احماد الكوري، والقائد المعطي والقائد علي احماد سالم، وقائد آيت مسعود، وهكذا تجزأت السلطة بين مجموعة من القياد المتنافسين”.
ويرى المتحدث أن “هذا التقسيم أفقد محمد احماد الكوري جزء من حظوته داخل القبيلة، حيث تتحدث الرواية الشفهية عن تنافس مجموعة من القياد لإسقاط هذا الشيخ، الذي لازالت بعض المعالم العمرانية شاهدت على زمن أهل الكوري في منطقة القصبة في “تمسوقت” قرب سوق الخميس الذي ذركناه سالفا”.
مصاهرة قبلية
وبين الباحث أن “قيمة أهل الكوري تتجلى بعلاقة النسب التي ربطتها بأسرة أهل الشيخ سيدي علي شقيق الشيخ ماء العينين، حيث تزوج إحدى بنات هذه الأسرة، وهو نوع من زواج بين أسرة دينية، وأسرة زعمة قبلية ما أدى إلى ما يمكن أن نسميه بالزواج المصلحي”، حسب تعبيره.
وأردف أن “هذا النوع من المصاهرة كان سائدا بين الأسر العلمية أو التجارية، كما هو الشأن في مصاهرة أهل بوشبوك وأسرة أهل العرابي، وأهل بيروك في مصاهرتها مع مجموعة من القبائل، كأهل الدليم، وهو مظهر اجتماعي يختزل ما هو سياسي واقتصادي”.
وخلص إلى أن “أسرة أهل الكوري لها رأس مال مادي، بعدما استغلت حضورها الاجتماعي الوازن في مجال وادنون، من خلال الحقول المسقية والعقارات، كما يتحدث بعض الباحثين على أنها مارست التجارة الصحراوية وكان لها وكلاء في بلاد السودان الغربي”.
الحلقات السابقة
عائلات من الصحراء: أهل الشيخ بيروك.. عائلة بسطت نفوذها التجاري من وادنون إلى السودان
عائلات من الصحراء: أهل العرابي..شبكة وكلاء تجاريين مسلمين ويهود بين الصويرة وتمبكتو
عائلات من الصحراء: أهل بوكَرين.. محافظ صاغ “عقد الخاوة” وأنقذ مدونة زاوية آسا من الضياع
عائلات من الصحراء: أهل لعريبي.. “خرقت” قاعدة انتماء وامتلكت منازل للكراء بتمبكتو